تفسير آية (يدنين عليهن من جلابيبهن)

كتابة:
تفسير آية (يدنين عليهن من جلابيبهن)

تفسير آية (يدنين عليهن من جلابيبهن)

جاء في محكم التنزيل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،[١]ويمكن بيان أقوال المفسرين في النص السابق من خلال الآتي:

تفسير البيضاوي للآية

تُعنى الآية ببيان أحكام اللباس للمرأة المسلمة؛ حيث تبين الكيفية التي يتعين عليها ستر نفسها بها؛ فيأمرهن الله - عزوجل - بتغطية وجوههن وأبدانهن بملاحفهن، وذلك حينما تخرج أي منهن لحاجة يراها الناس من خلالها، ومن للتبعيض فإن المرآة مكلفة بإرخاء بعض جلبابها وتلتف ببعض.

وتأتي أهمية هذه الهيئة في اللباس لتميز المرآة المسلمة عن سواها من النساء؛ الأمر الذي يحول دون تعرّض أهل الريبة ومن في قلوبهم مرض لهنّ، ويتأتى هذا التشريع من حكمة الله -عز وجل- ورحمته بعباده. [٢]

ويجدر القول بأن توجيه الخطاب لزوجات النبي وبناته الشريفات وعموم نساء المؤمني في مطلع الآية الكريمة؛ إنما يدلل على عدل الله -عز وجل- في إقرار تشريعاته؛ ذلك أنها جاءت ناظمة وشاملة لجميع المسلمات على اختلاف أنسابهن ومستوياتهن الاجتماعية والقبلية.

تفسير القرطبي للآية

ُيبيّن القرطبي سبب نزول الآية بأن المرآة كانت سابقاً تخرج لحاجة فيتعرض لها أهل الفجور من الرجال؛ فتصيح به المرآة لينصرف، فنزلت هذه الآية صيانة لنساء المؤمنين من أرباب القلوب المريضة من الرجال، أما في معنى الجلباب فهو الثوب الذي يستر جميع البدن.

وقيل في هيئة التفافها بالجلباب أنه يُغطي الوجه دون العينين وجميع الجسم، وقال البعض تُغطّي نصف وجهها، وقال البعض الآخر يستر الصدر ومعظم الوجه، والستر المراد هو الذي لا يصف الجسد ما يعني أن يكون فضفاضاً لا يصف ما تحته، وجاء الأمر بارتداء الجلباب لتعرف المرآة المسلمة بأنها امرأة حرة فلا يتعرض لها أصحاب الأطماع.[٣]

تفسير السعدي للآية

جاءت الآية لتشرع الجلباب للمرأة المسلمة؛ وهو ما يغطي الوجه والبدن، وجاء الأمر لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- في البداية لأنه في حقهن آكد؛ فهن قدوات لنساء المؤمنين جميعاً، لتحصل لهن الوقاية من النفوس الطامعة والضعيفة، وقد كان الله غفوراً عن ما مضى من التفريط في الستر قبل نزول هذه الآية، رحمياً بالمؤمنات بأن بين لهن الحلال من الحرام من الأحكام.[٤]

خلاصة آراء المفسرين في الآية

بالنظر في أقوال المفسرين السابقة يمكن الخروج بجملة من الملاحظات الآتية:

  • تعتبر الآية من آيات الأحكام، والتي تبين حكم اللباس الشرعي للمرأة المسلمة بصورة عامة.
  • المراد بالجلباب الثوب الذي يستر البدن، وذهب البعض إلى اعتباره الثوب الذي يستور البدن والوجه على السواء.
  • يعتبر الجلباب بمثابة الهوية الحضارية التي كرّم الله -عز وجل- المرأة المسلمة بها.
  • جاءت هيئة اللباس الشرعي حفاظاً على كرامة المرأة المسلمة، ووقاية لها من النفوس التي تطمع في النيل من المرأة المسلمة وعفتها.

المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:59
  2. البيضاوي، ج 4، تفسير البيضاوي، صفحة 238. بتصرّف.
  3. القرطبي، تفسير القرطبي، ج 14، صفحة 243-244. بتصرّف.
  4. السعدي، تيسير الكريم الرحمن، صفحة 671. بتصرّف.
4203 مشاهدة
للأعلى للسفل
×