تحليل قصيدة الأرملة المرضعة

كتابة:
تحليل قصيدة الأرملة المرضعة


تحليل قصيدة الأرملة المرضعة

التحليل الموضوعي للقصيدة

إن المتأمل لهذه القصيدة يجد أن الشاعر يعبر في هذه القصيدة عن موضوع إنساني يتجلى في حديثه عن معاناة المرأة التي يتوفى زوجها في المجتمعات العربية، وكيف ينقلب حالها إلى فقرٍ مدقع، بعد أن يتخلى المجتمع وينبذها، فتدخل في حالة من الضياع والحزن علي زوجها الميت وعلى حالتها التي آلت إليها.[١]


ومن ثم نجد الشاعر يتحدث عن حال هذه المرأة التي تترمل وهي تملك طفلا رضيعًا، فهذه المرأة أصيبت بمصابين، فهي فقدت الزوج والمعين، وهي الآن مسؤولة عن هذا الطفل من رعاية وإطعام وعلاج، فالشاعر ينطلق في هذه القصيدة ليعبر عن همٍّ إنساني تعانيه المرأة العربية التي تفقد رجلها وسندها،[١] كما نرى في الأبيات الآتية:

لقيتها ليتني ما كنت القاها

:::تمشي وقد أثقل الأملاق ممشاها

أثوابها رثّةٌ والرجل حافية

:::والدمع تذرفه في الخدّ عيناها

بكت من الفقر فاحمرّت مدامعها

:::واصفرّ كالورس من جوع محيّاها

مات الذي كان يحميها ويسعدها

:::فالدهر من بعده بالفقر أشقاها

الموت أفجعها والفقر أوجعها

:::والهمّ أنحلها والغمّ أضناها

فمنظر الحزن مشهود بمنظرها

:::والبؤس مرآه مقرون بمرآها[٢]

التحليل الفني للقصيدة

إن المتأمل لأبيات هذه القصيدة يجد أن الشاعر يقدم لنا قصيدتها وكأنها قصة سردية يعبّر فيها عن موقف حدث معه لكن بصبغة شعرية، فالشاعر يوظف الشعر ليعبُرَ من خلاله إلى دواخل القارئ ليثيره وليحرك مشاعره تجاه هذه المرأة التي تعاني من الحرمان والعوز.[٣]


فنرى الشاعر يصف هذه المرأة بحال يرثى لها، فهي تمشي بأطمار ولباس بالٍ، وقد ظهر على وجهها الشحوب والتعب والجوع، ففهم من حالتها الخارجية أنها مفجوعة بزوجها، الذي مات وخلفها بلا معين، فنرى الشاعر يتهم الدهر ويلقي عليه اللوم، فيصفه بالرجل الذي اعتدى عليها ومزّق ثوبها وتركها شبه عارية، ليلسعها البرد مثل العقرب.[٣]


ومن ثم يرسم لوحة تتجلى فيها هذه المرأة وهي تحمل رضيعًا بيدها، وقد لفتها بأقمشة ممزقة تدعو ربها بأن يرزقها حتى يدب اللبن في ثدييها؛ لترضع هذه الطفلة قبل أن تموت جوعًا، فالشاعر كان يقف قريبا يسمع ويرى وينسج في مخياله هذه اللوحة الشعرية، التي تعبر عن أزمة أخلاقية يعانيها المجتمع العربي،[٣] كما نرى في الأبيات الآتية:

تمشي وتحمل باليسرى وليدتها

:::حملاً على الصدر مدعوماً بيمناها

قد قمّطتها بأهدام ممزّقة

:::في العين منثرها سمبحٌ ومطواها

ما أنس لا أنس أنيّ كنت أسمعها

:::تشكو إلى ربّها أوصاب دنياها

تقول يا ربّ لا تترك بلا لبن

:::هذي الرضيعة وارحمني وإياها[٢]

التحليل الإيقاعي في القصيدة

لا مراء في أن الإيقاع عنصر أساسي في أي قصيدة شعرية فهذه القصيدة تنتمي للبحر البسيط، وهو بحر يتميز بالإيقاع الهادئ الذي يوافق موضوع هذه القصيدة بالإضافة إلى أنه من البحور الطويلة التي تمتد لأربعة مقاطع، وهذا الأمر يتفق مع غرض الشاعر الرامي إلى الوصف والإطالة. [٤]

بالإضافة إلى أن القصيدة تبدأ بمطلع مصرع، ونقصد بالتصريع توافق أواخر الشطرين في السطر الأول بالروي والقافية، وهذا الأمر جاء جريًا على عادات العرب في التأليف الشعري، وهو من الأساليب المحببة عندهم، لأنه يؤدي إلى ابتداع موسيقى داخلية.[٤]

الموضوعات الرئيسة في القصيدة

تناولت هذه القصيدة جملة من الموضوعات وهي على النحو الآتي:

  • تحدث الشاعر عن حال المرأة التي تفقد زوجها في ذلك العصر وما تعانيه من إهمال.
  • تحدث الشاعر عن أزمة أخلاقية تتمثل بتخلي المجتمع عن المرأة الأرملة وتركها تعاني الجوع والبرد والحزن.
  • تحدث الشاعر عن حال الرضيعة كيف أن الجوع أرهقها حتى أنها ما عادت تصيح طلبًا للحليب، فقد جفّ ضرعا أمها من الجوع هي الأخرى.

المراجع

  1. ^ أ ب دعاء العضيبات (11/12/2020)، "قصيدة – لقيتها ليتني ما كنت ألقاها"، عربي، اطّلع عليه بتاريخ 26/2/2022. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "لقيتها ليتني ما كنت القاها"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/2/2022. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت دغفل زينب، بلحاج لمية، الأرملة المرضعة لمعروف الرصافيدراسة أسلوبية، صفحة 22-28. بتصرّف.
  4. ^ أ ب دغفل زينب، بلحاج لمية، الأرملة المرضعة لمعروف الرصافي دراسة أسلوبية، صفحة 38-39. بتصرّف.
8265 مشاهدة
للأعلى للسفل
×