تفسير آية (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة)

كتابة:
تفسير آية (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة)

سبب نزول الآية (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة)

قال الله -تعالى-: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)،[١] ورد في سبب نزول هذه الآية بعض الروايات، وبعضها يشبه بعضاً، ومن هذه الروايات، رواية مرثد بن أبي مرثد -رضي الله عنه- مع عناق.[٢]

روي عن عبد الله بن عمرو: (أنَّ مَرثَدَ بنَ أبي مَرثَدٍ الغَنَويَّ، كان يَحمِلُ الأُسارى بمكَّةَ، وكان بمكَّةَ بَغِيٌّ يُقالُ لها عَناقُ، وكانت صَديقَتَه، قال: جِئتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أنكِحُ عَناقَ، قال: فسَكَت عَنِّي، فنَزَلَت: (وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ).[١] فدعاني فقَرَأَها عليَّ، وقال: لا تَنكِحْها).[٣]

تفسير الآية

استخرج المفسرون من هذه الآية معاني لطيفة، لا تعارض بينها،[٤] ومعنى قوله: (ينكح)؛ أي يتزوج، ومعنى النكاح هنا هو الزواج، ويستخرج من هذا المعنى ثلاث معان، وهي كما يأتي:

  • إن كان معنى (لا) في قوله: (لا ينكح) هو النفي، فيكون المعنى أن الزاني من عادته لا يتزوج إلا زانية مثله، أو امرأة مشركة، وكذلك الزواني لا يتزوجن في العادة إلا الزناة والمشركين.
  • إن كان معنى (لا) النهي، فيكون النهي هنا للتحريم، ويكون المعنى لا يجوز، ولا يحلّ للزناة أن يتزوجوا إلا زانيات، أو مشركات، وكذلك الزانيات لا يتزوجن إلا الزناة والمشركين، ويكون النهي هنا للتحريم، فلا يحلّ للعفيفين والعفيفات أن يتزوجوا من الزناة.
  • كالمعنى السابق، ولكن النهي هنا للكراهة والتنزيه؛ أي يكره للزاني أن يتزوج من غير الزانية، ويكره للزانية أن تتزوج من غير الزاني، فإن تزوجت غير زان فهو مكروه، كما يكره لغير الزاني أن يتزوج زانية، ويكره لغير الزانية أن تتزوج بزان.

ومعنى قوله (ينكح) يجامع ويزني، وليس يتزوج، ويستخرج منها معنيان، وهما كما يأتي:

  • أي أن الزانية في العادة لا يزني بها إلا الزناة والمشركون، وأما العفيفون فلا يطاوعونها على الزنا، والزاني في العادة لا يزني إلا بالزانيات والمشركات، والعفيفات لا يطاوعنه على الزنا.
  • أي أن الزانية تصبح وقت الزنا وبسبب فعل الزنا زانية، وتنتفي عنها صفة العفة والإيمان، وكذلك الزاني، ويتلبسان بصفة الفسق، وينتفي عنهما الإيمان، وهذا يشبه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ).[٥]

حكم الزواج من زانية

ذكر العلماء في حكم زواج العفيف من الزانية، أو زواج العفيفة من الزاني، قولين وهما كما يأتي:[٦]

  • القول الأول: لا يحل، وهذا المعنى ذكرناه في التفسير، والآية تحتمل هذا المعنى، وهذا القول مأخوذ من النهي الذي ورد في الآية الكريمة.
  • القول الثاني: يجوز، وأما المعنى الذي في الآية فهو على كراهة التنزيه، وليس حرامًا.

المراجع

  1. ^ أ ب سورة النور، آية:3
  2. عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، لباب النقول في أسباب النزول، بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية ، صفحة 32. بتصرّف.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2051 ، حديث سكت عنه أبو داود وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  4. شهاب الدين الألوسي (1415)، تفسير الألوسي ( روح المعاني)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 284-285. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في الصحيح، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6782، صحيح.
  6. الإمام القرطبي (1384)، تفسير القرطبي (الطبعة 2)، القاهرة :دار الكتب المصرية، صفحة 169، جزء 12. بتصرّف.
7533 مشاهدة
للأعلى للسفل
×