الأدب ومذاهبه
يعدّ الأدب أداة ووسيلة للتعبير عن حالات مختلفة متغيّرة، نفسيّة واجتماعيّة، وتَغيُّر هذه الحالات يؤدي حتمًا إلى تغيّر المذهب الأدبي الذي يعد القالب الذي يحوي هذه الحالات، وهو مجموعة من الخصائص التي يتنوّر بها الأديب في صياغة تلك الحالات ليخرجَ بها فنًّا جميلًا، وقد تعدّدت هذه المذاهب تباعًا، وكان لنشأة كل مذهب دوافع وأسباب، وأوّل هذه المذاهب الكلاسيكي ثمّ الرّومانسية وبعدها الواقعية، وأخيرًا الرمزية، التي أخذت الرمز أساسًا لديها معتمدةً عليه، وتاليًا سيتم تعريف الرمز لغةً واصطلاحًا. [١]
تعريف الرّمز لغةً واصطلاحًا
الرّمز لغةً كما ورد في المعجم الوسيط: الإيماء والإشارة، و- العلامة وفي علم البيان: الكناية الخفيّة{ ج} رموز. والرّمزيّة: الطريقة الرّمزية: مذهب في الأدب والفن ظهر في الشعر أولًا، يقول بالتعبير عن المعاني بالرموز والإيحاء، ليدع للمتذوق نصيبًا في تكميل الصورة أو تقوية العاطفة، بما بضيف إليه من توليد خياله. [٢]. وفي القاموس المحيط: الرّمْزُ، ويُضَمّ ويُحَرّك: الإشارة، أو الإيماء بالشفتين أو العيْنين أو الحاجبيْن أو الفم أو اليد أو اللِّسان يرمُز ويرمِز[٣]
ولا يختلف تعريف الرّمز لغة واصطلاحًا عن بعضهما فيعرّف اصطلاحًا كمذهب أدبي ينحو المنحى الفلسفي، إذ يتم من خلاله التعبير والإفصاح عن التجارب والحالات بشكلٍ غير مباشر، وفي نظر بعض الأدباء أنّ هذه الحالات لا تستطيع اللغة تمثيلها، فالرمزية لا تستخدم للتعبير عن حالات واضحة، حيث يستخدم الرمز والإيماء كوسيلة وأداة لذلك [٤]، فالرمز كلّ ما يحلّ محلّ شيء آخر في الدلالة عليه لا بطريق المطابقة التامّة، إنّما بالإيماء أو بوجود علاقة عرضية أو متعارف عليهان وعادة يكون الرمز بهذا المعنى شيئا ملموسًا يحلّ محل المجرد مثال: الرجل الهرم كرمز للشتاء، والرّمزية "اتجاه ظهر في الشعر في فرنسا وازدهر في الخمس عشرة الأخيرة من القرن التاسع عشر، ويصوّر حياة الشاعر الداخلية ويجعل مما يرونه في العالم رمزا للحالات النفسية". [٥]
فالرّمز إذًا هو أساس هذه المدرسة وعمادها القائمة عليه، والتعبير بالرمز كان مألوفًا منذ أقدم العصور غير أنّه أصبح ذا قيمة فنيّة وعضويّة يتضمن داخله الرموز التاريخية والأسطورة [٦]، والرمزيّة لها أصول فلسفية قديمة، غير أنّها لم تتضح في الأدب إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتعد الرمزية الأساس المؤثر في مذهب الحداثة الفكري والأدبي، وقد جاءت كردّ فعل على الرومانسية والبرناسيّة، ولم يعرف مصطلح "الرّمزية" إلّا في عام 1885م، وذلك في مقالة للفرنسيّ جان موريس. [٤]
عوامل نشأة الرمزية في الأدب
تعدّدت العوامل والدوافع التي أدّت إلى بروز الرمزيّة وانبعاثها، فهناك العوامل العقديّة وكذلك عوامل اجتماعيّة وأخرى فنيّة، ومن الأسباب العقدية انشغال الإنسان في الغرب بما وضعته الفلسفة الوضعية، والتي بدورها تغفل الجانب الروحي، وطغيان الجانب المادي عليه فأصبح هناك فراغ لم تستطع المادية ملأه، أما العوامل الاجتماعية فيمكن إجمالها بالاختلاف والصراع الذي بلغ أوجه بين ما يريده الأديب والمفكر ويطمح إليه كل منهما كالحرية المطلقة التي تتجاوز حدود الأخلاق، وبين ردة الفعل المجتمعية التي لم تلبث في كبح طموحاتهم، مما جعلهم يستندون أكثر إلى نظرية المُثُل لأفلاطون، التي تُنكر الحقائق الماديّة الملموسة، أمّا العوامل الفنية فقد تجلّت بإيمان بعض الكتاب بعجز اللغة في التعبير والإفصاح عن الحالات النفسية الدقيقة التي يعيشونها، فأصبح الرمز وسيلتهم في التعبير. [٧]
المراجع
- ↑ محمد مندور، الأدب ومذاهبه، القاهرة: نهضة مصر، صفحة 43،44. بتصرّف.
- ↑ مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، صفحة 372.
- ↑ الفيروز آبادي (2008)، القاموس المحيط، القاهرة: دار الحديث ، صفحة 669.
- ^ أ ب "المذهب الرمزي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.
- ↑ عليه عزت (1994)، معجم المصطلحات اللغوية والأدبية، القاهرة: المكتبة الأكاديمية، صفحة 144.
- ↑ "نشأة الرمزية"، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "وجهة النظر الإسلامية حول المدرسة الرمزية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.