تعبير عن الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة

كتابة:
تعبير عن الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة

المقدمة: الكلمة الطيبة غرس لا بد أن ينبت

الكلمة الطيبة غرسٌ لا بُدّ أنْ ينبت وينثر حوله العطاء بغض النظر عن مكان وصول أغصانه، فكم من كلمة طيبة نزلت على قلب إنسان وصنعت المعجزات وأعطت من الخير الكثير، وكم من كلمة طيبة وقعت في قلب امرأة فجعلتها سعيدةً منتعشةً وتُعطي من قلبها كل شيء.

عندما تسقط الكلمة الطيبة في أذني طفل لا يعرف كيفية إنهاء واجباته المدرسية ولكن بإلقاء تلك الكلمة على مسامعه يُصبح من الأوائل في صفه، ومن السباقين نحو إجابة الأسئلة والمشاركة في الحصص الدراسية، أو تقع في قلب رجل يعمل بجد ويسعى جاهدًا لتوفير أبسط التكاليف المعيشية لأطفاله فتُسعده وتُخفف عنه همومه.

العرض: الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة في الميزان

يُمكن تعريف الكلمة الطيبة بأنّها فاكهة طيبة تنتجها روح راقية، وهي زهرة تدخل حديقة القلب وتكبر به فتتفتح أجمل الأزهار فيه لتخلق أجمل حديقة، أمّا الكلمة الخبيثة فاسمها يدل عليها؛ فهي من الصفات العدوانية عند الناس الذين يتصفون بضعف النفوس وغرورها ويُسيطر الشر عليهم.

فلا يشعرون بمراقبة الله سبحانه وتعالى في ما يقولون وما يفعلون، ولو أنّهم فكروا في ما يُمكن أنْ يجلبه تأثير الكلمة الخبيثة على الآخرين لما تفوهوا بما يُسيء لهم، وفضلوا الصمت على ما يقولون، فالفرق بين الكلمات الطيبة والكلمات الرديئة واضح بلا شك؛ لأنّ تأثير الكلمة الطيبة على الآخرين وبناء المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الأخرى في العالم محفوظ في التاريخ ولن يزول.

عززت الكلمات الطيبة انتشار الإسلام في جميع أنحاء البلاد، كما أنّها تُعمر وتبني، وصدق القائل: "ليكن حديثُك سلسلا عذبًا فيروق للمغمومِ إنْ عَبِقَهْ"، كما أنّ الكلمات الطيبة تُرسخ أخلاق المسلمين وتُقوي إيمانهم وفهمهم للدين، فيسود بينهم الخير كما تختفي الخلافات التي تُؤثر على الأفعال وتُغير النوايا.

أمّا الكلام الفاسد فهو يجعل الناس يتراجعون ويتخلفون بين الأمم فيتفككون، والألفاظ الشريرة تسقط في قلوب الناس كسهام قاتلة، وتأثيرها يُعد خطيرًا على النفس البشرية، فتنتشر مشاعر الكراهية والبغضاء بين الناس، فهذه الألفاظ تضر بصاحب الكلمة والذي ينقلها والذي يتلقاها.

للكلام الطيب نوعان؛ أحدهما ما يكون في حق الله عز وجل؛ كالذكر والتهليل والتكبير والتسبيح والتضرع إلى الله عز وجل ودعائه، ومنها ما يكون في حق الناس كأنْ نُسلم عليهم عندما نراهم وأنْ نتعامل معهم بأدب وحسن الخلق وأنْ نثني عليهم بالحق، وبالكلمة التي تجعلُ قلوبهم سعيدة غير مغتاظة.

تُعد الكلمة الطيبة تمامًا كالنبتة التي يتعهدها الزارع منذ أنْ كانت بذرةً يضعها في التربة حتى تكبر وتُصبح نبتةً كبيرةً تُثمر، ومن أجمل آثار الكلام الطيب على العباد أنّها ساعدت في نشر الدعوة إلى الإسلام؛ لأنّ الإسلام لا ينتشر بالسيوف أو بالكلام الجارح، بل بالكلام الطيب والأمثلة الحسنة، التي يلتمسها المدعوون إلى هذا الدين الحنيف كما أنّ أثرها يطول وأجرها كبير عند الله تعالى.

حثت الشريعة الإسلامية عند الدعوة إلى عدم البخل بالكلام الطيب، والوفاء بأمانة الله، وأنْ ندعو الجميع بصبر وكلام طيب حتى وإن غضبوا ومهما كانت ردة فعلهم، ونأخذ من رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- خير مثال، فهو خير معلم عند الله تعالى، أرسل إلى الناس وكان لين الجانب ذو وجهٍ بشوش يبدأ كلامه بالطيب منه.

الكلمات الطيبة لها تأثير على الزوجات أيضًا، فكم من الأزواج يقولون لزوجاتهم كلام سيء، بل ويجعلون زوجاتهم ينسحبون ويشعرون بالمرارة، أمّا الرجل الذكي فيقول كلمات المديح والامتنان لزوجته، ويُشجعها، ويدعمها، ويُشعرها بأنّ لها دورًا مهمًا في حياته وحياة أبنائه.

ينبغي له أنْ يعينها في تربية أولادهم ويُساعدها في شؤون المنزل، وفي مرضها، فلا يُوجد أجمل من أنْ تسمع من زوجها كلماتٍ رقيقةً وعذبةً وأنْ يدعو الله لها بالشفاء وأنْ يلتمس لها الدواء والأطباء وأنْ يُساعدها بما يستطيع بماله ووقته وجهده.

كما أنّ تأثير الكلمات الطيبة على الأطفال واضحة، فما أجمل أنْ يدعو الآباء أطفالهم بالكلمات الطيبة والتوجيهات وأنْ يُرشدوهم إلى طريق الحق، وأنْ يحثوهم على التعلم ويُشجعوهم على القيام بذلك بالكلمات الطيبة، فهي طريقة جميلة لجعلهم يُحبون الدراسة والتعلم ويُحبب لهم نصح والديهم، ويجعلهم يرغبون في الاستماع إلى ما يقولونه وطاعتهم.

كما أنّ أثر الصراخ والكلام الجارح على الأطفال أيضًا واضح فلو حصل أحد الأبناء على درجة متدنية، فلا يجب إدانته ومعاقبته بشدة، وبدلاً من ذلك يجب أنْ يستخدم عباراتٍ وجملًا جميلةً؛ لتحفيزه وإغرائه بالهدايا والمال والرحلات لتشجيعه على تطوير نفسه ومتابعة تعليمه بجد واجتهاد، وبالتالي نيل أعلى الدرجات مستقبلًا.

يُمكن لجميع المعلمين تشجيع الطلاب على الفهم والتذكر بسرعة بإضافة عدد كبير من العبارات الملهمة، ممّا يجعلهم متحمسين للتعلم، وإعداد وحل الواجبات المدرسية، والسعي لرفع أيديهم والمشاركة في أنشطة التعليم في الفصل الدراسي.

كما يُمكن للمعلم بالاتفاق مع مدير المدرسة إرسال الطلبة الأكثر نشاطًا إلى غرفة المدير؛ لنيل جائزة تحفيزية ولو كانت بسيطة للغاية، ولكنها ستكون ذات أثر عظيم في نفوس الطلبة وستُشجع الآخرين على اتباع نفس الطريقة.

الخاتمة: الكلمة الخبيئة شجرة حنظل مر

ختامًا، شبه الله عز وجل الكلمة الخبيثة بشجرة الحنظل؛ لأنّها شجرة مُرة، أصلها غير مؤكد، وشكلها قبيح، فتجعل المشاهد مزعجًا، تمامًا مثل الكلمات الخبيثة التي تُؤذي صاحبها، فهي لا تُفيده كالكافر الذي لا يثبتُ على أمر ولا على دين ولا يهتدي للحق ولا يعرف طريق الخير، وقال تعالى: "مثلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار"[١].

المراجع

  1. سورة إبراهيم، آية:26
4083 مشاهدة
للأعلى للسفل
×