تفسير سورة الحجرات لابن كثير

كتابة:
تفسير سورة الحجرات لابن كثير
يعود سبب تسمية سورة الحجرات بهذا الاسم؛ بسبب ذكر لفظ الحجرات فيها، وهي مدنية اتفاقاً، أي مما نزل بعد الهجرة، وهي السورة الثامنة بعد المائة في ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة المجادلة وقبل سورة التحريم.[١]


تفسير سورة الحجرات

تفسير الآيات المتعلقة بالنهي عن التقديم بين يدي الله ورسوله يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[٢] يؤدب الله تعالى من خلال هذه الآية عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول فيحثهم على توقيره، وأن لا يسارعوا في الأشياء بين يديه بل يكونون تبعاً له.

تفسير الآيات المتعلقة بالآداب الإسلامية

يبين الله تعالى في سورة الحجرات مجموعة من الآداب الإسلامية، منها:

عدم رفع المخاطبين بين يدي النبي أصواتهم فوق صوته

كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)،[٣] ورغب الله تعالى في خفض الصوت عند النبي وجعل لمن يفعل ذلك مغفرة لذنوبه وأجرًا عظيمًا لا يعلمه سوى الله، وذم الله تعالى أجلاف الأعراب الذين ينادونه من وراء بيوت نسائه ولم يصبروا حتى يخرج إليهم ووصفهم بقوله: (أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ).[٤]

التأكد من الأخبار

يأمر تعالى بالتثبت من خبر الفاسق ليحتاط له، خشية أن يكون الخبر كاذبًا أو خاطئًا، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا).[٥]

الإصلاح بين المسلمين

أمر الله تعالى بالإصلاح بين المؤمنين المتقاتلين، وأن يكون أساس الإصلاح بينهم قائمًا على العدل، كما في قوله تعالى: (فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).[٦]

النهي عن السخرية من الآخرين

نهى الله تعالى عن الاستهزاء بالناس واحتقارهم، فقد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله من الساخر، كما ونهى عن النداء بألقاب قد يسوء لشخص سماعها كما في قوله تعالى: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ).[٧]

البعد عن سوء الظن

وهو تخوين الناس في غير محله.

النهي عن التجسس

والتجسس غالباً ما يطلق في الشر وتتبع عورات الآخرين.

النهي عن الغيبة

وهي ذكر الإنسان بما يكره، وشبه تعالى الغيبة في قوله: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ).[٨]

تفسير الآيات المتعلقة بالرد على الأعراب

وفي هذا القسم، يؤدب الله الأعراب الذين ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان، ولم يحصل لهم بعد، وقال تعالى لهم: (وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)،[٩] فالإيمان أخص من الإسلام، فالمؤمنون هم من يؤمنون بالله ورسوله ولم يشكوا بل ثبتوا على حال واحدة، كما ويرد الله على منتهم للرسول بإسلامهم ونصرته بأن نفع ذلك إنما يعود عليكم في قوله: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ).[١٠]

المراجع

  1. محمد بن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 213. بتصرّف.
  2. سورة الحجرات، آية:1
  3. سورة الحجرات، آية:2
  4. سورة الحجرات، آية:4
  5. سورة الحجرات، آية:6
  6. سورة الحجرات، آية:9
  7. سورة الحجرات، آية:11
  8. سورة الحجرات، آية:12
  9. سورة الأعراب، آية:14
  10. سورة الحجرات، آية:17
5095 مشاهدة
للأعلى للسفل
×