تفسير الغضب في المنام

كتابة:
تفسير الغضب في المنام


تفسير الغضب في المنام

من الأمور المعنوية التي تتعلق بالمشاعر فلا توجد في المنام مستقلة لوحدها إنما هي توجد مع الأمور المادية، لكن قد توجد في المنام بحالةِ أن الرائي يستشعر وجود غضب في مكان ما أو من شخص ما وقد لا يراه في المنام.


وللغضب في المنام دلالات عدة منها: فضده وهو الرضا، ومنها أنه قد يدل على قلة الرزق وعدم الانفراج وتسهيل الأمر، كما قد تدل على تعسر في العمل أو في الحياة وعلى عدم الرضا، كما قد يدل على اقتراف المعاصي والابتعاد عن الدين وقلة الطاعات، وقد يدل على الدَين وملاحقة سلطان وفرج عام بعد غضب عام.


كما قد يدل على قلق على ولد وهمٍّ في الرزق، كما قد تدل على العقوق والبر واحتقان النفس والحقد والثأر، وهذه المعاني وغيرها من الدلالات إنما توجد متناثرة في كل ما تكون موجودة به في المنام من الأمور المادية، كما أن الغضب في كتب التعبير والتأويل القديمة والحديثة منها كذلك منتشرة في ثنايا الرموز والأمور المادية التي تدل على الغضب.


الغضب في كتب التفسير

وقد ذكر محمد قطب في كتابه "دليل الحيران" دلالة واحدة من دلالات الغضب فقال: "هو في المنام سجن"،[١] ومما يناسب ما ذكر سابقا ما قاله محمد عارف في كتابه "عجائب التفسير".


حيث قال: "الغضب في المنام حسب ما تغضب لأجله، فإن كان من أجل العرض والدين فهو شرف وفضيلة، والغضب من أجل حطام الدنيا فهو حرص عليها وقلة دين، والغضب بلا سبب سجن ووهم، والغضب من الله -تعالى- والرسول -صلى الله عليه وسلم- والوالدين عذاب ومذلة".[٢]


الغضب على حسب الرائي والمرئي

  • من رأى أن أبوه غاضب منه فقد يكون عاقاً، وكذا رؤية الأم إذا كان من حال الرائي أنه مقصر معهما، والذي يغضب لله قد يصيب خيراً ومنصباً، كما ذكر المُلا الإحسائي في كتابه "تنبيه الأفهام"،[٣] وغضب المسؤول ورئيس العمل على موظف قد يؤول بخير يأتيه إن كان مجتهداً والمسؤول عادلاً.
  • وغضب الزوج على زوجته أحوال متضادة فهو غالباً حبه لها وقد يدل على نصحه لها أو على تقصيرها معه مع حبه لها، وغضب الصديق في المنام على صديقه محبته له، وغضب الإخوة إن لم يكن فيه افتراق فهو يحتمل أن يكون محبة ووفاقاً وإن كان الفراق فراقاً عادياً فهو محبة مع اختلاف غير قاطع.
  • والغضب في المنام إن كان الأمر محموداً فتأويله كذلك، وإن كان ذميماً فتأويله ذميم، ومثله الغضب للبحث عن العمل أو العزباء المنتظرة للخاطب وغيرها فما يُراد له الخير فهو خير وعكسه بعكسه، وقيل قد يكون غضب السلطان على الرعية دلالة شر لو كان ظالماً وغضبهم عليه دلالة رفض له كذلك، وغضب السماء عذاب وعدم استجابة الدعاء وغضب الأرض أم تشكو ولدها أو فيه نوع عقوق.
  • ومن رأى أن الله -تعالى- في المنام غاضب منه فليتق الله وليراجع نفسه، فإنه على خطر عظيم إن كان من أهل المعاصي، وإن كان من أهل الطاعات فقد يدل على أن سريرته تحتاج مراجعة كما قد يدل في بعض الأحوال على أن الشيطان يريد أن ييئسه من الرحمة إذا فليراجع الإنسان نفسه ويرى أين مكانه في ذلك من طاعات ربه فيعلم إن كانت هذه الرؤى تبشيراً أو تحذيراً.


الرموز التي تدل على الغضب

والرموز التي قد تدل على الغضب كثيرة جداً ومتناثرة في الرؤى ويستخرجها المعبِر من الرموز والأحداث في الرؤى مع دمجها مع أحوال الرائي، وعلى ذلك فربما يظهر من الرموز التي تدل على الغضب غير المشهورة في ذلك، ومع ذلك فالرموز الدالة على الغضب تكون غالباً عبارة عن غضب موجود في شيء.


ومن الرموز الطبيعية التي قد تدل على الغضب البركان والإعصار والهواء الشديد والصاعقة والخسف وانهيار جبل وسقوط شجر أو تجمد وجهٍ ووجه الشمس الغاضب، وكذا القمر ووجه الأرض الغاضب ومثلها القبر والبحر وغير ذلك من الدلالات التي على حسب تفاصيل وحال الرائي على الغضب.


ما يدل على الغضب عند المفسرين

وكذا ذكر النابلسي عن القنفذ أنه رجل سريع الغضب،[٤] وذكر عن الفهد قريبا من ذلك، ومن الرموز المتعلقة في البشر والدالة على الغضب ما ذُكر في التفسير المنتخب المنسوب لابن سيرين جملة متناثرة من الرموز ومنها: أن الكبد محل الغضب والرحمة.[٥]


وذُكر في موطن آخر عنه فقال: "أما الغيظ فمن رأى كأنّه مغتاظ على إنسان فإنّ أمره يضطرب وماله يذهب، إلى أن قال: فإن غضب على إنسان من أجل الدنيا فإنّه رجل متهاون بدين الله وإن غضب لأجل الله تعالى فإنّه يصيب قوة وولاية".[٦]


وقد ذكر النابلسي أن المرارة كذلك تدل على الغضب،[٧] وذكر كذلك أن الذي سعى فإنه يغضب غضبا تضيق به الحيلة،[٨] كما ذكر أن من رأى النبي يونس -عليه السلام- فإنه قد يكون إنساناً سريع الغضب سريع الرضا،[٩] وكذا كل عضو قد تكون فيه دلالة على غضب كالصدر وضيقه من شخص ما وكذا الصوت وحشرجته والعيون في بعض حالاتها.


وكل ما ذكر هو داخل في حيز الظن الغالب مما يحتمل الخطأ أو يحتاج مزيدا من الرموز والأحداث التي تقود المعبر لأرجح الاحتمالات، هذا والله -تعالى- أعلى وأعلم.

المراجع

  1. محمد قطب، دليل الحيران في تفسير الأحلام، صفحة 173.
  2. محمد عارف، عجائب تفسير الأحلام بالقرآن، صفحة 277.
  3. أبو بكر الإحسائي، تنبيه الأفهام بتأويل الأحلام، صفحة 109. بتصرّف.
  4. عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تعبير المنام، صفحة 284. بتصرّف.
  5. محمد بن سيرين، منتخب الكلام في تفسير الأحلام، صفحة 167.
  6. محمد بن سيرين، منتخب الكلام في تفسير الأحلام، صفحة 332. بتصرّف.
  7. عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تعبير المنام، صفحة 346. بتصرّف.
  8. عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تعبير المنام، صفحة 179. بتصرّف.
  9. عبد الغني النابلسي، تعطير الأنام في تعبير المنام، صفحة 375. بتصرّف.
4202 مشاهدة
للأعلى للسفل
×