محتويات
تحضيرات البداية المنتظرة
كم ينتظر الطلبة ذلك اليوم الجميل الذي ينضمون بعده إلى المدرسة! فيحضرون له كثيرًا ولا يملون من التفكير به والتخطيط له، إذ يخرجُ الطلبة مع آبائهم وأمهاتهم قاصدين السوق لشراء الحاجيات وكلّ ما يخص المدرسة، فيشترون الملابس الخاصّة بالمدرسة وهو زي مدرسي بألوان محددة، وفقًا للمدرسة التي يودّون الانتساب إليها.
وغالبًا ما تلبس الفتيات زيًا مُكونًا من تنورة وقميص، أمّا الأولاد فيلبسون بنطالًا وقميصًا؛ إذ يمكن أنْ يكون الزي أخضر أو أزرق أو رماديّ اللون، كما يقصد الطلبة محل الأدوات المدرسية فيشترون الحقائب والدفاتر والأقلام والمقالم والألواح والألوان، وكلّ ما يخصّ الغرفة الصفية.
كثيرًا ما يتعمّد بعض الآباء إرسال أبنائهم إلى رياض الأطفال كلٌّ حسب عمره، وبالتالي يتعلم الأطفال هناك أساسيات القراءة والكتابة، كما يتعلّمون الحروف العربية والإنجليزية، وأساسيات الحساب والجمع والطرح بطرق مبسّطة تناسب سنهم.
يتعلّم الأطفال أيضًا كتابة بعض الكلمات البسيطة، حتى يصبح لديهم القدرة على تكوين الجمل وقراءتها وكتابتها، وبذلك يدخل بعض الطلبة إلى مدارسهم وهم قادرون على القيام بالعديد من الأشياء.
تُعدّ هذه الخطوة مهمةً في عصرنا الحالي؛ إذ أصبح من الضروريّ تعليم الأطفال القراءة والكتابة في سنِّ مبكرة؛ ليكونوا قادرين على مواكبة التطور العلمي السريع في عصرنا الحالي لتجنّب الجهل والأمية.
الجميع يأتي باشتياق ولهفة
ما إنْ يأتي اليوم الموعود حتى ننهض من نومنا فرحين لاستقبال هذا اليوم؛ نلبس ثيابنا وننطلق مع والدينا نحو المدرسة والسعادة تملأ عيوننا، وما إنْ نصل حتى نجد كل طفلٍ يقفُ مُمسكًا بذراع والده، منتظرين قدوم المعلمات والمعلمين للتعرف عليهم وتعريفهم بمرافق المدرسة، فيُسلّم الطلبة على معلميهم ويبدؤون بتلاوة الأسماء ليلتحق كل طالبٍ في صفه.
ما إنْ ينتهي المعلمون من تلاوة الأسماء حتى ينطلق الطلبة إلى صفوفهم، وقبل الذهاب يُودّع كل طالب وطالبةٍ والده، ويذهب بشوقٍ لدخول صفه الكبير ذي الدروج النظيفة واللوح الكبير والأرضيات اللاّمعة من شدة النظافة، فهو البيت الثاني الذي سننضمُّ نحنُ الطلبة إليه نصف النهار؛ إذ ينبغي أنْ يكون خاليًا من الجراثيم التي قد تتسبب لنا بالأمراض.
ما إنْ يتجمع الطلبة كافةً حتى نجلس جميعًا في مقاعدنا، منتظرين حضور البقية منْ أجل بدء التعرف على المعلمين، وما هي إلّا لحظات ويُودّع أهالي الطلبة المعلمين ويُقرع الجرس مُعلنًا بداية يوم جديد تملؤه الحيوية والنشاط، فيدخل كل معلمٍ إلى حصته ويبدأ بالتحدث إلى الطلبة ويسأل كل واحدٍ منا عن اسمه، فيجيب كل طالبٍ بحماس ذاكرًا اسمه.
بعد التعرف إلى أسمائنا يبدأ المعلم بتهيئة جو دراسيّ مُفعم بالحيوية والنشاط، ويحرص المعلمون على تهيئة الطلبة من خلال تسليتهم بأحاديث عادية، وإطلاق النكات وملاعبتهم، وغالبًا ما تستمر هذه الطريقة لمدة أسبوع من أجل ترغيبنا بالمدرسة والدراسة.
النشاط يملأ المكان
ما إنْ تبدأ الدراسة حتى نرى النشاط يملأ المكان؛ إذ يبدأ المعلمون بالتمهيد للدروس من خلال كتابة بعض الحروف والأرقام لنا حتى نتعرف على شكلها، ثم يطلب المعلم من الطلبة كتابتها أو كتابة بعضها، فنرفع نحن الطلبة أيدينا بحماسٍ ونشاطٍ شديديْن، ويتسابق كلّ منَا حتى يكون هو من يقع عليه اختيار المعلم.
ما إنْ يختار المعلم أحد الطلبة حتى يخرج الطالبُ مُختالًا يملؤه النشاط والفرح، وما إنْ يصل اللوح حتى يشير له المعلم إلى أحد الحروف المكتوبة ويسأله عن كيفية قراءته، فيبدأ الطالب بالقراءة بحماسٍ شديد، وما إنْ ينتهي حتى يطلب المعلم منا جميعًا التصفيق بحرارة لهذا الطالب المجتهد، ثم يخرج طالب آخر وهكذا.
يكتب المعلم الحرف الأول، ثم يطلب من الطلبة إخراج دفاترهم والبدء بالكتابة بخطَ مرتَب وجميل، ولمراعاة مستوياتنا نحن الطلبة يُساعدنا المعلم على كيفية إمساك القلم، كي يراعي جميع المستويات ويُعطي لكل ذي حقٍ حقه، وبذلك تسير الحصة بكل حيوية ونشاط وجدٍ واجتهاد وكلنا سعادةٌ بتلك الإنجازات العظيمة.
ما إنْ تنتهي الحصة حتى يُقرَع الجرس لإعطائنا استراحةً بسيطةً قبل بدء الحصة التالية، وما إنْ تتوالى الحصص ويأتي موعد الفرصة حتى ننزل جميعًا إلى الساحة فرحين لشراء الحاجيات من مصروفنا الشخصي، فنأكل ما اشتريناه من أطعمة صحية، ونعود إلى صفوفنا بعد قرْع الجرس الذي يُعلن انتهاء الفرصة وبداية حصة جديدة.
آباء وأمهات يبثون الأمان والحب
في الختام، لا ينسى الطلبة في نهاية يومهم هذا عودتهم إلى أحضان آبائهم وأمهاتهم، فقد بدؤوا يومهم بقُبُلات مطبوعةٍ على جباههم بعد أنْ أودعوهم لله وأرسلوهم في رحلتهم الدراسية واليومية، فهم بقبلاتهم تلك وبدعواتهم يبثون في قلوب أبنائهم الحب والأمان والشعور بالسعادة والراحة والطمأنينة.
يُرافق بعض الآباء أبناءهم إلى مدارسهم بسياراتهم الخاصّة حتى باب المدرسة، وينتظرونهم حتى يدخلوا الساحات، فلا تفارق عيونهم عيون أبنائهم إلا بعد برهةٍ من الزمن، كما تخرج بعض الأمهات مع أبنائهم في انتظار الحافلة المدرسية في الصباح الباكر، وبعد أن تأتي الحافلة تودّع الأم طفلها وتهم بالدخول إلى المنزل.
ما أجمل وجود الآباء والأمهات في حياة أبنائهم! فهم يبثون الأمل والحماس في دواخلهم منذ بداية اليوم الدراسي حتى نهاية اليوم؛ وذلك من خلال تشجيعهم على الجد والدراسة والمثابرة والسعي نحو بلوغ المرام، وتحضير المكافآت لهم على جهودهم وعلى العلامات التي يُحصِّلونها، كما يسمحون لهم باللعب تارةً وبالدراسة تارةً أخرى.
تروي الأمّهات القصص المليئة بالعبرة والفائدة لأبنائها؛ وذلك من أجل الاستفادة منها وتشجيعهم وتحفيزهم على الدراسة، كما يزور كثيرٌ من الآباء أبناءهم في المدرسة في وقتٍ لاحق للسؤال عنهم والاطمئنان عليهم وتشجيعهم؛ حيثُ يفرحُ الطلبة عند رؤية آبائهم قادمين إلى المدرسة، فيشعرون بالفخر أمام زملائهم، وتزداد دافعيتهم للدراسة.