تعبير عن المدينة والريف

كتابة:
تعبير عن المدينة والريف

سماءُ المدينة لا تشبه سماء الريف

في الريف سحرٌ لا يُوازيه سحرٌ، إنّه سحرٌ في الأرض الخضراء اليانعة التي تُغطيها الأعشاب الخضراء والورود الملونة، وتجري بينها الفراشات وتظللها سماء صافية رائعة الجمال، وفي الليل تظهر في سماء الريف تلك النجوم اللامعة التي تُزينها وكأنها مجوهرات ثمينة، ويظهر فيها القمر بكامل نوره لا تُغطيه سحب الدخان الملوثة، ولا تُطفئ نجومه أضواء المدينة.

حياة المدينة والريف حياةٌ ذو حدّين

الحياة ما بين المدينة والريف مختلفة في الكثير من النقاط، فحياة المدينة والريف حياة ذو حدّين مختلفين لا يستطيع أحد ممن جرب هاتين الحياتين أن ينكر حقيقة اختلاف شكل المعيشة في كلٍ منهما، فالمدينة مليئة بحياة العمل والسعي، وهي أكثر نشاطًا وإزعاجًا من الريف، وتتخذ فيها حياة الناس مسارًا مختلفًا فيه الكثير من الاكتظاظ خاصةً أنّ عدد سكان المدينة أضعاف عدد سكان الريف.

لكل من حياة المدينة والريف سلبيات وإيجابيات عديدة، فالمدينة يتوفر بها الكثير من فرص العمل على عكس الريف الذي تكون فرص العمل فيه محدودة وقليلة وليست متوفرة لجميع التخصصات، كما أنّ المدينة تضمّ وسائل ترفيه أكثر وخدمات أكثر جودة مقارنةً بالريف الذي تكون فيه الخدمات متواضعة عمومًا، ولا تتوفر فيه جميع المؤسسات والدوائر الحكومية والخاصة التي يحتاجها الناس.

كما أنّ المدينة تسهر لساعاتٍ طويلة، ويستطيع الساكن فيه أن يذهب للتسوق حتى بعد منتصف الليل، كما تتوفر فيها خدمات طلب الطعام والشراب والدواء على مدار الساعة، بينما الريف يفتقد إلى هذه الخدمات عامًة، نظرًا لقلة القوة الشرائية فيه، وقلة عدد السكان مما يضعف الطلب على هذه الخدمات، وفي المدينة تكثير المباني والسكانات وتقل المساحات الخضراء، على عكس الريف الذي يُوجد فيه مساحات خضراء على مد البصر.

مجتمع المدينة يختلف عن مجتمع الريف

تضمّ المدينة اختلاطًا كبيرًا من العشائر والعائلات المختلفة من شتى الأصول والمنابت، مما يجعلها منفتحةً على ثقافات الناس أكثر بكثير من الريف ذات المجتمع المنغلق عمومًا، فمجتمع المدينة فيه انفتاح على الآخر وأناس مختلفون جمعهم في مكان العمل الواحد أو مكان الدراسة، أمّا الريف فهو مجتمع عائلي متماسك بامتياز، هناك مثل يقول: "المدينة لا تعرف صاحبها".

المدينة مكانٌ يحتاج إلى كمية أكبر من النقود كي يستطيع الشخص الموجود فيها أن يُجاري خدماتها وأسواقها ومطاعمها، أما الريف فيستطيع الشخص أن يُوفر نقوده فيه بطريقة أفضل، خاصةً أنّ أجور البيوت والشقق والمحلات التجارية في الريف أقل بكثير مقارنةً بما هي عليه في المدينة المعروفة بالأجورات المرتفعة.

لكن في الوقت نفسه فإنّ خصوصية الفرد في المدينة تكون أكثر من خصوصية الفرد في الريف؛ لأنّ المدينة تحوي عددًا كبيرًا من السكان، مما يمنع الأشخاص من التركيز في حياة بعضهم البعض، على عكس أهل الريف الذين يكثرون من اقتحام خصوصيات بعضهم البعض حتى دون قصد؛ لأنّهم معتادون على مقابلة بعضهم في المساجد والأسواق وحتى في الشارع وفي المنازل، قال الشاعر مزاحم محمود:

يا نسمةً في صباح الريف من عبق

طابت بها مهجتي بالورد والشممِ

عانَقْتُـهَا، عانَقَتْ حزني مواســــيةً

سَــرَّتْ فؤادي وكم زالت من الالمِ

المدينةُ والريفُ وجهان لعملة واحدة

في الختام المدينة والريف وجهان لعملة واحدة، لكنهما وجهان مختلفان ولكلٍ وجهٍ منهما خصوصية مختلفة عن الآخر، فالمدينة الصاخبة ذات النشاط العالي والضوضاء الكبيرة والمباني العالية لا تُشبه هدوء الريف ومبانيه البسيطة وأراضيه الواسعة، كما أنّ ليل الريف الهادئ الذي تملؤه أصوات حشرات الليل لا يُشبه ليل المدينة الذي تملؤه أصوات السيارات والمحال التجارية.

4210 مشاهدة
للأعلى للسفل
×