تعريف تقرير المصير

كتابة:
تعريف تقرير المصير

تقرير المصير

تقرير المصير (بالإنجليزية: Self-determination) هو عبارة عن قدرة الأفراد أو امتلاكهم للسلطة التي تمكنهم من اتخاذ القرارات المتعلقة بهم بأنفسهم، وتمكنهم من تشكيل حكومتهم واختيار الطريقة التي سوف يُحكَمون بها، وعادة ما يكونون على درجة كبيرة من الوعي الوطني،[١][٢] كما يُعرَّف تقرير المصير بأنه حق الشعوب في تحديد مستقبلها والمسار السياسي الخاص بها كما تراه مناسباً لها دون إجبار أو إكراه، حيث يشمل حق تقرير المصير تشكيل الحكومات، واختيار شكل الحكم، واختيار الاندماج مع الوحدات السياسية المجاورة أو البقاء منفصلة عنها.[٣]


ظهور مفهوم تقرير المصير

ظهر مفهوم تقرير المصير في القرن التاسع عشر مع ظهور مفهوم الهُوية الوطنية وكناتج ثانوي لها، وبظهور هذا المفهوم قامت شعوب أوروبا وبدأت تطالب بحقوقها، وتحديداً في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلادي، وحدثت الثورتان الفرنسية والأمريكية كتعبير للشعوب عن إرادتها وحقها في تقرير مصيرها، وكان لمفهوم تقرير المصير الفضل في ظهور ما يُعرَف بالدولة أو الأمة الوطنية التي تسود العالم كنمط حكم واحد في بداية القرن العشرين، حيث كانت هذه الأمم تقوم على التجانس اللغوي، أو العرقي، أو كليهما معاً.[٢][٣]


وأصبح للمساواة مكانة كبيرة؛ حيث تم اعتبارها معياراً مهمّاً في المنظومة السياسية والأخلاقية التي تحكم دولة ما، ويجدر بالذكر أنه بظهور مفهوم تقرير المصير حدثت تحولات عديدة في المجتمعات الغربية كان السبب فيها الاستعمار والهجرات، كما أن الأعراق اختلطت ببعضها البعض، وهنا تجدر الإشارة إلى أن مفهوم تقرير المصير حصل على دعم كبير من خلال الحركات التحررية التي ظهرت في المستعمرات الأوروبية وخاصة في آسيا وأفريقيا لتنادي بحق تقرير المصير لجماعات متجانسة لغوياً أو عرقياً أو ثقافياً، وليصبح لها كياناً سياسياً مستقلاً كشعوب أوروبا وأميركا وكانت تلك هي التطلعات الأولى لقيام الدولة أو الأمة الوطنية لدول العالم الثالث.[٣]


حق تقرير المصير

قبل الحلفاء بحق تقرير المصير ليكون هدفاً للسلام، وكان يتشكل من أربع عشرة نقطة تُعبر عن المصطلحات الأساسية للسلام، حيث إن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وودرو ويلسون جعل حق تقرير المصير هدفاً هاماً للعالم بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح حق تقرير المصير والمطالبة به أمراً هاماً وأحد الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة،[٢] وإن حق تقرير المصير يعد حق أساسي من حقوق الإنسان، ومن خلال العمل بهذا الحق وتطبيقه يمكن للأفراد أن يحددوا ماهية مستقبلهم وما سيكون عليه وضعهم السياسي، كما يتم من خلاله التعامل مع الأمم بعدالة ويتم الحفاظ على كرامتهم وتقدمهم في مختلف الأمور.وقد ورد عن الجمعية العامة للأمم المتحدة أن للشعوب على اختلافها الحق في تقرير مصيرها، وتحقيق تنميتها الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية والسياسية، فحق تقرير المصير هو حق معترف به دولياً والعمل به بقتضي العمل بالحقوق الأخرى وتطبيقها، وقد ورد في المادة رقم 4 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن للشعوب حقها في تقرير مصيرها والحصول على استقلالها الذاتي في مختلف الأمور الداخلية والمحلية وفي مختلف وسائل الحكم الذاتي التي تقررها، كما ورد في المادة رقم 34 أن للشعوب الحق في تطوير مؤسساتها وعاداتها القانونية وعاداتها وتقاليدها وقيمها.[٤][٥]


وفي تطبيق حق تقرير المصير يجب على الحكام استشارة الشعب في القرارات التي سيتم اتخاذها التي تمس أي حق من حقوقهم، وان تتعاون الدولة مع الشعب لتنفيذ التشريعات والقرارات الإدارية، والتي يكون الشعب قد شارك في وضعها من خلال المجالس والمؤسسات المعنية،[٤] وقد تم التشديد على حق تقرير المصير في المواثيق الدولية حيث أن الامتثال لحق تقرير المصير يعد شرطاً للتمتمع ببقية حقوق الإنسان والحريات الأساسية سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو سياسية، أو ثقافية، وقد كان إدراج حق تقرير المصير في ميثاق الأمم المتحدة أمراً أساسياً للحفاظ على العلاقات بين الدول لتبقى ودية وسلمية.[٦]


التحرر والحركات الانفصالية

ظهرت حركات التحرر بعد ظهور حق تقرير المصير، حيث أصبحت تملك سنداً شرعياً يساعدها في نضالها للتحرر من الاستعمار الغربي والأوروبي، وقد ازدهرت هذه الحركات في القرن العشرين وتحديداً في الخمسينيات والستينيات منه، حيث أصبح تقرير المصير منذ ذلك الوقت مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتحرر السياسي بالرغم من أن مفهوم تقرير المصير لم يكن بداية يرتبط بالتحرر السياسي في تلك الفترة، وقد ساعد ظهور حق تقرير المصير العديد من شعوب العالم وخاصة في دول العالم الثالث أن يقيموا دولاً خاصة بهم، كما ساعدهم على التخلص من الحركات الاستعمارية.[٣]


إن حركات التحرر التي ظهرت في دول العالم الثالث ونالت استقلالها استناداً إلى حقها في تقرير مصيرها ما لبثت أن تعرضت لحركات تمرد أخرى طالبت بتقرير مصيرها وكانت معادية لها، وساعدها في ظهورها الاستبداد والظلم السياسي، وقد كانت هذه الحركات المتمردة تتبع في عملها أجندات سياسية خارجية تعادي النظام السياسي الموجود، أكثر من اهتمامها بحماية الجماعات العرقية أو اللغوية المنبوذة والمهمشة، وبالرغم من أن حق تقرير المصير هو حق نبيل إلى أنه لم يكن بمعزل عن الاستغلال السياسي الذي بات يصعب معه تمييز الشعوب التي تسير في طريق تقرير المصير السليم دون اي عداء سياسي مستتر، وكان من أهم هذه الحركات الانفصالية المتمردة الحرب الباردة، وتمرد الكونغو الديمقراطية، حيث تمرد إقليم كاتنغا في عام 1963م، وكان مدعوماً من أجندة خارجية غربية يُقال إنها بلجيكية فرنسية، كانت تهدف إلى الإضرار بالنظام الوطني بقيادة باتريس لومومبا.[٣]


المراجع

  1. "self-determination", www.dictionary.cambridge.org, Retrieved 2018-6-30. Edited.
  2. ^ أ ب ت "self-determination", www.britannica.com, Retrieved 2018-6-30. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج "تقرير المصير"، www.aljazeera.net، 2015-12-31، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-30. بتصرّف.
  4. ^ أ ب منظمة الأمم المتحدة، منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، صفحة 5. بتصرّف.
  5. "Self-Determination Integral to Basic Human Rights, Fundamental Freedoms, Third Committee Told as It Concludes General Discussion", www.un.org,2013-11-5، Retrieved 2018-6-30. Edited.
  6. "Self-determination"، www.unpo.org، 2017-9-21، Retrieved 2018-6-30. Edited.
4328 مشاهدة
للأعلى للسفل
×