المخدرات: سعي وراء الموت
هل تُراك التقيتَ شخصًا يَعشقُ الموت ويسعى إليه بكلِّ ما أُوتيَ مِن إرادةٍ وعزم؟ في الحقيقة يُعدُّ متعاطو المخدرات مثالًا واضحًا على الأشخاص السَّاعِينَ إلى الموت، فمقابل متعةٍ مؤقتةٍ ونشوةٍ لا تَتعدَّى الثواني، يُضحِّي هؤلاء بحياتهم، فيبتعدون عن أهلهم وأصدقائهم، ويَلتفُّونَ حول رفاق السوء ومُسوِّقي المخدرات وبائعيها.
شيئا فشيئًا تَتدهورُ حالة المتعاطي ويَرغبُ بالمزيد، فيَبحثُ عن تجربة أنواعٍ أخرى أكثر تأثيرًا وبالطبع أكثر خطورةً، وقد يَقعُ بعضهم ضحايا لتُجَّار المخدرات الذين يخدعونهم بالقول: إنَّ تلك الحبوب أو المواد المُخدرة ستُخفُّفُ التوتر وستُساعدُك على الإنجاز الدراسيّ، لكن هيهات هيهات.
المخدرات آفة آثارها وخيمة
للمخدرات آثارٌ سلبيةٌ مدمِّرةٌ لصحِّة الإنسان الجسديّة والنفسيّة والعقليّة؛ فهي تُؤثِّرُ على أعصاب الدماغ والكيمياء داخل المُخّ، وتُؤدِّي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض أَهَمّها أمراض الأعصاب والأمراض النفسية كالاكتئاب، والذهان الذي يُؤثِّر على القدرة العقلية.
لا تقتصر هذه الآثار على الفرد نفسه بل تَمتدُّ إلى محيطه الأسريّ والمجتمعيّ، فترى الشخص المُتعاطي للمخدّرات ضعيف الارتباط بأسرته، وكثيرًا ما يَصلُ به إلى إيذاء أقرب الناس إليه دون وعيٍ أو إدراك، وقد يَلجأُ بعض المدمنين إلى السرقة أو القتل للحصول عليها.
التعافي من المخدرات أمر ممكن
تَختلفُ نسبة تعاطي المخدّرات وتداولها من بيئةٍ لأخرى، فلا تَجدُ مجتمعًا خاليًا منها تمامًا، لذا تُحارب الحكومات عمليات تهريبها، وتَستمرُّ بإطلاق حملاتٍ توعويةٍ عن مخاطرها، لكن لو وقع شخصٌ ما فريسةً لتعاطيها، ماذا سيَكونُ الحل؟ هل سيَلقى عقوبة السجن للقضاء على حياته؟ وهل الحل في نبذه واحتقاره؟ بالطبع لا، فالأهمُّ بالنسبة له ولذويه علاجه وعودته إلى حياته الطبيعية.
تُساعد دولٌ كثيرةٌ على توفير مراكزَ صحيةٍ ونفسيةٍ لمعالجة الإدمان بأنواعه، لا سيِّما إدمان المخدرات، فتَضعُ للمُدمِن البرنامج المناسب له، وتَأخذُ بعين الاعتبار مدة تعاطيه ونوع المواد المخدرة التي أدمنها وعدد الجرعات التي اعتاد أن يتعاطاها، بالإضافة إلى إجراء فحوصاتٍ شاملة للكشف عن حالته، وما إذا كان يُعاني من أمراضٍ مزمنةٍ.
كما التفتت الحكومات في السنوات الأخيرة إلى أهمية علاج المدمنين، وشجَّعتهم على الاعتراف بجريمة التعاطي للحصول على العلاج، وتَعهدت بالحفاظ على سريَّة المعاملات التي تَخصُّهم، كما وتَسعى إلى إعادة دمجهم في المجتمع بعد علاجهم؛ ليُخبروا غيرهم بتجربتهم الصعبة فلا يُقدِمُ أحدٌ على هذا الأمر.
يَلعَبُ الأهل والمُقرَّبون دورًا كبيرًا في العلاج، فعليهم أن يَدعموا مريضَهم ويُشجِّعوه، فالدعم النفسي مهم جدًا خاصَّةً وأنَّ جميع المرضى يُعانون من الأمراض النفسية جرَّاء التعاطي، ويُعاني أغلبهم أعراضًا انسحابيةً صعبةً خلال فترة العلاج.
في نهاية الأمر، يجب أن يَعلمَ المتعاطي أنَّه لا يُوجدُ شيءٌ مستحيلٌ، فإذا تحلّى بالصبر والعزيمة يُصبح شفاءه أمرًا ممكنًا لا سيِّما في المراحل المبكِّرة، كما أنَّ علاجه مهمٌ لمنع استمراره في التعاطي ممَّا يُوفِّرُ على نفسه وعلى أفراد مجتمعه الكثير مِنَ الصعوبات.