تعريف حول الأدب الرومنطيقي

كتابة:
تعريف حول الأدب الرومنطيقي

تعريف الأدب

الأدب هو أحد أهمِّ الأشكال التي يستخدمُها الإنسان للتعبير عن هواجِسه، حيثُ يمكنُ للأديب التعبيرُ من خلال الأدب عمَّا يدور في عقله ونفسه من مشاعر وعواطف وأفكار وخواطر بشتّى الأساليب الفريدة، بحيث يمكِّنُ السامع من فَهم الفكرة المُراد إيصالها، ويشملُ الأدب بمفهومِه العامّ فنونًا وأشكالً أدبية كثيرة وهي: الشعر، الرواية، القصة، المقالة، النثر وغيرها، وهو يشملُ كلّ ما أنتجه العقل البشريّ عبرَ العصور، ووسَّع البعض مفهوم الأدب ليرادفَ مفهوم الثقافة الذي يشمل علم الفلسفة والطبيعة واللسانيّات بالإضافة إلى الفنون الجميلة، وفي هذا المقال تعريف حول الأدب الرومنطيقي وخصائصه وأبرز روّاده.

تعريف حول الأدب الرومنطيقي

يُطلَقُ مصطلح الأدب الرومنطيقي أو الأدب الرومنسيّ أو الأدب الرومانتيكيّ على ذلك المذهب الأدبي الذي يجعلُ من النفس الإنسانية أكبرَ اهتماماتِه ومحورَه الرئيس، بالإضافة إلى ما تمتلئ به هذه النفس من خيالات وعواطف ومشاعر وأفكار وغيره، بغضِّ النظر عن صاحب هذه النفس سواءً كان مؤمنًا أم غيرَ مؤمنٍ، ويرجعُ أصل هذه الكلمة إلى الكلمة الإنجليزيّة "romance"، والتي تَعني القصّة أو الرواية التي تتحدُث عن مغامراتٍ وأحداثٍ عاطفيّة من نَسج الخيالِ خارجَ كلّ قيود الرغبة العقليّة.[١]

وقد ظهرت المدرسة الرومنطيقيّة في أوروبّا الغربيّة في نهاية القرن الثامن عشر، أيْ بعد قرن ونصف تقريبًا من ظهورِ المدرسةِ الكلاسيكيَّة، واهتمَّ هذا المذهب في الأدب بالخيال والعاطفة للتحرّر من قيود الكلاسيكية وأفكارها وما كان سائدًا في المجتمع من أعراف وتقاليدَ قديمة، فظهرَ الأدب الرومنطيقيّ بعد عصر التنويرِ في أوروبّا ودونَ شكٍّ كان قد استمدَّ من الثورة ومبادئها والمرحلة التي سادت فيها القدرةَ على التفلُّت والنهوض ضدَّ القوانين الأرستوقراطيّة السياسيّة والاجتماعيّة التي كانت منتشرة في المرحلة التي سبقت عصر التنوير، كما قام هذا المذهب بالتخلّص من هيمنةِ الآداب القديمة الرومانيّة منها والإغريقيّة، خصوصًا أنَّ أوروبا كانت في فترة دخولها في عصر جديد وهو عصر النهضة، وبدأت تصنعُ استقلالها وترسمُ ملامحَها المستقلّة في الفكر واللغة والأدب.[٢]

خصائص الأدب الرومنطيقي

تميَّز الأدب الرومنطيقي بالعديدِ من الخصائص التي شكَّلت له ملامحَه الخاصّة بين المذاهب الأدبيّة، خاصّة أنّه ظهر بعد عصر التنوير واستلهم من الثورة معاييرَها لتشكيل شخصيّته التي سبقَ الحديث عنها، وسيتمُّ ذكر أهم خصائص الأدب الرومنطيقي فيما يأتي: [٣]

  • التمرُّد على سلطة الأنظمة والقوانين والقواعدِ الاجتماعيّة.
  • المناداة بالحريّة والدعوة لبناء عالم يقوم على الخير والمساواة والعدالة والحقّ.
  • الانسلاخ من سلطة العقل واللجوء إلى سلطة القلب بما فيه من مشاعر وعواطف.
  • الاندفاع باتِّجاه العفويّة والجمال.
  • التخلّي عن الأساطير القديمة بما فيها الرومانيّة والإغريقية، وأخْذ ما في الدين والكتب المقدّسة من شخصيّات وقصص.
  • اتخاذ الطبيعة ملجأً وجَعلها ركيزةً في التصوير القصصيّ.
  • إظهار حبِّ التغرُّب والهروب الدائم إلى عوالمَ جديدة، وحبّ التنقل واكتشاف الدنيا.
  • إعطاء المرأة منزلتها التي تستحقها وتسليط الضوء على شخصيّتها.
  • الجرأة في التفكير والميل إلى الحدس أكثر من التحليل الواعي والموضوعيّ.
  • التركيز على عنصر الخيال والتصوير الذي يصل أحيانًا إلى ما يشبه الأوهامَ وأحلام اليقظة.
  • غَلَبةُ الحزن والصراعات النفسيّة والكآبة واليأس.
  • الشعور بوضاعة الحياة وقُرب الموت.
  • التمسُّك بالحرية المطلقة في التعبير.
  • تركُ اللغة الكلاسيكيّة المتعالية بالتصنّع والدقة والانتقال إلى اللغة البسيطة المألوفة.

الأدب الرومنطيقي العربي

لم يدخلُ مفهوم الأدب الرومنطيقي إلى الأدب العربيّ إلّا في بداية القرن العشرين، مع ازدياد احتكاك الدول العربيّة بالعالم الغربي خلال سنوات الاستعمار وكثرةُ الهجرات إلى الدول الغربيّة أيضًا، وكان دخوله في البداية على شكل حركة نظريّة نقدية بفضلِ كتابَيْن صَدَرا في الفترة نفسها تقريبًا، الكتاب الأول للأديبين عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازنيّ بعنوان "الديوان" وصدر عام 1921م، أمَّا الكتاب الثاني فكان للأديب ميخائيل نعيمة بعنوان "الغربال" وصدر عام 1922م، وكانت هذه الشرارة الأولى لظهور هذا المفهوم في الأدب العربيّ والذي انتشر فيما بعد في العديد من الأشكال والفنون الأدبيّة من رواية وشعر وغناء وجداني، حيث تمَّ تصنيف روايات كلٍّ من عبد الحليم عبد الله ويوسُف السباعي وإحسان عبد القدوس أنّها من أدب الرومنطيقيّة، وكذلك بالنسبة للشعر، فقد ظهرت الكثير من المدراس الأدبيّة التي تبنت هذه الرؤية، كالرابطة القلمية ومدرسة أبولو ومدرسة الديوان، وشاع أيضًا في أشعار الكثير من الشعراء، مثل: مفدي زكريا وأبي القاسم الشابي وبدر شاكر السيّاب وأمل دُنقُل وغيرهم.

وقد تركت ذلك المذهب آثارًا عميقةً وجليَّة في الأدب العربيّ؛ بسبب حاجة المجتمعات الطبيعيّة إلى التجديد والتي عمدَت إلى فرض نفسها بقوة وبشكل علنيّ على مختلف أشكال الحياة السياسيّة والفكريّة والأدبيّة خاصّةً في فترة زمنيّة وقعت بين الحربين العالميّتين الأولى والثانية، فشكَّل المذهب الرومنطيقي في الأدب ملجأ للأدباء يَعبُرون من خلاله عن كل ما يعتمل في نفوسهم وعقولهم وقلوبهم من أفكار ومشاعر للوقوف في وجه الظّلم والاستبداد والمناداة بالحريّة والدعوة إلى بناء عالم تسوده العدالة والمساواة. [٤]

رواد الأدب الرومنطيقي

أثَّر هذا المذهب في كثير من الأدباء والمفكّرين فاعتنقوا مبادئه وآمَنوا به مذهبًا أدبيًّا، وقد كان الشعر هو أهم الفنون الذي ظهر فيه رواد الأدب الرومنطيقي، وسيتمُّ ذكر بعض أهمّ رواد المدرسة الرومنطيقية فيما يأتي:

  • خليل مطران: من رواد المدرسة الرومنطيقية، ولدَ عام 1871م في بعلبك في لبنان، وعاش بقيّة حياته في مصر فلُقِّب شاعرَ القطريْن، كان يوصَف أنّه غزيرالعلوم، رقيق الطبع، وَدود القلب، مُسالِمًا في أحواله كلّها، توفّي عام 1949م في مدينة القاهرة.[٥]
  • جبران خليل جبران: من أشهر روّاد المدرسة الرومنطيقيّة، ولدَ عام 1883م في لبنان وقضى بقية حياته في الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة نيويورك حتى وفاته عام 1931م، من أشهر مؤلفاته النبيّ، الأجنحة المتكسرة، الأرواح المتمردة.[٦]
  • أحمد زكي أبو شادي: طبيب وشاعرٌ من مِصر، ولد عام 1892م في مصر ودرسَ الطبّ في إنجلترا، وفيها أتقنَ اللغة الإنجليزية واطلع على الأدب الإنجليزيّ، ثمَّ هاجرَ إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبقي فيها حتّى وفاته عام 1955م، أسّسَ مدرسة أبولو مع عدد من الشعراء العرب.[٧]
  • علي محمود طه: شاعر مِصريّ من رواد هذا المذهب، ولدَ عام 1902م، درسَ الفنون والصناعات، كان يُكثرُ من التّرحال والسفر إلى أوروبّا، فاكتسب بذلك تجارب شعريّة جديدة ساعدته فيما بعد في تمييز إنتاجه الأدبيّ، توفّي عام 1949م.[٨]

المراجع

  1. "الرومانسية"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  2. "رومانسية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  3. "خصائص الرومانسيّة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  4. "اتجاهات الأدب العربي الحديث: المحاكاة والأفق المسدود"، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  5. "نبذة حول : خليل مطران"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  6. "نبذة حول : جبران خليل جبران"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  7. "أحمد زكي أبو شادي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
  8. "علي محمود طه"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-05-2019. بتصرّف.
5477 مشاهدة
للأعلى للسفل
×