بر الوالدين
برُّ الوالديَن من الأعمال العظيمة والمفروضة التي تقرِّبُ العبدَ من خالقهِ تعالى، وقد أمرَ الله تعالى ببرِّ الوالدين والإحسانُ إليهما وطاعتهما فيما يرضي الله تعالى وعدم مخالفةِ أوامرهما والمسارعة بتقديم الخير لهما، وقد جعل الله تعالى بر الوالدين مقرونًا بعبادته عندما أمر بذلك في قوله تعالى: {وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحسانًا} [١]، وفي قوله تعالى: {واعبدُوا اللهَ ولا تُشركوا به شيئًا وبالوالدَين إحسانًا} [٢]، وذلك لعظم مكانة الوالدين عند الله تعالى، وهذا المقال سيتناول الحديث عن عقوق الوالدين وعن عقوبة عقوق الوالدين في الإسلام. [٣]
تعريف عقوق الوالدين
يعدُّ عقوق الوالدين في الإسلام من الكبائر والمحرمات التي ورد تحريمها في أحاديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقد ورد في الحديث الذي رواه أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أكبرُ الكبائرِ: الإشراكُ بالله، وقتلُ النفسِ، وعقوقُ الوالدَينِ، وقولُ الزورِ. أو قال: وشهادةُ الزور" [٤].
وأصل كلمة العقوق من القطعِ والشقِّ، فيقالُ مثلًا: عقَّ الولدُ أباه عقوقًا، إذا عصاه وخرجَ عليه وآذاه، فالعقوق يحتمل كل ما يمكنُ أن يؤذي الوالدين من قبلِ أولادهما، فلا يجوزُ حتَّى أن يتأفف الولدُ من والديه كما ورد في قوله تعالى وهي أصغر إساءة يمكنُ أن تصدر من ولدٍ تجاه أحد أبويه ورغم ذلك حرَّم ذلكَ الله تعالى،، لأنَّ هذا أيضًا من العقوق، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [١]، وقال الإمام الرازيُّ: "المرادُ من قولِه تعالى: {فلا تقُلْ لهمَا أفٍّ} المنعُ من إظهارِ الضجرِ بالقليل أو الكثير، والمراد من قوله: {ولا تنهرهما} المنع من إظهارِ المخالفة لهما في القولِ على سبيل الردِّ عليهما والتكذيب لهما"، والله تعالى أعلم. [٥]
عقوبة عقوق الوالدين
عقوق الوالدين من الكبائر التي حذَّر الله تعالى من الوقوع فيها، فقدَ وردَ في كثير من الآيات تعظيم الوالدين وتوقيرهما وبرهما، ووردَ في كثير من الأحاديث الحضُّ على بر الوالدين والتحذير من عقوق الوالدين، ففي الحديث عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أكبرُ الكبائرِ: الإشراكُ بالله، وقتلُ النفسِ، وعقوق الوالدين، وقولُ الزورِ. أو قال: وشهادةُ الزور" [٤]، فقد جعلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر التي توجبُ غضبَ الله تعالى، وقد يكون عقوق الوالدين سببًا لدخول نار جهنَّم للإنسان الذي يعقُّ والديه.
كما وردَ في الحديثِ الذي رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخلُ الجنَّةَ عاقٌّ، ولا مدمنُ خمرٍ، و لا مكذِّبٌ بقدرٍ" [٦]، لذلك يجبُ على المسلمِ أن يبرَّ والديه ويتجنَّبَ عقوق الوالدين ويلتزمَ ما أمره الله تعالى به: قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [٧]، فعقوبة عقوق الوالدين غضبُ الله تعالى على الولد العاقِّ وسوء الخاتمة له في الدنيا وفي الآخرة نار جهنَّمٍ وعذابٌ أليم كما سبَق. [٨]
المراجع
- ^ أ ب {الإسراء: الآية 23}
- ↑ {النساء: الآية 36}
- ↑ بر الوالدين, ، "www.kalemtayeb.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-12-2018، بتصرف
- ^ أ ب الراوي: أنس بن مالك، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6871، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ العقوق يحصل بمخالفة الأمر اليسير إذا كان مستطاعاً, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-12-2018، بتصرف
- ↑ الراوي: أبو الدرداء، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 675، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
- ↑ {الأحقاف: الآية 15}
- ↑ التحذير من عقوق الوالدين, ، "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 20-12-2018، بتصرف