محتويات
تعريف التوكل على الله تعالى
تعريف التوكل لغة
التوكّل لُغة هو مصدر من الفعل توكّل يتوكّل،[١] وهو الاعتماد على الغير في إنجاز أمر ما، والتّفويض إليه،[٢] والتّوكيل هو الاعتماد على الغير وجعله نائباً عنك؛ فيقال: "وكّلت أمري إلى فلان"؛ أيّ ألجأته إليه واعتمدت عليه فيه، ويُقال: "تواكل القوم" إذا اتّكل كلّ منهم على الآخر، ويُقال: "فلان وكلة أو تكلة"، أيّ أنّه عاجز عن القيام بأمره ويُسنده إلى غيره.[١]
تعريف التوكل اصطلاحا
يُقصد بالتّوكل اصطلاحاً صدق العبد في الاعتماد على الله -تعالى- في جلب المنافع أو دفع السوء والضرّ والمكروه، والسّعي للأخذ بالأسباب المشروعة،[٣] مع الإيمان الجازم بأنّ النّفع والضّر، والعطاء والمنع كل ذلك بيد الله -تعالى- وحده لا أحد سواه،[٤] وتكون الجوارح مشتغلة بالأسباب، أمّا القلب فلا يتعلق وينشغل إلّا بالله -تعالى-،[٥] ثمّ الرّضا بالمقضي والقبول به،[٣]ومن خلال التعريف السابق يجدر توضيح عدّة أمور:
- أوّلها: يتحقّق التّوكل على الله -تعالى- بأمرين؛ أوّلهما تفويض الأمر كلّه لله -تعالى- يصرفه كيفما يشاء، وثانيهما الرّضا بالمقضي بعد حدوثه ووقوعه.[٣]
- ثانيهما: يندرج التّوكل على الله -تعالى- ضمن الأعمال القلبيّة لا من أعمال الجوارح واللّسان.[٦]
- ثالثها: أمر الله -تعالى- عباده بالتّوكل عليه في العديد من الآيات القرآنية، منها قوله -تعالى-: (وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).[٧][٨]
- رابعها: يعدّ التّوكل أعمّ من الاستعانة لأنه يكون في جلب منفعة أو دفع مضرة، وإن كان ذلك في الأمور الدنيويّة، بينما تكون الاستعانة في الأعمال، وهذا من شأنه الإفادة بأنّ التّوكل يعد عبادة واستعانة، وممّا يدلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ).[٩]
الموازنة بين التوكل والأخذ بالأسباب
يجدر بالذّكر أنّ الفهم الصّحيح للموازنة بين التّوكل والأخذ بالأسباب يكون من خلال توضيح عدّة أمور وبيانها كما يأتي:
- أوّلا: أنّ من تمام التّوكل على الله -تعالى- الأخذ بالأسباب؛[٤] لأنّ الله -تعالى- علّق المسبِّبات والنتائج بالأسباب؛ فمن أراد الولد عليه بالزواج.[١١]
- ثانيا: أنّ الأخذ بالأسباب لا يعدّ قدحاً في التّوحيد،[١٢] وذلك مالم يُعلّق المسلم قلبه بها،[٤] أمّا في حال الرّكون إلى الأسباب وتعلُّق القلب بها دون الله -تعالى- فهو ما يعدّ قادحاً للتّوحيد.[١٢]
- ثالثا: العلم بأنّ الأسباب بيد الله -تعالى-؛ فهو وحده القادر على جعل السّبب ذا فائدة ونفع، أو تعطيله وجعله بلا جدوى.[١٣]
ثمرة التوكل على الله
يمكن أن تتّضح ثمرة التّوكل على الله -تعالى- من خلال ما يأتي:[١٤]
- يعد التّوكل من أعظم منازل العبادة والاستعانة؛ لكونه أصلاً لكافّة أنواع العبادات.
- سبب في دخول الجنّة؛ وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ، قالوا: مَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، ولا يَكْتَوُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).[١٥]
- يعد التّوكل شرطاً للإيمان؛ لقوله -تعالى-: (وَقالَ موسى يا قَومِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيهِ تَوَكَّلوا إِن كُنتُم مُسلِمينَ).[١٦]
- يعدّ التّوكل من أجلّ وأشرف الأعمال القلبيّة.[١٧]
- نيل كفاية الله -تعالى-؛ أيّ وقايته، وحمايته، ونصرته، لقوله -تعالى-: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).[١٨][١٩]
- أحد مظاهر معرفة العبد بالله -تعالى- وبصفاته، وقدرته، وقيُّوميّته، وكفايته.[٢٠]
- سبب في انغمار قلب العبد بالرّاحة، والأمان النّفسيّ.[٢١]
المراجع
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة:دار الوسيلة، صفحة 1377، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ أحمد الحازمي، شرح كتاب التوحيد، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 109. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، السعودية: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 1378، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابراهيم السكران (1435)، رقائق القرآن (الطبعة 1)، الرياض:دار الحضارة ، صفحة 149. بتصرّف.
- ↑ ابن قيم الجوزية (1416)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي ، صفحة 114، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:122
- ↑ عبد الكريم القشيري، لطائف الإشارات (الطبعة 3)، مصر: الهيئة المصرية العامة، صفحة 34، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:123
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 112. بتصرّف.
- ↑ أحمد الحازمي، شرح كتاب التوحيد، صفحة 4، جزء 75. بتصرّف.
- ^ أ ب أزهري محمود، هل أنت من المتوكلين على الله تعالى؟، الرياض:دار ابن خزيمة، صفحة 12. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ عبدالله الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 6، جزء 90. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:218 ، صحيح.
- ↑ سورة يونس، آية:84
- ↑ أحمد الحازمي، شرح كتاب التوحيد، صفحة 9، جزء 75. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية:3
- ↑ سليمان آل الشيخ (1423)، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (الطبعة 1)، بيروت:المكتب الاسلامي، صفحة 432. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم (1996)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (الطبعة الثالثة)، لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 118، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 114، جزء 6. بتصرّف.