محتويات
كورونا والاقتصاد
- ذكر أهم المشكلات التي واجهت العالم في ظل كورونا.
- ذكر تأثير ذلك المرض على الحياة التعليمية.
- الحديث عن الإحصائيات العالمية للبطالة والفقر.
- الحديث عن الحلول البديلة للأسواق الواقعية.
المقدمة: كورونا: مخاوف اقتصادية طارئة
مرض استطاع أن يقلب موازين العالم، فكان بشكل أو بآخر محور الاهتمام لكافة الأشخاص على وجه هذه الأرض، ينتشر فايروس كورونا بسرعة كبيرة بين النّاس وتكون أعراضه شبيهة بأعراض نزلات البرد، ولكن تتفاقم الأعراض فيما بعد حتى تؤدي في أوقات عديدة إلى الموت، لقد شكّل هذا المرض شبح خوف للعالم بأكمله، وكثيرة هي الدول التي أعلنت عن الإغلاق التام في ظل هذه الأزمة لخطيرة، حتّى أنّ المدن باتت أشبه بمدن الأشباح فلا يُمكن الخروج من المنزل إلا بتصريحات حكومية أو لأمور طارئة، وأغلقت المحال التجارية أبوابها وأعلنت الشركات عن إغلاق تام حتّى يوضع حد لهذا الفايروس الخطير الذي باتت ضحاياه عبارة عن أرقام على الشريط الأحمرالإخباري.
بدأت المخاوف الدّولية من حلول أزمة اقتصادية بعد تعطّل السوق العالمية وإغلاق المطارات وتوقف حركة النقل التجاري والتهافت على الأسواق من أجل الحصول على المواد والسلع الأساسية التي لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها من الطعام والشراب والأدوية، فكان ذلك بداية عادات استهلاكية سلبية أصبحت من صلب حياة الإنسان، حتى إنّ الواحد منهم إن استطاع تأمين حاجيات أكثر من الآخر فإنّه يشعر بالفخر عليه ويضع على صدره وسام البطولة، إنّ زيادة الاستهلاك والإنفاق أصبح يؤثر على الاقتصاد بشكل كبير وزادت المخاوف من حلول كارثة اقتصادية تقودوها كورونا، وخاصة أنّ تطوّر الوباء يزيد في احتمالية الإقفال أكثر وبالتالي تعطل الحياة والاقتصاد بشكل أكبر.
زادت مخاوف رؤوس الأموال من الانهيار المفاجئ للشركات التي يقودونها مثل شركات الطيران والسيارات والتي توقفت بشكل تام أو شبه تام، وصارت التنقلات مسموحة على الأرجل ولا يُسمح في السيارة إلا لبعض حالات الطوارئ وألا يزيد عدد الركاب فيها عن شخصين، لقد شُددت إجراءات الوقاية من فيروس كورونا حتى صار أيضًا شبح الحياة لا شبح الموت فقط؛ لأنّه أدّى إلى مخاوف عظيمة من الانهيار الاقتصادي الذي سيؤثر أولًا على الفئة الفقيرة من الشعب، خاصة أنّه أسهم في زيادة البطالة ونسب الفقر في المجتمعات التي تعتمد على الدّخل اليومي من أجل العيش، والمُهاجرين الذين يعتمدون على دخلهم اليومي من أجل تأمين نفقات بيوتهم وأجرة منازلهم.
كان كورونا بمثابة الخطر المحدق الذي يتربص بالنّاس مريضهم وصحيحهم حيّهم وميتهم، فكان الخوف في تلك الأوقات هو سيد الموقف بلا منازع، ووضع النّاس أيديهم على قلوبهم وهم متوجسون من النتائج العصيبة التي ستحل بهم وكأن كورونا توعدهم بالموت مرتين، مرة في الحياة ومرة عند الموت الحقيقي، لذلك فقد أسهمت مختلف الشركات بمحاولة الحد من ذلك الانهيار الاقتصادي الذي بات حتميًا في عيونهم.
العرض: التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا
بدأت كل دولة في عدّ العدة من أجل النظر في تأثير الفايروس الخطير على الاقتصاد الدولي بشكل عام، وعلى الصعيد الذي تعتمد عليه الدّولة نفسها في اقتصادها بشكل خاص، فلا مفر مثلًا من النظر إلى سوق النفط بالنسبة للدول الخليجية التي تعتمد عليه بوجه خاص في موازنة اقتصادها ودعمه، خاصة أنّ تلك الدول تعتمد بوجه خاص على توظيف عائدات النفط لرفع النمو في القطاعات غير النفطية، ولمّا خف الطلب على النفط تأثرت القطاعات الأخرى التي بدورها عانت من شبه توقف بسبب حظر الأيدي العاملة، وكان ذلك من أول التداعيات التي أثارها فايروس كورونا في الشرق الأوسط بشكل عام وفي الدول الخليجية بشكل خاص.
إنّ فايروس كورونا بمثابة الضربة القاسية للاقتصاد العالمي الذي كان يعاني في أصله من ضعف كبير وهشاشة عظيمة، فكان إغلاق المحال والشركات التجارية بمثابة اليد الخانقة للطبقة العاملة الفقيرة التي تنتظر أول يوم من كل شهر جديد من أجل إطعام أطفالها وتأمين مستلزمات المنزل التي لا بدّ أن توجد باقي أيام الشهر، لقد أسفر توقف حركة النقل التجاري بين الدول العالمية إلى ظهور ندبات حقيقية في الاقتصاد العالمي، وذكر الكثير من الخبراء الاقتصاديين أنّ نتائج كورونا على الاقتصاد العالمي ستكون طويلة الأمد، ولا يكون حلّ ذلك في يومٍ لا في أشهر ولا حتى في سنة، خاصة في ظلّ الإقفالات العامة التي ساهمت في شلل عظيم للبلدان العربية والعالمية، وقد تأثرت الدول العربية بذلك الإقفال أكثر من العالمية؛ لأنّ اقتصاد الدول العربية في أصله متأرجح أكثر من الدول المتقدمة الغنية.
تأثرت الأسواق المحلية والعالمية بتلك الإقفالات المتكررة، وبات صعبًا على صاحب العمل تكبّد الخسائر المتكررة التي يدفعها في كل شهر مثل مرتبات الموظفين -على الأقل بالنسبة للشركات التي تحملت دفع المرتب مع الإقفال- وأنواع البضاعة التي تتعرض للتلف والفساد بعد أن أغلق عليها، لقد أثرت جائحة كورونا على سوق العملات والأسهم تأثيرًا بالغًا وتدهورت أسعار النفط والمعادن حتى كانت في ظل الأزمة منخفضة انخفاضًا لم يُشهد قبل ذلك لعشرات من السنين مضت، وقد أدّت كلف الرعاية الطبية والأدوية واللقاحات إلى زيادة عظيمة في الضغوط التي تتحملها الدول المتقدمة، فليست جميع الدول مهيأة لتحمل نتائج صحية متدهورة مثل نتائج فايروس كورونا.
خلّف كورونا ندوبًا اقتصادية يصعب محوها مع تعاقب الأيام، خاصة في ظل الإقفالات المتكررة وغير المدروسة في الكثير من الدول النامية، إذ لم يُعوّض المواطن عن فقده لعمله إثر تلك الجائحة، ولم تتحمل الدول أيًا من المسؤوليات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن في مثل تلك الأحوال، إنّ كورونا كان بمثابة الصفعة الحادة على وجوه المستمثمرين الصغار، وضعيفي الكسب من الشعوب، واستطاع كذلك أن يهز عروش رؤوس المستثمرين.
الخاتمة: حلول الأزمة الاقتصادية في ظل كورونا
إنّ كورونا هو واحد من أكثر الأوبئة التي أثرت على الحياة بمختلف أشكالها، فقد أثرت على الحياة التعليمية والاقتصادية وعلى سوق العملات وعلى الزراعة وحتى الحصاد، وانقسم النّاس ما بين مكذب لذاك المرض يدعي أنّه واحد من المؤامرات الدّولية التي تحيكها الدولة المتقدمة للقضاء على اقتصاد الدول النامية والحد من تطورها، وما بين مصدق لذاك المرض أنفق جلّ ما يملكه من الأموال على المعقمات والمستحضرات الطبية والمناديل والكمامات وغير ذلك، وأيًّا كان موقف الإنسان من ذلك الوباء إلا أنّه مجبر على التعامل معه بشكل جدي، خاصة بعد انتشاره بشكل واسع حتى طال الأهل والأصدقاء وباتت الحالات لا تشكل فقط أرقامًا على التلفاز بل امتدت لتكون عيانًا على مَن نحبهم.
حلّت الأزمة الاقتصادية في ظل كورونا والتي صنفها الخبراء الاقتصاديين على أنّها أسوأ الأزمات الاقتصاية خلال الثلاثة عقود التي مرت على الإطلاق، فقد أدت كورونا وحسب الإحصائيات والتقارير التي أعدها الخبراء العالميون على أنّه قد استغني عمّا يقارب الـ 225 وظيفة دائمة، وقد أصبحت ساعات العمل أقل، فالمؤسسات التي كانت تداوم لثماني ساعات صارت تداوم لما يقارب الأربع ساعات على الأكثر، وزاد ذلك من نسبة الاحتكار للمواد التي يكثر عليها الطلب خاصة المواد الغذائية والمطهرات والمعقمات التي ارتفعت أسعارها بشكل جنونيّ، وانخفضت حركة الشراء العالمية وتوقفت الكثير من العقود التي وقعتها الشركات العالمية بين بعضها.
لكن بالمقابل انتشرت الأسواق الإلكترونية بشكل كبير حتّى صار الإنسان يشتري جميع متطلباته وتصل إلى بيته جاهزة معقمة دون أن يتكلف عناء الذهاب والتسوق والاتصال المباشر مع الناس، وانتشرت بذلك شركات التوصيل التي ألقت على عاتقها توصيل جميع المنتجات من جميع المحال التي لا تتوفّر فيها خدمة التوصيل، وانتشر كذلك التعليم الإلكتروني عن بعد بحيث صار الطلاب يتلقون المعلومات من أستاذهم عبر الشابكة الإلكترونية، أي باختصار يمكن القول إنّ السوق الإلكتروني قد استطاع أن يحل بشكل كبير مكان السوق الواقعي، حتى ألفه النّاس وباتوا يعتمدون عليه حتى مع عدم فرض حظر تنقل أو تجول، ولكن مع ذلك فإنّ السوق الإلكتروني لم يستطع أن يحقق النجاحات الموجودة في السوق الواقعي، ولكن على أي حال فقد حاولت بعض الشركات استبدال الثاني الأول.
إنّ كورونا هو واحد من الحالات الطارئة التي تصيب الأسواق العالمية ما بين الحين والآخر، وقد استطاع الكثير من الأشخاص التكيف مع ذلك الوضع على الرغم من خطورته ولكن من باب السير مع التيار حتى لا يرفضه فيقتله، إلا أن هناك مجموعة كبيرة من النّاس لم تستطع حتى هذه اللحظة تأمين حياتها بعد المصائب التي حلت عليها إثر كورونا، ولكن يبقى الأمل هو حبل النجاة الوحيد الذي يتعلق به الإنسان، والشعوب كلها تتعلق أملًا في انتهاء هذا الفايروس الخطير عمّا قريب.