محتويات
الكلمة الطيبة والخبيثة كما السماء والأرض
تُعدّ الكلمة الطيبة من مكارم الأخلاق في الإسلام، تملأ القلب بالفرح والشعور الإيجابي، عكس الكلمة الخبيثة التي تترك أثرًا سيئًا في القلب، وتجعله يشعر بالحزن الكبير؛ لهذا فإنّ الكلمة الطيبة والخبيثة كما السماء والأرض لا يُمكن أنْ يستويا.
الكلمة الطيبة تخرج من إنسان ذي قلبه طيب، يحب أن يُحافظ على مشاعر الناس ويحفظ قلوبهم، ويحسب حسابًا لمشاعرهم حين يسمعون هذه الكلمة، أمّا الكلمة الخبيثة فهي مؤلمة جدًا، يشعر من يسمعها بالإحباط والألم، وقد تُسبّب له انتكاسات نفسية وجسدية كبيرة، خاصةً إذا كانت كلمة تحمل من الخبث الكثير.
لا يُمكن أن تستوي كلّ من الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة؛ لأنّ الكلمة الطيبة يكون لها وقعٌ في القلب والروح، يُشبه وقع المطر على الصحراء الجافة، فتنبت الزهور وتنتشر الخضرة في كلّ مكان في الروح، وتُصبح الحياة ملونة بأجمل الألوان.
أمّا الكلمة الخبيثة فهي تفعل فعل الناس في العشب اليابس، وتحيل القلب إلى جمرة مشتعلة بالألم والحزن، وقد تُسبّب الكثير من المشكلات والدمار النفسي والمعنوي وحتى المادي؛ لأنّها قد تتسبب بحدوث الفراق بين القلوب.
الكلمة الخبيثة تقتل المشاعر الجميلة في النفس، وتُسبّب الغضب الكبير، وقد تحدث بسببها أشياء لم تكن بالحسبان، مثل: دمار أسرة كاملة وتشريدها، وهدم استقرارها، ووقع الطلاق بسببها، عكس الكلمة الطيبة التي قد تمنع حدوث سلسلة طويلة من الأحداث المؤذية، فهي اختصار للشر وزيادة في الخير.
الكلمة الطيبة صدقة جارية
للكلمة الطيبة مكانة كبيرة في الإسلام، فهي صدقة كما وصفها نبينا العظيم محمد -عليه الصلاة والسلام-؛ لهذا من أراد أن يضع في صحيفة حسناته كلمة صادقة لا يزول أثرها ويدوم أجرها ولا يدفع ثمنها نقودًا أبدًا، فما عليه إلا أن يكثر من قول الكلمات الطيبة التي تزيل الهم وتمسح الغم عن نفوس الناس.
ينبغي أن يحرص أيضًا على أن تكون هذه الكلمة طيبة وصادقة في الوقت نفسه، وخالية من المعاني السلبية، وأن يحرص من يقولها على بث الفرح والأمل والتفاؤل في القلوب، وأن يكون مثالًا في قول الكلام اللطيف الجميل للناس.
الكلمة الطيبة تصل إلى القلوب والعقول وتُحررها من اليأس والحزن، كما أنّها تندفع الناس للحماس والعمل والجدّ والاجتهاد؛ لأنّها تشعرهم بقيمتهم وقدرتهم المعنوية الكبيرة.
إنّ الكلمة الطيبة تجعل الناس يفكرون بطريقة إيجابية، وينظرون إلى النصف الممتلئ من الكأس ويتركون النصف الفارغ، فهم بذلك يمتلئون بالنشاط ويشعرون أنّهم قادرون على التغيير، وكلّ هذا بسبب كلمة طيبة خرجت من نفس طيبة، وكانت مغلفةً بالنية الخالصة لله تعالى بأن تبني ولا تهدم.
قول الكلمة الطيبة عبادة جميلة وسهلة يستطيع أن يُمارسها الجميع، وهذا كلّه بالطبع من أفضل ما يقوم به الإنسان تجاه الآخرين، وهو أن يُشجعهم ويأخذ بيدهم ولو بالكلمة، ولا يترك في نفوسهم أثرًا للكلمات الجارحة أبدًا.
الكلمة الخبيثة سهم سام
الكلمة الخبيثة عدوٌ لنا ولقلوبنا، على عكس الكلمة الطيبة تمامًا، ففي الوقت الذي تكون فيه الكلمة الطيبة سيدة الموقف وأكثر ما يجعل القلب يفرح، فإنّ الكلمة الخبيثة سهمٌ سام قد يقتل القلب والروح، ويُسبّب حزنًا كبيرًا وانطفاءً لا نهاية له، وهذا كله بسبب كلمة مغلفة بالمعاني غير الجميلة.
يقصد بها صاحبها إيذاء الناس والتسبب في معاناتهم وكسرهم، فهو بكلمته السامة هذه استطاع أن يهدم كيانًا كاملًا في داخل الإنسان، فيشعر بأنّه عاجز عن فعل أيّ شيء، وهذا شعور سيء جدًا يُولد الحزن العظيم في القلوب المكسورة.
علينا أن تجنب قول الكلمة الخبيثة دومًا، فالكلمة الخبيثة تصنع من الإنسان المندفع المحب للحياة إنسانًا مكسورًا، وتجعله يرغب بالموت ولا يحب استمرار الحياة، كما أنها قادرة على زرع الشك فلي النفوس بطريقة خبيثة سامة، فمن الممكن أن تقلب الأب على ابنه وتقلب الزوج على زوجته والأخ على أخته.
تتسبّب الكلمة الخبيثة في نشوب المعارك النفسية والحقيقية، ولا تترك خلفها إلا الدمار الذي كان من المفترض ألّا يحصل أبدًا؛ لذا على كلّ شخص منا أن يُحاول ضبط كلماته ووضعها في ميزان واضح كي يعرف ما يجب أن يقال وما لا يجب ألّا يُقال؛ لأنّ كلمة واحدة فقط تُسبّب العديد من الكوارث التي لا نهاية لها، وربما تكون عواقبها وخيمة.
الكلمة الطيبة والخبيثة: أثر في النفوس
في الختام، لا بُدّ أن يتذكر كلّ شخص فينا قبل أن يتفوه بكلماته أنّ الكلمة الطيبة لها أثر إيجابي في النفوس، والكلمة الخبيثة لها أثر سلبي؛ لهذا على كلّ شخص ألًا يُحاول أبدًا جرح الآخرين بالكلمات الخبيثة كي لا يؤذي قلوبهم ونفوسهم ويحطم آمالهم، وكي لا يترك أثرًا سيئًا لا تمحوه الأيام.
الكلمة الطيبة تملأ القلب جمالًا وحبًا، وتُشعر من يسمعها بأنّ الدنيا جميلة بألوانٍ زاهية، وأنّ القلوب متحابة، وهذا يُساهم في بناء المجتمع ونشر التكافل والمودة والحب بين أفراده، فتختفي الكراهية من النفوس، وتُصبح أكثر نقاءً.
أثر الكلمة الطيبة والخبيثة في النفوس لا يظهر في اللحظة نفسها، بل قد يتراكم في القلب عبر الأيام والسنوات، ويُصبح الأثر أقوى بكثير ممّا يتصوره أيّ أحد، فالإنسان الذي أدمن على سماع الكلمات الطيبة ستكون روحه أجمل وسيكون مقبلًا على الحياة، وينظر إليه نظرة أمل وتفاؤل، ويسعى بكلّ ما فيه لأن يكون عند حسن ظن الجميع ويطبق ما سمعه من كلمات طيبة.
أمّا من اعتاد سماع الكلمة الخبيثة من بعض الأشخاص، لا بُدّ أن يمتلئ قلبه بالكراهية، ويشعر بأنّ الدنيا مظلمة في عينيه، الكلمة الطيبة مثل بستان الورد الذي يفوح عطرًا وجمالًا، بل هي مثل الشجرة المثمرة بأطيب الثمار، فهي سببٌ من أسباب الجمال، على عكس الكلمة الخبيثة التي تكون مثل النبتة السامة وطعمها مر.