تعريف الثقة بالآخرين

كتابة:
تعريف الثقة بالآخرين

مفهوم الثقة

في سياق العلوم الإنسانية والاجتماعية، يتم تعريف الثقة بالآخرين بمفاهيم عدة، فهي تشير إلى أن أحد الأطراف -الفرد المانح للثقة- مستعد للاعتماد على سلوكيات طرف آخر -الطرف الموثوق به-؛ وإن المانح غير متأكد من نتائج سلوكيات أو أفعال الفرد الآخر حول مسائل متعلقة بالمستقبل، ويمكن أن تعزى الثقة إلى العلاقات والتعامل مع الآخرين، وقد تم التوصل إلى إثبات علمي أن البشر يميلون طبيعيًا للثقة والحُكم على أن يكون الطرف الآخر جديرٌ بالثقة، إذ تشير بعض النظريات العلمية أن هذه الثقة يمكن تتبعها في البنية الحيوية العصبية ونشاط الدماغ البشري؛ وإعادة التفكير في كيفية تأثير التقدم التكنولوجي السريع في بناء الثقة.[١]

تعريف الثقة بالآخرين

يتم فيها تعريف الثقة بالآخرين على أنها درجة أو معدل الثقة الموجودة بين أي طرفين، كما أنها تُعد أيضًا هي مقياس الإيمان بصدق الطرف الآخر أو نزاهته أو خيره؛ ومصطلح الثقة بالآخرين يتماشى أكثر مع الاعتقاد في كفاءة الطرف الآخر، إذ يمكن التغاضي عن الفشل في الثقة بصورة أكبر، إذا تم تفسيره على أنه فشل في الكفاءة بدلًا من كونه افتقارًا إلى الإحسان أو الصدق[١]، ويتم تعريف الثقة بالآخرين وخاصة الثقة الشخصية منها بأنها: بنية عقلية لها آثار على الأداء الاجتماعي والسلوك الاقتصادي؛ وهناك نظريات عديدة ناقشت تعريف الثقة بالآخرين، وهي نظريات معاصرة من الاقتصاد السلوكي وعلم النفس الاجتماعي.[٢]

وتعُدُ النظرية الكلاسيكية الاقتصادية الحديثة أن الثقة في الغرباء من الأمور غير العقلانية، ولكن السلوك الملحوظ يكشف ثقة واسعة النطاق، وقد تم اقتراح نظريات التفضيلات الاجتماعية والالتزام بالمعايير الاجتماعية لوصف وتحديد تعريف الثقة بالآخرين، وجعله محددًا بحدود مشروطة؛ وهذه النظريات بدورها تبحث في الأساليب النفسية في سلوك الثقة من حيث كونه سلوك أساسي، وكذلك تبحث في العمليات المشتركة بين المجموعات والتوقعات المعرفية للأفراد، وقد اقترح علماء النفس والاقتصاديون تفسيرات عديدة لتحديد تعريف الثقة بالآخرين وأسبابها، إذ وجدوا أن بناء الثقة يعتمد على التفضيلات الاقتصادية أو الأعراف الاجتماعية أو سمات الشخصية أو العمليات داخل المجموعة أو التوقعات؛ ولفهم السبب الذي يجعل شخصًا ما يثق بالآخر، يجب أن يؤخذ في الاعتبار خصائص الأفراد والمواقف.[٢]

أنواع الثقة بالآخرين

استنادًا إلى تعريف الثقة بالآخرين يمكن القول بأنها تصور أن الأشخاص الآخرون لن يفعلوا أي شيء يضر باهتمامات الفرد؛ إذ إن الفرد يشير إلى الرغبة في قبول المجازفة أو المخاطرة بناءً على التوقعات المتعلقة بسلوك الشخص الآخر، إن تعريف الثقة بالآخرين يدل على أن الثقة أمرٌ حيوي في رد الفعل البشري اليومي، والذي لديه القدرة على التأثير على تفاعل وتعامل الشخص مع الآخرين، سواء كانت هذه التفاعلات جيدة أو سيئة، وكذلك الأمر مع الأصدقاء والخصوم.[٣]

وعند إلقاء نظرة علمية على مفهوم الثقة، يتبين أن هناك نوعان من الجهات الموثوق بها؛ الجهات الضعيفة الموثوقية، والجهات العالية الموثوقية، فإذا كان الفرد ذو ميل إلى الموثوقية المنخفضة، فهذا معناه أن لديه ميل إلى عدم الثقة بالآخرين حتى يكون لديهم دليل واضح على إمكانية الوثوق بهم أو لا؛ أما من الناحية الأخرى، إذا كان الفرد يميل إلى الثقة العالية، فإنه أكثر عرضة للخداع، لأنه على استعداد لتصديق أي شخص حتى وإن كان غريبًا، وهذا ما يعرف بالسذاجة، والأشخاص الساذجين هم أولئك الأفراد الذين لديهم القدرة على الثقة بالآخرين بسهولة؛ وتوضيحًا لذلك، فإن الشخص الساذج هو من يثق بالآخرين حتى وإن كان لديه دليل واضح على أنه لا يمكن الوثوق بهم، وتشير بعض الدراسات إلى أن الشخص الساذج، أو من ثقته عمياء بالآخرين هو بالمقابل شخص لا يكذب أو يغش، ويُقدم فرص ثانية احترامًا لحقوق الآخرين.[٣]

بناء الثقة بالآخرين

أكثر من 50 عامًا من الأبحاث المختصة بتعريف الثقة بالآخرين، تشير إلى أن أكثر من يمتلك ثقة عالية بالآخرين هم أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم معروفين للشخص، أو الأفراد الذين يشبهون شخصية الفرد الواثق بهم، أو القريب على شخصياتهم، ويتسم بالصدق والشفافية؛ فمثلًا قد يثق الناس بالأطباء في تقديم الرعاية الطبية، لأنهم يتوقعون من الأطباء أن يكونوا مؤهلين لمشاركة مخاوفهم، وبالتالي يخبرونهم بما يفكرون به، وقد يميل الأفراد إلى عدم الثقة في السياسيين للأسباب المعاكسة، لكن ومع ذلك، فإن هناك ما يعرف بالثقة الهامشية، أي كيفية بناء الثقة أو فقدانها نتيجة لمعلومات جديدة؛ فعلى سبيل المثال، يعرف العديد من صانعي السياسات بالفعل أن ثقة الجمهور بهم منخفضة، ولكنهم قد يلجؤوا إلى بعض الاستراتيجيات التي تعزز ثقة الجمهور بهم؛ حيث إن زيادة فهم الثقة الهامشية أمرٌ بالغ الأهمية لمثل هذا التغيير، ويعتمد فهم الثقة الهامشية على أربع عمليات نفسية أساسية وأدلة تجريبية ذات صلة وهي:- [٤]

  • الاتساق مع التحيز السلبي العام، يميل الناس إلى الوثوق بالأخبار السيئة أكثر من الخير والأخبار الجيدة.
  • الاتساق مع الرغبة في الاتساق المعرفي، يميل الناس إلى الوثوق بالأخبار التي تتوافق مع مواقفهم السابقة أكثر من الأخبار غير المتوافقة.
  • الاتساق مع البحث في تشخيص المعلومات، لأن الأخبار ذات الانتشار الأوسع والمتعلقة بالسياسة لها تأثير أكبر على كسب الثقة مقارنةً بالأخبار ذات التأثير الأقل أهمية.
  • من خلال توسيع تصنيف أنواع السلوك، التي تم تطويرها من تجارب نفسية فيزيائية كنظرية اكتشاف الإشارات إلى قضايا الثقة، إن تحديد الأخطاء يزيد من الثقة نتيجة السلوك الفعلي أكثر من القول.

بناء الثقة بالآخرين إلكترونيًا

ينبغي على مستخدمي الإنترنت إصدار أحكام بعض الأسس التي توضح مفهوم الثقة إلكترونيًا على الأنظمة الإلكترونية، أو المستخدمين الآخرين الذين يتصلون بهم بشكل غير مرئي، ولكن كيف يمكن للمستخدم معرفة أن ردود الأفعال الاجتماعية أو الإلكترونية التي يتشاركون بها موثوقة أم لا، وكيف يتم تعريف الثقة بالآخرين إلكترونيًا، ففي الحالات التي يتم فيها التلاعب بالثقة، قد تكون هناك عواقب وخيمة على المستخدم نفسيًا، حدد الباحثون العديد من المحددات النفسية الرئيسة لتفسير مسألة كيفية تطور الثقة في البيئات عبر الإنترنت، إذ تتم دراسة حالات استخدام تظهر فيها علاقات الثقة، منها التمويل الجماعي، والمنتديات الصحية عبر الإنترنت، والتعارف عبر الإنترنت؛ وضرورة إثبات الحاجة إلى إجراءات أمنية متقدمة تضمن أحكام ثقة صحيحة، وتقلل من خطر الاحتيال على الضحايا، إذ تظهر الإحصاءات السنوية أن حالات الجريمة الإلكترونية والاحتيال عبر الإنترنت في ازدياد.[٥]

وتم التوصل إلى أن الثقة هي بناء أساسي يدعم الاستقرار داخل المجتمع، ومع ذلك فإن هناك تباين في الأدبيات التي تعتمد على سلوك الثقة الذي يمكن قياسه؛ كما وإن هناك عددٌ من البُنى والآليات النفسية، والتي تظهر أهمية واضحة لتنمية العلاقات، من خلال التفاعل عبر الإنترنت، والتي قد تكون بمثابة مؤشرات مسبقة لبناء معتقدات الثقة، والتي تعتمد على القدرة والإحسان والنزاهة؛ وقد برز مجالين رئيسين في علم النفس الثقة، أحدهما أساليب الإقناع، والذي يأخذ في الاعتبار دور التأثيرات الاجتماعية في تنمية الثقة؛ والآخر هو الاختلافات الفردية بين المستخدمين، والتي تشمل السمات المعرفية والشخصية التي قد تؤثر على سلوك الثقة.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب "Trust_(social_science)", en.wikipedia.org, Retrieved 23-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب Anthony Evans, Joachim Krueger (2009), "The Psychology (and Economics) of Trust", Social and Personality Psychology Compass, Issue 3, Folder 6, Page 1003–1017. Edited.
  3. ^ أ ب Tiara Williams (2018), The psychology of interpersonal trust How people feel when it comes to trusting someone, lebnon: McKendree University, Page 3-5. Edited.
  4. Christopher Hood (2007), "What happens when transparency meets blame-avoidance?", Public Management Review, Issue 9, Folder 2, Page 191-210. Edited.
  5. ^ أ ب Helen Jones, Wendy Moncur (2018), Psychological and Behavioral Examinations in Cyber Security, USA: IGI Global, Page 109-132. Edited.
7263 مشاهدة
للأعلى للسفل
×