تعبير عن التضحية في سبيل إسعاد الوالدين

كتابة:
تعبير عن التضحية في سبيل إسعاد الوالدين

إسعاد الوالدين واجب شرعي

ما أجمل أن يسعى المرءُ لإسعاد والديه اللذين بذلا جهدًا كبيرًا في إسعاده، فإسعاد الوالدين من الواجبات الشرعية التي ألزم الله عز وجل بها عباده الصالحين، وهو من البر بالوالدين الذي قدّره الله للأبناء، وحباهم به؛ ليذكرهم بضرورة إكرامهم على الفضل والمعروف الذي قدموه لهم بصغرهم، وعدم نكرانه، ويكون إسعاد الوالدين بالقيام بالعديد من الأمور الهامّة والتي قد تكون بسيطة، ولكنها تعني لهما الكثير.

ومن طرق إسعاد الوالدين التفوق في الدراسة والحصول على علامات عالية، إذ يفرح الآباء كثيرًا ويشعرون بالفخر الشديد عند نجاح أبنائهم في الدراسة، وحصولهم على درجات عالية، كما يمكن إسعاد الوالدين بالحرص على الصلاة وتلاوة القرآن من قِبل الأبناء، ويسعد الآباء عندما يكون لديهم أبناء ذوي سيرة عطرة وسمعة طيبة.

عندما يكبر الأبناء تتغير أسباب السعادة مع تقدمهم في العمر، فمن الأبناء من يُقدِّم لأبويه الهدايا الجميلة، والتي قد تكون هامة وضرورية ويستطيعون الاستفادة منها، كما يمكن التفوق في الجامعة وبلوغ درجات عالية، ودعوتهم إلى حفل التخرج وتكريمهم.

ويُسعد الأبناء أبناءهم عندما يقررون الارتباط والزواج، كما يسعدونهم عندما ينجبون لهم أحفادًا، ولا يمكن حصر الطرق التي يُسعد الأبناء آباءهم بها، فهي كثيرة ومتنوعة منها ما هو بسيط ولكنه يفرحهم كثيرًا، ومنها ما هو عظيم، وما نحتاجه في الحقيقة هو أن نُديم الفرح والبهجة في نفوسهم بغض النظر عن أسبابها.

إسعاد الوالدين يُبذَل له الغالي والنفيس

يعتبر إسعاد الوالدين من الأمور التي لا تقدر بثمن ويُبذل لأجله الغالي والنفيس، فليس هناك أعظم ولا أجل من إسعاد الوالدين، ورؤية الابتسامة تعلو مُحياهما الجميل، فلو استطعنا مثلًا زرع الابتسامة على وجوههم من خلال رحلة جميلة إلى مكان هادئ، فقد يُكلِّفنا ذلك بعض النقود، ولكن هذا لا يساوي شيئًا أمام ما فعلوه بالماضي لإسعادنا.

ومن الأفكار الجميلة أن نقوم بدفع تكاليف رحلة عمرة أو حج عنهما، فلا يمكن إحصاء الأجر الذي سنناله جزاء قيامنا بمثل هذا العمل الصالح، والذي سيكلفنا بعض النقود، ولكنه سيعود عليهم بسرورٍ ليس له مثيل، فلربما رفعوا أكفهم يدعون الله عز وجل أن يعطينا عظيم الخير والجزاء في الدنيا والآخرة، وأن يبارك في أعمارنا وصحتنا.

قد يضطر الأبناء للسهر طوال الليل، والعمل طوال النهار بهدف الدراسة، والتفوق، ونيل الشهادة التي تدخل السعادة إلى قلب والديهم، ويضطر بعض الأبناء أن يعملوا بوظائف صعبة يل وشاقة، ولكنهم يتحملون ذلك في سبيل جمع النقود لعلاج أحد الوالدين، أو ليجد شريكة حياة مناسبة فيعقد قرانه عليها كي يكوِّن أسرة تملأ قلوب والديه بالحب والحنان وكافة أسباب الفرح عندما يرون أنهم قد تركوا من بعدهم ذرية صالحة.

وقد يضطر أحد الأبناء إلى دفع مرتبه بالكامل في سبيل شراء أحد الأجهزة التي تساعد والديه في مرضهما، أو في القيام بكافة الشؤون المنزلية من أجهزة كهربائية متطورة بهدف تسهيل حياتهما، وكل ذلك يسهم في إسعاد الوالدين بلا شك.

التضحية في سبيل إسعاد الوالدين خلقُ الصالحين والأبرار

تعد التضحية من أجل إسعاد الوالدين من أخلاق الصالحين الأبرار، وقد نجد بعض الأبناء متخلفين عن هذا البر، فلا يسعون إلى إسعادهم بل ويتجاهلون تمامًا تقديم الخدمات التي تسعدهم، وإنما يسعون إلى إثارة البغض في النفوس، وعدم نيل الرِّضا، ومشاحنة والديهم دون إيلائهم أي اهتمام.

فهم لا يُلقون لهم بالًا ولا يؤدون لهم مصلحة، بل ويسعون إلى إغضابهم، وترك الحزن والحسرة في قلوبهم، ويعد هذا النوع من الأبناء عاقًّا لوالديه، فبدلًا من رسم البسمة على وجوههم، وزرع السعادة في قلوبهم، يزرعون الأشواك في دربهم فينامون على حسرة ويستيقظون على بؤس، متناسيين ما قدمه لهم والديهم من تضحيات في سبيل تحقيق أمنياتهم، وضمان عيشهم هانئين.

أما الأبناء ذوي القلوب الطيبة والحياة المليئة بالتضحيات، فهم منشعلون في سبيل إسعاد من قدموا أرواحهم فداءً لهم، وسهروا الليل، وحرموا أنفسهم من الراحة ومن اللقمة الهانئة، وألقوا أنفسهم في مهاوي الردى والبؤس غير مبالين بذلك كله؛ إذ لا يهمهم سوى إسعاد أبنائهم وتوفير كل ما يلزم لهم، فيكبر هؤلاء الأبناء الصالحون، ويقدمون كل ما بوسعهم من تضحيات تملأ حياتهم في سبيل نيل رضى الله عز وجل، ثم في سبيل إرضاء آبائهم، فهم لا يبالون بالمخاسر، إذ ليس هنالك ما يخسرونه بجانب حبهم لآبائهم وإخلاصهم لهم، وكل خسارةٍ تتلاشى أمام ضحكة الوالد والوالدة.

التضحية للوالدين لا تفي بعشر معشار حقهم

وأخيرًا؛ ما أجملها من لحظة عندما يرفع الوالدين أكفهم مُتضرعين لله عز وجل بأن يحفظنا، ويسعدنا، ويبارك لنا في أعمارنا، بعد لحظةٍ أسعدناهم بها، أو كلمةٍ ألقيناها على مسامعهم، أو تصرف قمنا به، فنجعلهم بذلك مبتهجين مسرورين.

وبالرغم من كل ما قد نفعله لهم نظلُّ مقصرين في حقهم، ولا نكون قد وفيناهم عشر معشار حقهم، فكم من لحظةٍ قدموا لنا فيها الكثير ليزرعوا الابتسامة على وجوهنا، قدموا لنا أغلى ما لديهم وهم بحاجة وفاقة، فكيف نستكثر أن نقدم لهم القليل ونحن في رخاء ونعمة، وبالرغم من ذلك كله فهم لا يبالون إلا برؤيتنا سعداء ومسرورين متمتعين بعافية الأبدان والنفوس.

لقد وهبت الأمهات حياتهن لأبنائهن عندما حملن وأنجبن، وتعرضن للخطر والآلام، وفترة الحمل من أصعب الفترات في حياة الأم حيثُ تكابد وتعاني في سبيل إنجاب أطفالٍ أصحاء، كما تنتهي فترة الحمل بآلام المخاض التي لا يعادلها ألمٌ في هذه الدنيا، ولكنها تنسى آلامها حالما تسمع صوت بكاء وليدها، الذي عانت الأمرين قبل أن تراه ولا ينتهي الألم بالولادة وإنما يبدأ فصلٌ جديدٌ من السهر والتعب، في سبيل إرضاع الطفل والسهر على مرضه وبكائه.

وللوالد نصيبٌ كبيرٌ من التضحيات، فمنذ اللحظة الأولى التي أصبح فيها أبًا حمل على عاتقه جميع المسؤوليات التي تمنح أبناءه حياة كريمة، فمع كل شيبةٍ ظهرت على رأسه قلبت صفحةٌ من صفحات التعب والمعاناة في سبيل توفير كل ما يلزم لأبنائه.

3319 مشاهدة
للأعلى للسفل
×