محتويات
- ١ تفسير سورة البروج في ظلال القرآن
- ١.١ من قوله -تعالى-: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) إلى قوله (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)
- ١.٢ من قوله -تعالى-: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ) إلى قوله (وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
- ١.٣ من قوله -تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) إلى قوله (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)
- ١.٤ من قوله -تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) إلى نهاية السورة
- ٢ المراجع
تفسير سورة البروج في ظلال القرآن
سورة البروج سورة مكية، نزلت بعد سورة "الشمس" وقبل سورة "التين"، وهي تسمى سورة "البروج" وتسمى كذلك سورة "السماء ذات البروج"، وعدد آياتها اثنتان وعشرون آية،[١] وقد قسَّم سيد قطب وهو صاحب تفسير في ظلال القرآن سورة البروج إلى عددٍ من المقاطع وفسّرها كما يأتي.
من قوله -تعالى-: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) إلى قوله (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)
تبدأ السورة الكريمة بالقسم بالبروج وهي إمّا أجرام النجوم الضخمة، أو المنازل التي تتنقل فيها تلك الأجرام، ويُقسم الله - تعالى- بعد ذلك باليوم الموعود، وهو يوم القيامة الذي وعد الله -عز وجل- بقدومه، وأمهل المتخاصمين إلى حينه ليقضي بينهم، ويُقسم بالأعمال والخلائق الذين سيُعرضون للحساب فيكونون مشهودين، وبجميع الخلائق التي ستشهد ذلك، وهذا القسم بأبعاده الضخمة يوحي بأهمية الحدث الذي يُقسم الله -تعالى- من أجله وهو حادثة أصحاب الأخدود، وهو بذلك يضع الحادث في بُعدٍ أكبرَ من مجرد أحداث الأرض والحياة الدنيا؛ لأنّ حسابه لم ينتهي فيها بل سيتخطاها إلى الآخرة.[٢]
من قوله -تعالى-: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ) إلى قوله (وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
بعد تلك الأجواء الموحية تبدأ الإشارة إلى ذلك الحادث بإعلان نقمته -عز وجل- على تلك الفِعلة الشنيعة وفاعليها، ثم يفسر المقصود بالأخدود وهو الشق في الأرض الذي ملأه المجرمون ناراً، ويُعلن نقمته -عز وجل- عليهم وهم يقفون حول النار ويُلقون بالمؤمنين فيها ويرون احتراقهم بتشفٍ ولذة، وليس للمؤمنين جُرمٌ سوى أنهم آمنوا بالله العزيز القادر على ما يريد، الحميد المستحق للحمد والثناء، والذي يملك السماوات والأرض، ويشهد على كل شيء، ومما يشهد عليه ما حصل في هذه الحادثة الأليمة، وفي ذكرِ شهادته عليها إيناسٌ لقلوب المؤمنين، وتهديدٌ شديدٌ للمجرمين.[٢]
ويشير هذا الحادث إلى استعلاء الإيمان في نفوس أصحابه على كلّ الدنيا؛ فهم يقدمون أجسادهم للنيران ولا يتنازلون عن تلك العقيدة الحقّة، ولقد أسفر هؤلاء عن أكبر أشكال الحرية التي لم يستطع كل جبروت المتجبرين أن يخضعهم لما يريد، وهذا كله مكسبٌ لهؤلاء المؤمنين في الدنيا قبل الآخرة، ومكسبٌ عظيمٌ للبشريّة كلّها.[٢]
من قوله -تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) إلى قوله (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)
لم تنتهِ القصة في الدنيا، ففي الآخرة سينال المجرمون إذا استمروا على ضلالهم وظلمهم عذاب جهنّم بحرقهم في نار الآخرة، وشتان بين حريقهم الذي فعلوه في الدنيا واحتراقهم في الآخرة، وإن كان مصير هؤلاء كذلك فالمؤمنون سينالهم النعيم المقيم والفوز الكبير، وهكذا تنتهي القصة وتتضح كلّ فصولها، وهذه رسالةٌ لمستضعفي مكّة من المؤمنين ولكلّ صاحب عقيدةٍ في مرحلة الاستضعاف.[٢]
من قوله -تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) إلى نهاية السورة
وهنا يُعقِّبُ الله -تعالى- على ما سبق بتعقيباتٍ مناسبةٍ للموضوع، فيذكرُ بعضاً من صفاته العظيمة التي نسيها الكفار وغفلوا عنها، فيذكرُ بطشه الشديد في مقابل بطش الظالمين الضعيف، ويذكر قدرته على الخلق والإحياء وقدرته على الإماتة والإفناء، ويذكر بعد ذلك مغفرته ورحمته الواسعة؛ فهو يقبل التوبة ويعفو عن المذنبين حتى لو فعلوا كما فعل أصحاب الأخدود، وهو ودودٌ لطيفٌ بعباده المؤمنين، وهو كبيرٌ متعالٍ، مطلقُ الإرادة يفعل ما يشاء، فإن أراد أن ينصر المؤمنين ويقصم المتجبرين فعل، ثم يضرب مثلاً على قدرته على إهلاك الظالمين وتعجيل العذاب لهم في الدنيا، بإهلاكِ قوم ثمودٍ وقوم فرعون عندما كفروا وطغوا، وفي ذلك تهديدٌ للكافرين المكذبين، الذين لا يعلمون أنّ الله -عزّ وجلّ- قادرٌ عليهم في أي لحظةٍ، ثم يُبيّن طبيعة القرآن العالية الرفيعة المحفوظة، وأنّ قوله هو الفصل وهو الحقّ والصدق، وقد قال قوله في حادثة الأخدود.[٢]
المراجع
- ↑ محمد سيد طنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 341، جزء 15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج سيد قطب، " في ظلال القرآن » تفسير سورة البروج"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.