تعرف على حكم بيع الهدية

كتابة:

حكم بيع الهدية

إذا أهدى المرء غيره أيّ هديَّةٍ بطريقٍ شرعيٍّ، فقد صارت في ملكه، ويجوز له أن يتصرّف فيها كيفما شاء، أمّا العبارة المشهورة: "الهديّة لا تُهدى ولا تُباع" فهي ليست حديثاً ولا نصَّاً شرعياً، ولا يُبنى عليها حكمٌ معيّن، وبناءً على ذلك يجوز للمسلم أن يتصرّف بالهديّة بالبيع.[١]

ومن النصوص الشرعية التي يُستنبط منها جواز بيع الهدية ما يأتي:

  • ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أُتِيَ بلَحْمٍ تُصُدِّقَ به علَى بَرِيرَةَ، فَقالَ: هو عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وهو لَنَا هَدِيَّةٌ).[٢]
  • أرسل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ثوباً فيه شيءٌ من الحرير، فتذكّر عمر -رضي الله عنه- تشديد النبيّ بعدم جواز لبس الحرير للرجال، فاستفسر عن ذلك، فقال له النبي الكريم: (تَبِيعُها أوْ تُصِيبُ بها حاجَتَكَ).[٣]

وقد استنبط أهل العلم من هذه الأحاديث أنّ الهدية تُصبح مِلكاً للمهْدي له، ولا يُشترط التصريح بقبولها، وبناءً على ذلك يجوز لمالكها أن يتصرّف فيها بالبيع، وهو حرٌّ في ذلك[١] إلا في حالةٍ استثنائية واحدة، وهي كوْن الهديّة مُحرّمة، وسيأتي الحديث عن ذلك لاحقاً، وقال بعض أهل العلم تعليقاً على الحديث الثاني: "... وفي الحديث نصٌّ على جواز بيع الهدية، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر في الهدية التي أهداه إياها: (تبيعها)".[٤]

حكم إهداء الهدية

تمّ التوضيح فيما سبق أنّ العبارة المتداولة بين النّاس: "الهدية لا تُهدى ولا تُباع" ليست عبارة صحيحة، بل تُخالف الشرع، ويجوز للمرء أن يهدي هديّته لغيره دون حرج، لأنّها أصبحت في ملكه، فكما جاز له بيعها جاز له إهداؤها من باب أوْلى، وقد ثبت في السنّة أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أهْدى ما يُهدى إليه، وأجاز التصرّف بالهدية كما يشاء صاحبها، ومن ذلك:[٤]

  • ثبت عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إلى النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ثَوْبَ حَرِيرٍ، فأعْطَاهُ عَلِيًّا، فَقالَ: شَقِّقْهُ خُمُرًا بيْنَ الفَوَاطِمِ)،[٥] أي إنّ أُكيْدر بن عبد الملك الكندي أهدى النبيّ خُمُراً -جمع خمار-، فأهداها النبي لعلي -رضي الله عنه- ليوزّعها على الفواطم -فاطمة الزهراء وفاطمة بنت حمزة وفاطمة بنت أسد-.
  • اشترى النبي -صلى الله عليه وسلم- من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولد النّاقة، ثمّ أعطاه لعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وقال له: (هو لكَ يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ به ما شِئْتَ)،[٦] وقول النبيّ الكريم: "تصنع به ما شئت" دليلٌ على جواز التصرّف بالهدية إهداءً أو بيعاً ونحو ذلك.

حكم من أخذ هديّة محرّمة

إذا أُهدي للمسلم هديةً مُحرَّمة -كالرّشوة- فالأصل أن لا يقبلها ابتداءً، وأن ينهى مَن أعطاه إياها عن المنكر، أمّا إنْ أخَذَ الهدية فقد تعدّدت آراء الفقهاء في كيفيّة التصرّف فيها، وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:[٧]

  • قول جمهور الفقهاء

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى وجوب حفظها لردّها لصاحبها إن تمكّن آخِذُها من ذلك، لأنّه أخذها بغير حقّ، فصارت كالعقد الفاسد، ولا يحلّ له أن يتملّكها، فإن تعذّر عليه ردّها لعدم معرفته بصاحبها أو بمكانه فعليه أن يضعها في بيت مال المسلمين.

  • قول المالكية

ذهب المالكية إلى القول بعدم ردّ الهدية المحرّمة إلى صاحبها، بل يجب وضعها في بيت مال المسلمين ابتداءً.

المراجع

المراجع

  1. ^ أ ب حسام الدين عفانة، فتاوى د. حسام عفانة، صفحة 100، جزء 12. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1495، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:948، صحيح.
  4. ^ أ ب "هل الهدية لا تُهدى ولا تُباع؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 15/5/2023.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:2071، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2115، معلق.
  7. عبد الرحيم الهاشم، الهدايا للموظفين أحكامها وكيفية التصرف فيها، صفحة 82-84. بتصرّف.
4718 مشاهدة
للأعلى للسفل
×