محتويات
المدرسة عن بُعد حديث العصر
كثُر الحديثُ في عصرنا الحالي عن نظام الدراسة عن بُعد، وذلك بَعد انتشار وباء الكورونا، وقد رأى كثيرٌ من المسؤولين والمختصّين ضرورة التّقليل من الاختلاط بين الناس خاصةً طلبة المدارس؛ وذلك بسبب ارتفاع نسبة الطلاب الذين يرتادون المدارس كلّ يوم، إذ رأى العديد من المختصّين أنّ الحاجةَ مُلحةٌ للتباعد المدرسيّ؛ لذا ارتأى العديد من المسؤولين في الدولة لاستحداث نظام الدراسة عن بُعد، وذلك من خلال ابتكار العديد من المواقع والمنصّات التي تهتم بتعليم الطلبة، وتسهيل الدراسة عليهم نظرًا إلى كونهم لا يذهبون للمدارس ولا يستطيعون الحضور إلى المدارس وجاهيًّا كلّ يوم.
تمّ أخيرًا عمل منصّات مخصّصة لتعليم المواد، منها ما هو مجانيّ على نفقة الدولة، ومنها ما يتمّ دفع النقود مقابل الخدمة، أو مقابل شراء بطاقة لأحد الأساتذة أو المعلّمين، حيثُ تتابع الدروس من المنزل وعلى مرأى من الأهل، خاصةً للطلبة الصغار، حيثُ تستطيع الأمّ متابعةَ دروسِ أطفالها عن قُرب كما تستطيع التواصل مع المعلمات والمعلمين فيما يخصُّ مصلحة ابنها، ومتابعة علاماته وامتحاناته الشهرية والنهائيّة كلّ يوم دون الحاجة للذهاب إلى المدرسة، ولكن لا يعلم الكثيرون إن كانت هذه هي الطريق المُثلى للتعليم وهل هي مُفيدة؟ أم أنّها عبارة عن وضع مؤقت يُمكن زواله ولا فائدة منها؟
المدرسة عن بُعد بين المنافع والمضارّ
هناك العديد من المنافع التي نجنيها من الدراسة عن بُعد خاصّة لو كنّا طلّاب صغار أو جامعيين، ومن تلك الفوائد أنّ أمهاتنا يستطعن متابعة الدّروس معنا كطلبة وبالتالي الحصول على فائدة أكبر، حيثُ يُمكن إعادة الدّروس مرّتين وثلاث من أجل فهم أعمق، ولو كنّا طلاب جامعيين فإنّ عدم ذهابنا للدّراسة بشكلٍ يوميّ يُعتبر أمرًا جيدًا؛ إذ يمكن توفير الكثير من النّقود خاصّة عندما تكون الجامعة بعيدة للغاية ويصعُب الوصول إليها، كما يُمكن توفير ثمن السّكن الذي قد يكون باهظًا في كثيرٍ من الأحيان، ونستطيع متابعة المحاضرات الجامعيّة من المنزل وبالتالي العمل على إعادة الدروس المُسجّلة بحسب الحاجة.
بالرّغم من الفوائد المتعددة للتعليم عن بُعد إلّا أنّ هناك العديد من المضار التي تؤثرُ سلبًا علينا نحن الطلبة، ومنها عدم مقدرتنا على الجلوس مع باقي الزملاء وتلقّي الدّروس بشكلٍ مباشرٍ من معلّمينا، ولا ننسى وجود العديد من الآباء الأميّين الذين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، وبالتّالي لن يتمكّنوا من مساعدة أبنائهم بالشّكل اللّازم، إذ سيعانون من مشاكل في إيصال الفكرة التي يصعُب فهمها من المُعلّم عن طريق المنصّة التعليمية، كما يُمكن أن يعود التّعليم عن بُعد بالضّرر علينا كطلبة، إذ يتعمد العديد من أولياء الأمور على حلّ الواجبات الدّراسية عن أبنائهم أو ترك الأمر لإخوتهم الكبار ليقوموا بذلك بدلًا عنهم.
المدرسة عن بُعد حلّ اضطراري
زاد انتشار الدّراسة عن بُعد في الوقت الحالي كحلّ اضطراريّ جاء وفقًا لظروفٍ طارئةٍ تتعلّق بالوباء لم تكن في الحسبان، لذلك يتوجّب على أهالينا متابعتنا دراسيًا والمحافظة على سير العمليّة التعليميّة وفقًا للظّروف الرّاهنة، ولا ينبغي على الأهل تجاهل أبنائهم أو محاولة حلّ الفروض بالنّيابة عنهم، أو الشّعور بالقلق والتّذمر حيال الأمر، لأنّ ظهور مثل هذا الحل المؤقت هو أمر اضطراري كان الهدف منه حماية مجتمعاتنا وكافة السّكان وخاصة كبار السّن والمرضى من الإصابة بالمرض الذي يُعتبرُ جائحةً خطيرةً لا يُمكن تجاهلها لأي سببٍ من الأسباب، فهم بذلك يُقدّمون الحماية لنا كطلبة خاصَّةً أنّ الأمر خطيرٌ للغاية.
في حال تمّ تجاهل الأمر من قِبل مسؤولينا ولم يتعاملوا مع الجائحة بالطّريقة المُثلى فإنّه سيتعرّض الكثير منّا نحن الطلبة، والمرضى، وكبار السن إلى العديد من المشكلات الصحيّة والتي تؤدّي في كثيرٍ من الأحيان إلى الوفاة، وهو الأمر الذي لا يرضاه أحدٌ منّا كبشر مهما كانت أوضاعنا، وبالأخصّ أنّ العدوى تنتقل بيننا بطرقٍ سهلة، فلا يُمكن تجاهل الأمر، بل إنّ ما حصل هو حلٌ اضطراري سيُقدّم لنا الكثير من الناحية الصحيّة، لذا يتوجب على الوالدَين والمعلّمين محاولة التّأقلم مع الأحوال الجديدة بهدف تخطِّي هذه الأزمة بأقلّ الأضرار، وأن لا نُسهم في تأخّر بلادنا، وعدم السّيطرة على المرض، و ألّا نتجاهل تعليم الطلبة مع عدم توافر المدارس حاليًا.
المدرسة عن بُعد انتقال من العسر إلى اليسر
وأخيرًا، قد يرى الكثيرون أنّ التعليم عن بُعد يُعتبر يُسرًا بُعد عسرٍ، وذلك لأنّ ظهور مثل هذه الأوبئة والأمراض أوقف المسيرة التعليميّة بشكلٍ مفاجئ، وذلك يعني ضياع الطلبة وتعسُّر أمورهم الدراسية، وتأخرّهم في القراءة والكتابة بالأخصّ الطلبة الصغار، وطلبة رياض الأطفال، والصّفوف الأولى، لذا جاءت هذه الخطّة التعليميّة الجديدة بمثابة المُنقذ لجيلٍ كاملٍ من الطّلبة الذين يرغبون بإكمال تحصيلهم الدّراسي على أكمل وجه، فلو افترضنا مثلًا أنّه تمّ إعطاء الطّلبة إجازة إلى أجلٍ غير مُسمّى، فإنّ ذلك سوف يُسهم في ضياع مُستقبلهم الدّراسي وتدنّي تحصيلهم العلمي، مهما كان مُستواهم الدّراسي وقدراتهم التعليميّة.
وما يُثير الدّهشة في هذه الطّريقة المُثلى للتّعليم أنّ كثيرًا من الطّلبة تمكّنوا من الحصول على درجاتٍ دراسيةٍ أعلى من ذي قبل، وذلك لسهولة الوصول إلى الدّروس عَبر المنصّات التعليمية، خاصّة وأنّ العديد من المدارس قامت بتخفيض الرّسوم الدراسية التي كان يدفعها أولياء الأمور في السّابق، بسبب عدم ذهاب أبنائهم إلى المدارس والتزامهم المنزل والدراسة فيه، كما أنّ هنالك فائدة عظيمة من تحوُّل الدّراسة عن بُعد وهي عودة الكثير من الطّلبة الذين انقطعوا عن التعليم لفتراتٍ طويلٍة إلى مقاعد الدراسة، خاصّة ربّات المنازل اللواتي انقطعن عن الدراسة في وقتٍ مبكر، ممّا مكّنهن من العودة للدراسة مستغلّين فرصة الجائحة وما نتج عنها من نظامٍ تعليميٍّ جديد.