تعريف الطاغوت
يرجع لفظ الطّاغوت إلى الجذر اللّغوي طغى، وكلّ شيءٍ جاوز حده المقدر له فقد طغى، فعندما تجاوز الماء حده فقد طغى كما في قصة نوح -عليه السلام-،[١] ومنه قوله -تعالى-: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾.[٢]
كما ذكر أهل اللّغة للطاغوت تعريفات أخرى مثل: الشيطان، الكاهن، والشاعر، والأصنام، وكلّ مَن تمرد في الشر،[٣] وقيل حُيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف اليهوديان،[٤] وقيل الّلات والعُزّى،[٥] وكلّ من أبعد الخلق عن الحق،[٦] وقيل السحر.[٧]
أمّا معنى الطاغوت في الاصطلاح: فهو لفظٌ يطلق على كلّ ما تجاوز به العبد حدّه سواءً في العبادة، أو الطاعة، أو الاتّباع بما يخالف شرع الله -تعالى-،[٨] لأنّ من خصائص الإله أن يُتّبع، ويُعبد، ويُطاع وحده بما شرع، فمن تجاوز حد البشر إلى حد الألوهيّة فقد طغى.[٩]
أنواع الطاغوت
بناءً على المعنى اللّغوي والمعنى الاصطلاحي يقسم الطاغوت إلى عدّة أنواع وكلها تشترك في أنّ صاحبها قد صرف الناس عن الحق وهي حسب ما يأتي:[١٠]
- الشيطان.
- مَن أصبح طاغوتاً بتغيير حكم الله -تعالى- وادّعى أنّ ما غيّره وبدله هو من عند الله -تعالى-، أو أفضل ممّا شرع الله -تعالى-.
- مَن أصبح طاغوتاً لأنّه يدعو الناس إلى عبادته، أو أن يعبده الناس ويرضى بهذه العبادة ولا ينكرها عليهم.
- مَن طلب من الناس طاعته حتى ولو في ما حرم الله -تعالى-، أو طلب من الناس أن يتابعوه في كلّ شيءٍ حتى لو بخلاف ما شرعه الله -تعالى- كما في اتّباع العادات والتقاليد التي تخالف شرع الله -تعالى-.[١١]
- الساحر[١٢] حيث أعطى نفسه صفات الألوهيّة لأنّه ينسب لنفسه علم الغيب والتأثير بالمخلوقات.
ما هو الطاغوت الذي أمرنا الله باجتنابه؟
يقول الله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾،[١٣] فقد بشّر الله -تعالى- عباده الذين يجتنبون الطاغوت في العبادة، والطاعة، والاتّباع، ووصفهم بأنّهم يتبعون أحسن الأقوال فلا يوجد قول أفضل من اجتناب الطاغوت، ووصفهم بأنّهم أصحاب العقول الراجحة.[١٤]
والمقصود بالطاغوت في الآية الكريمة هو الشيطان الذي هو رأس كلّ شرٍ، وهو مَن يُضل الخلق ويحرفهم عن طريق لتوحيد، قال -تعالى-: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾،[١٥] ويدخل معه كلّ مَن كان رأساً في الشر وقدوةً في إضلال الخلق.[٩]
ويقصد بقوله -تعالى- "اجتنبوا"، هي من الجنب بأن تجعل نفسك في ناحية والطاغوت في ناحية أخرى ليست قريبةً منك، أيّ أن تكون أنت في جانب وهو في الجانب الآخر،[١٦] وقد أمر الله -تعالى- باجتناب الطواغيت لخطورتها على عقيدة المسلم في الدنيا والآخرة فمن عبد طاغوتاً في الدنيا أُمِر بأن يتبعه يوم القيامة.
المراجع
- ↑ الفراهيدي، العين، صفحة 435. بتصرّف.
- ↑ سورة الحاقة ، آية:11
- ↑ إبراهيم الحربي، غريب الحديث، صفحة 643-644. بتصرّف.
- ↑ الأزهري ، تهذيب اللغة، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ الصغاني، التكملة والذيل والصلة، صفحة 461. بتصرّف.
- ↑ الزبيدي، تاج العروس، صفحة 497. بتصرّف.
- ↑ ابن الأنباري، المذكر والمؤنث، صفحة 284. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين، صفحة 92. بتصرّف.
- ^ أ ب ناصر الشيخ، مباحث العقيدة في سورة الزمر، صفحة 262. بتصرّف.
- ↑ محمد القرعاوي، الجديد في شرح كتاب التوحيد، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن قاسم، الدرر السنية في الأجوبة النجديةْ، صفحة 503. بتصرّف.
- ↑ الطبري ، تفسير الطبري، صفحة 557. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر ، آية:18-17
- ↑ ناصر الشيخ، مباحث العقيدة في سورة الزمر، صفحة 251. بتصرّف.
- ↑ سورة يس ، آية:60
- ↑ أبو القاسم الكرماني، لباب التفاسير للكرماني، صفحة 951. بتصرّف.