تفسير آية (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)

كتابة:
تفسير آية (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)

سورة النّور

هي سورة مدنية، عدد آياتها 64 آية، وتقع في الجزء الثّامن عشر في القرآن الكريم، ويبلغ ترتيبها بين السّور الرّابعة والعشرين، وقد نزلت بعد سورة الحشر، حيث بدأت آياتها بـ (سورةٌ أنزلناها)، وقد تحدثت آياتها عن حادثة الإفك، ومن أهم مقاصدها شرح أحكام العفاف والسّتر،[١]وقد حملت السّورة اسم النّور لما فيها من الأنوار الرّبانية التي نشرها الله -تعالى- من نوره حين قال -عزّ وجلّ-: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ).[٢]

تفسير آية (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)

جاء في تفسير هذه الآية الكثير من المعاني المبشّرة بالخير الكثير، فهي جزء من البشارة التي وعد الله -تعالى- بها الرّسول محمّد -صلى الله عليه وسلم- لتكون دليلًا على صِدق نبوته، وأنّ الله -تعالى- سيجعل أمته خلفاء الأرض، وقد حصل، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

تفسير السّعدي

مما أورده السّعدي في تفسيره أنّ هذه الآية من وعود الله -تعالى- الصّادقة، والتي تحققت وشوهدت، فهذه الأمة قامت بالإيمان والعمل الصّالح، فكان الاستخلاف حليفاً لها في الأرض، وكان قادتها هم الخلفاء فيها، يحكمون في تدبيرها، فكان لهم التّمكين في دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي علا كلّ الأديان، فأبدل الله -تعالى- خوفهم من الكفار أمنا بعد أن استقرّ الإيمان في قلوبهم، فظهرت أركانه على أعمالهم الصّالحة، فجاءهم التّمكين والنّصر.[٣]

تفسير ابن كثير

ذكر ابن كثيرٍ في تفسيره أنّ الله -تعالى- وعد رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن أمته ستكون خلفيته في الأرض، أي أئمة النّاس والولاة عليهم، وفي خلافتهم ينتشر الأمن والعدل، فتصلح البلدان، وينزل تحت حكمهم العباد، فيعمّ الأمن والأمان، فيبدل الله -تعالى- بعد خوف النّاس أمنًا.[٤]

وقد حدث هذا الأمر، فوعود الله -تعالى- لا تأتِ إلا بالخير، فقد كانت البلدان تفتح مصراعيها للمسلمين، والفتوحات تأتي متتابعة، فلم يقبض الله -تعالى- روح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى فتح الله -تعالى- له مكة وخيبر، وقد أكمل الصّحابة المسير من بعده وتوالت الفتوحات، وأقيمت دولة الإسلام على الأرض بلا خوف ولا ذعر.[٤]

تفسير القرطبي

جاء في تفسير القرطبي أنّ هذه الآية نزلت في الخليفين أبي بكر الصّديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- كما قال مالك، وقد ذكر المفسر أنّ سبب نزول هذه الآية هو أنّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم- قد جاءه بعض أصحابه يشكون من جهد مكافحة العدو، وأنّهم لا يضعون أسلحتهم، وأنّهم خائفون على أنفسهم كثيرًا؛ فنزلت الآية تُبشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالخير الكثير.[٥]

سبب نزول آية وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا

جاء في سبب نزول هذه الآية ما أورده القرطبي في تفسيره، حيث ذكر ما قاله أبو العالية: "مكث رسول - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين بعدما أوحي إليه خائفًا هو وأصحابه، يدعون إلى الله سرًا وجهرًاّ، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة، وكانوا فيها خائفين يصبحون ويمسون في السّلاح".[٥]

"فقال رجل: يا رسول اللهّ، أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال: عليه السّلام -: لا تلبثون إلا يسيرًا حتى يجلس الرّجل منكم في الملأ العظيم محتبيًا ليس عليه حديدة، ونزلت هذه الآية، وأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فوضعوا السّلاح وأمنوا".[٥]

شروط الاستخلاف والتمكين في الأرض

روى مسلم عن ثوبان قال: سمعت النّبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ علَى الحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ كَذلكَ. وَليسَ في حَديثِ قُتَيْبَةَ: وهُمْ كَذلكَ)،[٦] فالله- تعالى- تكفّل بحفظ هذا الدّين إلى يوم القيامة، لذلك كانت الخيرية له، ولكن الخيرية مربوطة بشروط التّمكين والاستخلاف في الأرض، وهي:[٧]

المراجع

  1. "تعريف سورة النور"، المصحف الإلكتروني، 22/1/2022، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
  2. سورة النور، آية:35
  3. "تفسير السعدي"، تفسير القرآن، 23/1/2022، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "تفسير ابن كثير"، تفسير القرآن، 23/1/2022، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2022. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "تفسير القرطبي"، تفسير القرآن، 23/1/2022، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2022. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 1920، صحيح.
  7. "شروط الاستخلاف والتمكين للمسلمين في الأرض"، المكتبة الشاملة، 23/1/2022، اطّلع عليه بتاريخ 23/1/2022. بتصرّف.
4207 مشاهدة
للأعلى للسفل
×