تعريف الفيلم الوثائقي

كتابة:
تعريف الفيلم الوثائقي

نشأة الفيلم الوثائقي

ظهرَ أول فيلم تسجيليّ متكامل نهاية 1912م بعنوان اكتشاف سكوت للقطب الجنوبي، الذي سجّل أهم الأحداث التي وقعت عام 1910م في أثناء عمليات اكتشاف القطب الجنوبي وأخرجه المخرج الإنجليزي هوبرت بوتنج، وفي 1922م فاجأ روبرت فلاهرتي جماهير السينما في نيويورك بفيلم تسجيلي طويل بعنوان "نانوك ابن الشمال" عن حياة الأسكيمو، وقد حقق هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا في أمريكا وأوروبا ورحب به نقاد السينما، وكان هذا الفيلم بداية مرحلة جديدة بالنسبة للفيلم التسجيليّ: فعلى إثر النجاح الذي حقّقه ظهرت حركة نشيطة للفيلم التسجيلي في أوروبا وأمريكا، وكان من أهم أقطابها جون جريرسون في إنجلترا، وهو من أعظم مُخرجي الفيلم التسجيليّ، وواضع قواعده ونظرياته، وفي هذا المقال سيتم تعريف الفيلم الوثائقي وخصائصه.[١]

تعريف الفيلم الوثائقي

بدأ مصطلح الفيلم التسجيلي "الوثائقي" مع بدايات الإنتاج السينمائي في أوروبا من خلال الفرنسيين الذين استخدموه لوصف الأفلام الوثائقية الأولى التي تناولت تغطية رحلات الهواة والرحالة من خلال اختراع "لويس لوميير" لأول جهاز لالتقاط الصور السينمائية المتحركة عام 1895م[٢]، وكان الفرنسيون هم أول من استخدم عبارة Film Documentaire ويعني الاصطلاح الفرنسي في تعريف الفيلم الوثائقي أنّ الفيلم وثيقة عن المكان أو الحدث أو الشخص الذي يتناوله، ولهذا يفضل الترجمة إلى الفيلم الوثائقي بدلًا من التسجيلي، أمّا المفهوم الإنجليزي لتعريف الفيلم الوثائقي Documentary Film فهو لا يكتفي بتسجيل الحقيقة وحدها إنّما يضيف إليها الرأي أيضًا.[٣]

ويُعد تعريف الفيلم الوثائقي لجريرسون من أفضل وأبلغ التعريفات وأشملها وأكثرها واقعية لهذا المصطلح، وتعريف الفيلم الوثائقي لجريرسون بأنه المعالجة الخلاقة للواقع، حيث ميّزه عن غيره من أشكال الإنتاج التسجيلي بقوله: إن أشكال الإنتاج التسجيلي هي تلك الأفلام التي تصور عناصر الطبيعة سواء كان ما تصوره مواد خاصة بالجرائد أو المجلات السينمائية أو أفلام المعرفة ذات الشكل الدرامي أو التي تعتمد على الاستطراد أو الأفلام التعليمية أو الأفلام العلمية.[٤]

وهنالك تعريف الاتحاد الدَّوْليّ للسينما الوثائقية عام 1948م، والذي يقول إن الفيلم الوثائقي هو كافة أساليب التوثيق على فيلم لأي مظهر للحقيقة يتم عرضها، إمّا بوسائل التصوير المباشر أو بإعادة بنائه بصدق وعند الضرورة وذلك لتحفيز المشاهد لتوسيع مدارك المعرفة والفهم الإنساني أو لوضع حلول واقعية لمختلف المشاكل في عالم الاقتصاد والثقافة أو العلاقات الإنسانية، وتبنى مهرجان القاهرة التاسع للإذاعة والتلفزيون في 2003م تعريفًا مشابهًا لتعريف الاتحاد الدولي، وهو أنّ الفيلم الوثائقي يقوم على عرض مادة تقوم في غالبيتها على تسجيل العناصر المرئية والمسموعة لمكونات الواقع وقد يتضمن شهادات ذات الصلة بهذا الموضوع وذلك بالأساليب الفنية للسينما وتقنياتها أو بتقنيات الفيديو.[٥]

فيما بير لورنتز يرى بأن تعريف الفيلم الوثائقي: هو فيلم يتعامل مع الحقائق بشكلٍ دراميّ، وأنّ هناك عواملَ كثيرة يمكن استغلالها دراميًا في الواقع، حيث إن الدراما ليست وفقًا على الفيلم الروائي، فالطبيعة والحياة تحويان صراعات لا تقل في حدتها عن الصراع الدرامي في المسرح أو الرواية أو القصة، ولكن المهم هو كيفية التقاط المخرج التسجيلي الفنان واكتشافه لمادته من الواقع المحيط به.[٦]

خصائص الفيلم الوثائقي

بعد الحديث حول تعريف الفيلم الوثائقي، سيتم الحديث حول خصائص الفيلم التسجيلي، إنّ تحديد واختيار المادة المستخدمة من واقع الحياة وإعادة تقديمها للمتلقي بأسلوب فني بما يحقق المعالجة الخلاقة للواقع وتقديم رؤية القائم بالاتصال في موضوع ما للجمهور المستهدف؛ معتمدًا كلّ الاعتماد على الواقع والحقيقة، وعلى فهمه المسبق لخصائص الجمهور المستهدف وقدراته الاتصالية، ممّا يوفر التوازن والتفاهم والتفاعل بين القائم بالاتصال والمتلقي، والرسالة والوسيلة الإعلامية[٧]، يعرف جريرسون الفيلم الوثائقي بأنه العلاج الإبداعي للحقائق أو موضوعات الساعة، وقد حدد جريرسون الخصائص الآتية للفيلم الوثائقي:[١]

  • اعتماد الفيلم التسجيلي على التنقل والملاحظة والانتقاء من الحياة نفسها؛ فهو لا يعتمد على موضوعات ممثلة في بيئة مصنعة؛ كما يفعل الفيلم الروائي، إنّما يصور المشاهد الحية والوقائع الحقيقية.
  • أشخاص الفيلم التسجيلي ومناظره يختارون من الواقع الحي، فلا يعتمد على ممثلين محترفين، ولا على مناظر صناعية مفتعلة داخل الأستوديو، مادة الفيلم التسجيلي تُختار من الطبيعة دونَما تأليف أو محاكاة، وبذلك تكون موضوعاته أكثر دقة وواقعية من المادة الممثلة.

المراجع

  1. ^ أ ب محمود عطا الله (1980)، الفيلم التسجيلي وبناء الإنسان المصري، القاهرة: دار المعارف، صفحة 13-15. بتصرّف.
  2. منى الحديدي، سلوى إمام (2002)، ، أسس الفيلم التسجيلي: اتجاهاته واستخداماته في السينما والتلفزيون (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 101. بتصرّف.
  3. منى الحديدي (1982)، الفيلم التسجيلي: تعريفة اتجاهاته أسسه وقواعده (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 12. بتصرّف.
  4. فورست هاردي (1965)، السينما التسجيلية عند جريرسون (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة، صفحة 116. بتصرّف.
  5. محمود عطا الله (1995)، الفيلم التسجيلي سلسلة الألف كتاب (188) (الطبعة الأولى)، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 12. بتصرّف.
  6. منى الحديدي، سلوى إمام (2004)، أسس الفيلم التسجيلي: اتجاهاته واستخداماته في السينما والتلفزيون (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 14. بتصرّف.
  7. منى الحديدي (2002)، الأفلام الوثائقية والبرامج التسجيلية (الطبعة الأولى)، القاهرة: مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح، صفحة 20. بتصرّف.
6485 مشاهدة
للأعلى للسفل
×