تعبير عن الحب بين الإخوة
خلقَ الله هذه الحياة، وبَناها على الحبّ، فالأمُّ ترعى صغيرها بالحبّ، والأب يقدِّم لأطفاله بالحب، ومن أسمى معاني الحب هو الحبُّ بين الإخوة، وسيتحدَّث هذا المقال عن موضوع تعبير عن الحب بين الإخوة، صغارًا يقتسمون حياتهم في بيت واحد فيقتاتون على الدِّفء والحنان والاهتمام، الأخت لا تشعر بهناء عيشها إلا حين يقاسمُها أخوها بعضًا من المشاكسات والضَّحكات، فتعبير الأخ عن مشاعره يختلف عن تعبيرها هي، فعندما يخبّئ لها ألعابَها، فتصرخ طالبةً النَّجدة من أمها هو الحبُّ بعينه.
يلعبون في الحيِّ فتحفظ جدرانه ذكرياتهم، فالطرقات في مثل هذه الأحوال هي الأوفى ذاكرة، يخطون أسماءهم على أحد الأبواب ظنًّا منهم أنَّها لعبة في دقائق، وستمضي، وإذا بالحياة نفسها تمضي وهذه الذِّكريات باقية، يقولون إنَّ الذاكرة هي الجزءُ الوحيد في الإنسان المملوك لغيره، لن يعيَ الإنسان معنى هذه الكلمات حتى يأتي يومٌ يمشي فيه كذاكرةٍ متنقِّلةٍ، لا يوقفه سوى بعض الضحكات التي ما زالت تتردد في أذنيه حتى الآن.
يقضون نهارَهم لاعبين ما بين شدِّ الحبل إلى مسابقات الركض، وغيرها من الألعاب الشَّعبية التي شاع ذكرها لديهم، فتوارثوها جيلًا بعد جيل، ثمّ يعودون مع مَغيب الشَّمس كأنهم عصافيرٌ تَعِبةٌ قد نالت الحياة ما نالته منهم من التَّعب، واتِّساخ الملابس، فيسمعون كلمات الأمّ المعتادة تنهرهم، وتتوعّدهم بجزيل العقاب إن عادوا لمثل هذا العمل، فيذهبون إلى فُرُشهم، وما إن يضعون رؤوسهم على وسادتهم حتى يبدأ النَّوم يداعب أهدابهم الصَّغيرة، كأفراخ من الحمام التي لا همَّ لها سوى ما هي اللعبة التي سيبدؤون بها يومهم التَّالي.
يكبرون قليلًا فيكون الأخ لأخته كالنسر الجارح الذي يحميها، هي مقدَّسة لا يمكن الاقتراب منها، فتبدأ ملامح رجولته بالظُّهور حنانًا، وأمانًا وظلًا لأخته الصغير، الآن لم يعد يغريه منظر عرائسها ليخطف أحدها راكضًا في أرجاء الحيِّ، ولن يسمح لنفسه أن يشكِّل حلفًا مع إخوته الصبية ليحتالوا عليها، هو الآن جسر قلبها وجدراها الذي لا تخشى أن تميل عليه.
عندما بعث الله بنبيّه موسى -عليه الصلاة والسلام- إلى فرعون طلب موسى من الله طلبًا عظيمًا فقال له: "وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي" [١]لم يطلب من الله ملكًا عظيمً، ولا مالًا وفيرًا، بل طلب أسمى من ذلك بكثيرٍ، وأهم لقد طلب أخاه هارون ليقوى به، ويعينه في هذا الحمل الكبير، إنَّه الأخ، تلك اليد الإلهية التي تساعدك كي لا تسقط في هذه الحياة.
هو ليس فقط موضوع تعبير عن الحب بين الإخوة، بل هو مواقفٌ حياتيَّة، سترافق الإنسان من لحظة ولادته حتّى رمقه الأخير، مستمتعًا بها، متذكّرًا لها، تاركةً في قلبه أثرًا لن يمحه تعاقب الأيَّام.
المراجع
- ↑ سورة طه، آية: 29-30-31.