تحليل رواية فرانكشتاين في بغداد

كتابة:
تحليل رواية فرانكشتاين في بغداد

التحليل الموضوعي لرواية فرانكشتاين في بغداد

فرانكشتاين في بغداد للكاتب العراقي أحمد سعداوي، رواية استخدمت شخصية أجنبية عُرفت في روايات الرعب، لرواية تُحاكي الواقع العراقي الذي كان شائعًا بعد حرب عام 2003م؛ حيث اعتاد العراقيون على الاستيقاظ على أصوات المدافع والموت، وفي شتاء عام 2005م بالتحديد ازدادت حدة الانفجارات كثيرًا وازدادت أعداد الضحايا والأموات في كل يوم أكثر من السابق.[١]


بطل الرواية وهو هادي العتاك الذي يعيش في حي بسيط من أحياء العاصمة بغداد، فتخطر له فكرة أن يلصق مجموعة من الأجزاء الجسدية المتناثرة بعضها مع بعض حتى تشكل جسدًا إنسانيًا جديدًا، فيحدث أن تدب الروح في ذلك الجسد البشري غير المتناسق ليكون هو فرانكشتاين بغداد.[١]


يروي هادي لزبائنه حكايته تلك ولكنّهم يتبادلون الضحكات فيما بينهم دون أن يصدق واحد منهم ذلك الحدث الفظيع، ولكنّ أحدًا من الرجال يشك بالأمر فيُحاول أن يجند مجموعة من الأشخاص لتحري ذلك الأمر، تتسارع الأحداث ليكتشف كل واحد من زبائن عبد الهادي أنه هو فرانكشتاين بغداد أو أنّه يمد تلك الشخصية البشعة المخيفة بالقوة لتنمو أكثر وتتجول في شوارع بغداد، تنتمي الرواية إلى تيار الرعب، وقد تعمد الكاتب ذلك ليعرف الإنسان كمية القبح الداخلي الذي يُعاني منه بعد الحرب، وكأنه هو الشخصية الأليمة التي يخاف منها ويبحث عنها.[١]


التحليل الأسلوبي لرواية فرانكشتاين في بغداد

استخدم الكاتب أسلوبًا مميّزًا في تلك الرواية؛ إذ إنه دمج بين الرواية بأحداثها المتخيلة والواقع بأحداثه المعروفة، فنتج عن ذلك قالب مميز للرواية يستهوي القارئين، واستخدم الكاتب الخيال في قالب علمي، فأشبعت الرواية تلك رغبة الباحثين عن روايات الخيال العلمي، لتكون مصبوبة في قالب من الواقعية، وقد تأثر الكاتب بمجموعة من الروايات حتى خلق ذلك العمل بين يدي قارئيه ومن أهم الروايات التي كان لها أثر واضح في فرانكشتاين بغداد رواية شيلي.[٢]


استخدم الكاتب أسلوبًا غير سهل وطريقة غير منظمة في عرض الحلقات المتصلة بالرواية من قصص فرعية، وقد تعمّد الكاتب ذلك حتى يعمل القارئ عقله فيُحاول دائمًا أن يبحث عن الحلقة المفقودة ويضعها في مكانها الصحيح، وقد برزت في الرواية مجموعة من الأصوات التي كادت أن ترمي الرواية في عالم التيه لكن شيئًا من ذلك لم يحدث.[٢]


ومن ضمن تلك الأصوات الصوت الواقعي الاجتماعي، والصوت الإنساني، وصوت الفقر، وصوت السياسي، وصوت المندس، وقد ترك الكاتب خيوط الرواية مفتوحة غير معقودة حتى يعقدها القارئ على الوجه الذي يُحب، بناءً على وجهة النظر التي يتبنّاها ووفقًا للمجتمع المحيط به.[٢]


الاستعارة والصور الفنية في رواية فرانكشتاين في بغداد

برزت في الرواية مجموعة من الصور الفنية التي تُعين على توضيح الصورة أكثر في ذهن القارئ، خاصة أنّ موضوع الرواية في أصله وصفي؛ أي أنّه يصف الواقع العراقي عقب الأحداث الدامية، ومن ذلك: "أنا الردُ والجوابُ على نداء المساكين، أنا مخلص ومنتظر ومرغوب به ومأمول بصورة ما، لقد تحرّكت أخيرًا تلك العتلات الخفية التي أصابها الصدأ من ندرة الاستعمال، عتلاتُ القانون لا تستيقظ دائمًا، اجتمعت دعوات الضحايا وأهاليهم مرة واحدة ودفع بزخمها الصاخب إلى تلك العتلات الخفية، فتحركت وأحشاء العتمة وأنجبتني أنا الردُّ على ندائهم برفع الظلم والاقتصاص من الجناة".[٣]


إنّ هذه الاستعارات الكثيرة التي خلفها الكاتب وراء بعضها كفيلة أن تُوضّح صورة الرعب التي تعاني بغداد منه.[٣]


الحوار والسرد في رواية فرانكشتاين في بغداد

استخدم الكاتب الحوار بين شخوص الرواية من أجل إيضاح الأفكار التي يؤمن بها ويُحاول إيصالها للقراء، ومن ذلك ما ورد على لسان أحد شخوص الرواية مخاطبًا هادي: "أنت مجرد ممر يا هادي، كم من الآباء والأمهات الأغبياء أنجبوا عباقرة وعظماء في التاريخ، ليس الفضل لهم وإنما لظروف وأحوال وأمور أخرى خارجة عن سيطرتهم، أنت مجرد أداة أو قفاز طبي شفاف ألبسه القدر ليده الخفية حتى يحرك من خلالها بيادق على رقعة شطرنج الحياة"، إنّ هذا الحوار يحمل هالة من الطاقة السلبية والعبثية التي كانت مسيطرة في تلك الفترة على أجواء بغداد، وبذلك يعكس الكاتب تلك الحالة السيئة على شكل نص أمام القارئ.[٤]


تحليل شخصيات رواية فرانكشتاين في بغداد

تعد الشخصيات من أهم عناصر الرواية، وقد وردت في الرواية مجموعة من الشخصيات التي كان لها أثر واضح في ضبط سير الرواية والتأثير فيها، ومن تلك الشخصيات ما يأتي:[٥]

  • هادي العتاك: هو بطل الرواية يبيع الخردوات في أحد أحياء بغداد القديمة، وهو الأكثر تأثيرًا في سير الرواية قام بإلصاق مجموعة الأجزاء البشرية وجعلها جسدًا واحدًا له ماهية واحدة.
  • فرانكشتاين: الشخصية التي يحكي عنها هادي وأنّه من قام بصنعها وهي تثير الرعب في شوارع بغداد ولكنّ أحدًا لا يُصدق وجودها.
  • العميد سرور مجيد: مدير لدائرة المتابعة والتحقيق، كان له رأي آخر بشأن فرانكشتاين فقد شعر أنّ في القصة جزء من الحقيقة وليست متخيلة بجميع أجزائها، وقد ساهم في الكشف عن فرانكشتاينم من خلال الرجال السريين الذين جندهم للبحث عنه.


آراء نقدية حول رواية فرانكشتاين في بغداد

تعرضت رواية فرانكشتاين لمجموعة من الدراسات والآراء النقدية بسبب حساسية الموضوع المتناول، ومما جاء في ذلك:

  • وسن ليلو: "تعد الرواية من أدب الواقعية السحرية التي تعالج الأحداث والظواهر الاجتماعية والسياسية بطريقة غرائبية تخيلية حيث تدور أحداث الرواية في حي البتاوين أحد أزقة بغداد".[٦]
  • رحيق أبو زينة: "في رواية فرانكشتاين لم يعتمد سعداوي أسلوبًا أو نمطًا واحدًا في السرد، بل يمكن القول إنّه اعتمد نمطين أو أكثر".[٧]


فرانكشتاين الشخصية المخيفة التي تقبع في كل إنسان على حدّ تعبير الكاتب، فهو إمّا أن يكبح جماحها فلا تظهر للآخرين وإمّا أن يجعلها تسير في الطرقات فتنشر الفزع والخوف بين الناس.


المراجع

  1. ^ أ ب ت وسام الخالدي، صورة الحرب في رواية فرانكشتاين، صفحة 137. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت رحيق أبو زينة، فرانكشتاين في بغداد دراسة نقدية تحليلية، صفحة 13. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "فرانكشتاين في بغداد"، كود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 17/9/2021. بتصرّف.
  4. "اقتباسات من رواية فرانكشتاين في بغداد"، أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 17/9/2021. بتصرّف.
  5. عادل أحمد، خضر علي، بحري خدادادا، سيميائية الشخصيات في رواية فرانكشتاين، صفحة 235. بتصرّف.
  6. وسن ليلو، الواقعية السحرية في رواية فرانكشتاين، صفحة 1341.
  7. رحيث أبو زينة، فررانكشتاين في بغداد دراسة نقدية تحليلية، صفحة 214.
5347 مشاهدة
للأعلى للسفل
×