تفسير آية (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه)

كتابة:
تفسير آية (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه)

نص الآية

قال الله -تعالى- في سورة النساء: (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا)،[١]وفيما يأتي بيان ما جاء في تفسير هذه الآية الكريمة:

معاني المفردات

فيما يأتي بيانٌ لمعاني المفردات الواردة في هذه الآية، وهي:[٢]

  • الذين هادوا: أي اليهود.
  • يحرّفون: أي يبدلون ويغيرون.
  • الكَلِم: أي ما أنزله الله من كلام.
  • مواضعه: أي ما جاء في التوراة من وصفِ النبي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
  • غير مسمَع: أي لا سمِعتَ.
  • راعنا: من الرعونة، وكان اليهود يقصدون بها الإساءة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
  • ليّاً: أي تحريفاً.
  • طعناً: أي قدحاً وتشكيكاً.
  • الدّين: الإسلام.
  • انظُرنا: أي انظُر إلينا.

مناسبة الآية

بعد أن بيّن الله -تعالى- فيما سبق من آياتٍ عظيمَ ثوابِ من التزم بأوامرِ الله وأحكامه، وامتثل لها وقام بها كما أراد الله، وبيّنَ شدةَ عقابِ من خالف أوامر الله، ضربَ مثلاً بذكرِ حالِ قِسمٍ من أهل الكتاب، الذين لم يلتزموا بأوامر الله، ولم يمتثلوا لها، وقاموا بتحريف الكتاب وتبديل ما جاء فيه، فاشتروا الضلالةَ بالهدى، وقد ذكرَ اللهُ -تعالى- ذلك من أجل تنبيه المؤمنين إلى ضرورة الالتزام بما أمرهم به، ومن أجل تحذيرهم من خطورة التحريف والتبديل وعدم الامتثال بما أُمروا به، فإنّ ذلك يستحق العقاب الشديد والعذاب الأليم كما حصل مع اليهود من قبلهم.[٣]

المعنى الإجمالي للآية

ذكرَ الله -تعالى- في هذه الآية الكريمة مجموعةً من أفعال اليهود القبيحة، التي كانوا يفعلونها على الرغم من معرفتهم بما نزل من الحقّ، وعلى رأس تلك الأفعال تحريفُ التوراة، حيث قاموا بتغيير ما جاء فيها من البشارةِ والإخبارِ بنبوةِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- ووجوب الإيمان به، ولم يكتفِ اليهودُ بما فعلهُ أسلافهم من تحريف التوراة، بل قاموا بمحاولة تحريف ما يسمعونه من فم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد جاء في هذا المعنى قوله -تعالى- في موضعٍ سابق: (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).[٤][٥]

وقد كان اليهود فوق ذلك يستهزئون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويُصرِّحون بمعصيتهم له، ويحاولون الإساءة إليه بالشتم والسبّ؛ لأنّ قلوبهم قد امتلأت حقداً على الإسلام والمسلمين، وحسداً لهم على ما آتاهم الله من فضله، ولو أنّهم آمنوا بالرسول وامتثلوا لأمره وقالوا مثل ما علّمهم لنجوا من لعنة الله التي استحقوها بأفعالهم القبيحة، وقد جاء في تفسير معنى قول اليهود: (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) ثلاثةُ أقوال:[٥]

  • فقيل إنّ معناه أنّهم يقصدون الدعاء على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعدم السمع والإصابة بالصمم.
  • وقيل إنّ معناه أنّهم يقصدون أنّ كلامه غير مسموعٍ ولا مُجاب.
  • وقيل إنّ معناه أنّهم يقصدون أنّه لا يسمعَ ما يقولونه بين بعضهم من إساءةٍ وشتمٍ واستهزاءٍ.

المراجع

  1. سورة النساء، آية:46
  2. جلال الدين المحلي، تفسير الجلالين، صفحة 109. بتصرّف.
  3. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 96. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:75
  5. ^ أ ب محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 1700-1702. بتصرّف.
5094 مشاهدة
للأعلى للسفل
×