تفسير الآية الكريمة
قال الله -عز وجل-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١] فسّر العلماء هذه الآية الكريمة في كتبهم بما يأتي:
قوله -عز وجل-: (وَمِنْ آيَاتِهِ)
أي من علامات قدرة الله -عز وجل-، ووحدانية الله -عز وجل- وربوبيته.[٢]
قوله -عز وجل-: (أنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)
خلق: أوجد الشيء بعد العدم، وخلق لكم من أنفسكم أزواجاً؛ قال بعض العلماء: جعل الله -عز وجل- من جنسكم (بني آدم) ذكوراً وإناثاً يتزوج بعضهم بعضاً؛ بطريق مشروع حلال، وذهب فريق من العلماء إلى أن معنى هذه الآية أن الله -عز وجل- خلق آدم من حواء.[٣]
قوله -عز وجل-: (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)
أي لتستقروا، ولتطمئنوا، ولتستأنسوا، فالزوجان يستقران ويطمئنان، ويستأنسان ويستران ببعضهما البعض، قال الله -عز وجل-: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ).[٤][٥]
قوله -عز وجل-: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)
أي إنّ الله -عز وجل- جعل بين الزوجين الرقة والرأفة، والقرابة والعطف، والحنان وجعل لذة الاستمتاع بينهما، والمودة والرحمة متبادلة بين الطرفين.[٣]
قوله -عز وجل-: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
أي إنّ في هذه العلامات الدالة على القدرة الإلهية والوحدانية لله -عز وجل-؛ عبراً عظيمة لقوم يتفكرون بقلوبهم، وعقولهم في قدرة الله -عز وجل-.[٦]
ما ترشد إليه الآية الكريمة
ترشد الآية الكريمة إلى ما يأتي:
- الخلق والإبداع ديل على وحدانية الله -عز وجل-
الخلق هو من أفعال الله -عز وجل- التي لا يشاركه فيها أحد، والخلق والإبداع هما دليلان على وحدانية الله -عز وجل-؛ في ربوبيته وألوهيته.
- بنو آدم بعضهم من بعض
خلق الله -عز وجل- آدم وحواء -عليهما الصلاة والسلام-، وأوجد الله -عز وجل- منهما ذرية، وهي الذرية هي الذكور والإناث، وجعل الله -عز وجل- الغرائز الجنسية في هذين الجنسين، وهذين الجنسين هما من يلبيا حاجة بعضهم البعض.
- الزواج هو علاج الغرائز الجنسية
خلق الله -عز وجل- الذكر والأنثى مجبولين على الشهوة، وأحل الله -عز وجل- الزواج، وحرم الزنا وسبله وطرقه، وجعل الزواج هو السبيل الوحيد الذي يكفل، ويضمن بإشباع هذه الغرائز الجنسية، وكذلك الزواج هو من يحفظ الأنساب من الضياع، ويحفظ الأعراض من الانتهاك.
- اختيار صاحب الدين والخلق
ينبغي للرجل والمرأة أن يختارا صاحب الدين والخلق، وذلك؛ لأن الدين والخلق هما من يخرجان أسرة صالحة ناجحة، وهذه الأسرة الصالحة تعكس أثراً إيجابياً على المجتمع، وكذلك الدين والخلق هما من يكفلان بحفظ الحقوق للزوجين، فصاحب الدين والخلق يحثه تدينه وخلقه الحميد على عدم الظلم.
- الزواج هو السكن
الزواج هو السكن والستر، والعفاف والاستقرار، والاطمئنان لكل من الذكر والأنثى.
- المودة والرحمة لها أسباب تأتي منها
تأتي المودة والرحمة بين الزوجين من خلال إحسان ظن الزوجان ببعضهما البعض، والتغاضي عن الهفوات والزلات؛ وكذلك تأتي من خلال احترام الزوجين بعضهما البعض.
- وجوب التدبر في آيات الله -عز وجل-
يجب على المسلم أن يتفكر ويتأمل في آيات الله -عز وجل-؛ الدالة على وحدانية الله -عز وجل- في ألوهيته وربوبيته.
المراجع
- ↑ سورة الروم، آية:21
- ↑ محمد القرطبي (1384)، الجامع لأحكام القرآن (الطبعة 2)، القاهرة:دار الكتب المصرية، صفحة 17، جزء 14. بتصرّف.
- ^ أ ب الحسين البغوي (1417)، معالم التنزيل في تفسير القرآن (الطبعة 4)، صفحة 266، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:187
- ↑ محمد الأصبهاني (1430)، تفسير ابن فورك (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية:جامعة أم القرى، صفحة 424، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الصابوني (1417)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، دمشق:دار الصابوني للطباعة والنشر، صفحة 438، جزء 2. بتصرّف.