محتويات
الأخلاق قوت الفرد والمجتمع
الأخلاق أعظم ما يحمله الإنسان في شخصه وتصرفاته، فهي قوت الفرد والمجتمع ومصدر استقراره، وسبب في السمو والرفعة والتقدم والازدهار، وأساس المجتمعات الراقية التي تُبنى على فضائل الأخلاق، لهذا لا بُدّ من تعزيز منظومة الأخلاق في عقول الناس وقلوبهم، كي يعرفوا جيدًا معنى أن يتصف الفرد بالصدق والأمانة والوفاء والإخلاص.
كما يكون ملتزمًا بكل الأخلاق الفاضلة التي أمر الله تعالى عباده بها، فالتفريط بحسن الخلق تفريطٌ في حق الله وتجنٍ على عباده، وهذا غير مقبول أبدًا، والدين أصله الأخلاق التي سيُحاسب الله عباده عليها، فمن كان خلقه سيئًا ستكثر سيئاته، ولن يكون الله راضيًا عنه؛ لأنّ رضا الله تعالى مقترنٌ بمدى التزام الإنسان بالدين والعبادة والأخلاق الطيبة.
هذه كلّها منظومة واحدة لا يُمكن تجاهل بعضها والأخذ ببعضها الآخر، حتى إنّ الله تعالى عندما امتدح نبيّه محمد في القرآن الكريم وصفه بأنّه صاحب خلقٍ عظيم، الأنبياء جميعًا -عليهم السلام- كانوا أنموذجًا في الأخلاق الفاضلة؛ ولهذا اصطفاهم الله تعالى برسالاته، كي يكونوا قدوةً للآخرين في حسن أخلاقهم وتعاملهم ودينهم، وعلى الجميع أن يتخذ منهم قدوةً في كلّ شيء، وأن تكون أخلاقهم أخلاق الأنبياء -عليهم السلام-.
الأخلاق الرفيعة ترفع الفرد والمجتمع
الأخلاق الرفيعة ترفع الفرد والمجتمع إلى أعلى الدرجات، فعندما نلتزم بأن نكون أصحاب خلقٍ رفيع فنحن نلتزم بما أمرنا الله تعالى به، فلا يجوز لأيّ شخصٍ منا أن يفتخر بنفسه وشخصه إن لم يكن خلقه طيبًا يحبه الناس جميعًا.
لهذا؛ علينا أن نصنع الفرق في مجتمعاتنا وأن نكون أنموذجًا في الأخلاق كي يقتدي الجميع بنا، وألّا نحاول أبدًا تشويه الصورة السمحة التي فطرنا الله تعالى عليها، فنحن بهذا نضمن أن نصل إلى مراتب متقدمة في الخير، فنُصبح أكثر سعادة ولا نشعر بالظلم أو الغبن أو الشر.
التعامل بالأخلاق الرفيعة يُولد الثقة بين الناس، ويجعلهم مطمئنين لطبيعة العلاقة؛ لأنّها ممزوجة بالأخلاق الفاضلة، حيث تدعونا إلى أن يكون لدينا قدرة على تقديم الأفضل دائمًا، وأن ينتشر الخير والحق والصدق، فيختفي الكذب والفجور من مجتمعاتنا، وتُصبح مجتمعات نقية محبة للخير وكارهة للشر والظلم.
الأخلاق الحميدة تجعل العدل يسود بيننا؛ لهذا علينا أن نكون ملتزمين بها إلى أقصى حد، وأن نُربي أبناءنا عليها دومًا كي تكون أساس تعاملاتهم، فبهذه الطريقة يختفي الظلم ويزول الكذب وتنتهي كل أسباب الفساد، فيُصبح المجتمع راقيًا متماسكًا مليئًا بالخير والفرح.
المجتمع الذي يكون أبناءه ملتزمين بمحاسن الأخلاق يتميز بالكثير من المميزات التي تجعلنا نُعجب بهذا المجتمع ونتمنى لو نكون جزءًا منه، فهو مجتمع يسوده التعاون والتكافل بين الناس، ولا يُوجد بين أفراده من هو متكبر أو مغرور، وإنّما يسوده التواضع والمحبة وحب الخير للآخرين.
الأخلاق الدنية تسفل بالفرد والمجتمع
لا يُوجد أسوأ من الأخلاق الدنية التي يتصف بها البعض، فهذه الأخلاق تسفل بالفرد والمجتمع إلى درجات دنيئة، وتجعل من الإنسان مجرد حيوان ناطق لا فائدة منه إلّا أنّه يُسبب الأذى لنفسه ولمجتمعه وللجميع.
علينا بكلّ ما نملك من قوة أن نُحاول التخلّي عن أيّ خلقٍ دنيء، وأن نجتهد في محاربة كل شخصٍ يدعو للأخلاق السيئة، وأن نسعى بكلّ ما فينا من إيمان وقوة أن نكون نموذجًا للأخلاق الفاضلة كي نمحو من أذهان الناس أيّ نموذج للأخلاق السيئة.
يجب تقبيح صورة أيّ خلق سيء والعمل على فضح هذا الخلق وعدم القبول به أبدًا، وتعريته من أيّ إطارٍ جميل من الممكن أن يُوضع فيه؛ لأنّ الأخلاق السيئة مع كثرة تكرارها من أصحابها قد تُصبح عادة لدى البعض، وقد يعتاد المجتمع عليها فيراها شيئا عاديًّا لا يستحق الحرب، وهذا بحدّ ذاته من الأشياء السيئة بالنسبة للجميع.
لهذا؛ علينا أن نضع أيدينا بأيدي بعض، ونُحاول قدر الإمكان محاربة كل الأخلاق الدنيئة، وتوعية أصحابها وتعليمهم مدى خطورة ما يقومون به من أشياء سيئة، من الأخلاق الدنيئة التي تنتشر بكثرة في الوقت الحاضر: الكذب، وقول الزور، والغرور، والغدر، والخيانة، وغيرها من الأخلاق التي تجعلنا نفقد ثقتنا ببعضنا بعضًا، وتجعلنا نكره التعامل مع الناس، وهذا بحدّ ذاته يُولد فجوةً كبيرةً داخل المجتمع.
الأخلاق إهمالها إهمال للمجتمع
أخيرًا، لا بُدّ من الاهتمام بأمر الأخلاق جيدًا، والعمل على توعية الناس بها وبأهميتها، والعمل على ترسيخ الأخلاق الحسنة في كلّ شيء، والأهم من هذا كلّه اهتمام الآباء والأمهات والمربين بتربية أبنائهم على الأخلاق الفاضلة، ومحاولة تدريبهم على أن يكونوا أنموذجًا مشرفًا في الأخلاق الرفيعة، ونبذ كلّ ما هو سيئ منها.
إنّ إهمال الأخلاق والتوعية بها ما هو إلا إهمالٌ للمجتمع، وهذا يُسبّب نسف قيم المجتمع إلى أسفل سافلين، فيُصبح مجتمعًا فاسدًا ليس فيه خير، وهذا يُولد المزيد من الشر فيه، المجتمع الذي لا يهتم أفراده بإرساء قواعد الأخلاق الحسنة هو مجتمع لا خير فيه، ولا بُدّ أن يقع أبناءه في الكثير من الأعمال السيئة؛ فيسرقون وينهبون من بعضهم بعضًا، ويتعدون على بعضهم بالسرقة والظلم والضرب، وغير ذلك من الأعمال السيئة.
الأخلاق السيئة تجعل من الاعتداء على الآخرين أمرًا عاديًا جدًا، فيُصبح الشر هو الأساس بدلًا من الخير؛ لهذا من واجب الجميع أن يُحافظوا على منظومة الأخلاق في المجتمع، ويُحاولوا دومًا أن يُعززوها بمختلف الطرق، والمجتمع بحاجة إلى أشخاص لديهم من الوعي والحكمة والأخلاق الحسنة ما يكفي ليكون المجتمع فاضلًا محبًّا للخير ونابذًا للشر والأشرار، وهذا يعتمد على العودة إلى الأخلاق الدينية والتربية السليمة للأبناء.