تفسير سورة النجم في ظلال القرآن

كتابة:
تفسير سورة النجم في ظلال القرآن


تفسير سورة النجم

تفسير سورة النجم بالرجوع إلى كتاب ظلال القرآن لسيد قطب، على النحو الآتي:[١]

  • إثبات النبوة وظاهرة الوحي

تحدثت الآيات من (1-18) عن إثبات النبوة وظاهرة الوحي، فأقسم الله -تعالى- بالنجوم على صدق النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، وأنّه لم يضل عن طريق الهداية والحق، (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى)،[٢]ليس نطقه صادراً عن هوى نفسه في تبليغه للرسالة، ولكنّه وحي من الله -تعالى- وهو بلغه لكم بصدق وأمانة.

(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)،[٣] ويقصد به جبريل -عليه السلام- الذي نزّل بالوحي للرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ورآه حينها على صورته الحقيقية في الأفق، ثم اقترب جبريل -عليه السلام- من النبيّ فكان على مقربة قوسين أو أدنى، فأوحى إليه بما أمره الله -تعالى-، (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)،[٤] أيّ أنّه استيقن رؤية الوحي بقلبه وليس خداع بصر.

وهذه ليست المرة الوحيدة التي يرى فيها النبيّ الوحي على صورته الحقيقية، بل رآه في ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى، التي ينتهي إليها ما يعرج من السماء وما يهبط منها، عندها جنة المأوى التي وعد الله بها المتقون، وهذه المشاهدة كانت حقيقية فقد رأى النبيّ آيات الله العظيمة.

  • منع الإشراك وبيان عدم فائدة الأصنام

تحدثت الآيات من (19-26) عن آلهة المشركين، قال -تعالى-: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى)،[٥]أفريتم آلهتكم هذه، هل نفعت أو ضرت بشيء حتى تُشركونها مع الله في العبادة؟، وتجعلون لأنفسكم الذكور ولله -سبحانّه وتعالى- الإناث؟؛ إنها قسمة جائرة وغير عادلة.

(إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ)،[٦]أيّ جميع ما سميتموه من آلهتكم، وتسميتكم الملائكة بالإناث، وتسمية الإناث بنات الله، لم يأتِ الله بحجة تدل عليها، إنما هي من أهوائكم الباطلة، وقد أنّزل الله لكم الهدى فلم تنتفعوا به، وليس للإنسان ما يتمناه من شفاعة معبوداته، فالأمر لله وحده، والملائكة مع علو منزلتهم ومكانتهم لا يملكون الشفاعة إلا بإذن الله.

  • توبيخ المشركين لتسميتهم الملائكة بنات الله

تفسير الآيات من (27-30): (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنثَى)،[٧]أيّ المشركين الذين لم يؤمنوا بالله -تعالى-، ويدّعون أنّ الملائكة إناث وينسبونهم إلى الله -تعالى- فهذه أوهام باطلة ولا تقوم مقام الحق، فأعرض أيها الرسول عن هؤلاء الذين تولوا عن ذكر الله، وهمهم الدنيا فقط ولا يؤمنون بالآخرة، وهذا هو منتهى علمهم، ولكنّ الله -تعالى- أعلم بمن ضلّ وبمن اهتدى للطريق المستقيم.

  •  جزاء المسيئين والمحسنين وأوصاف المحسنين

تحدثت الآيات (31-32) أنّ ملك ما في السماوات وما في الأرض لله وحده، وأنّه سيجزي الذي أساؤوا بأعمالهم والذين أحسنوا جزاءهم الحسنى، وهم الذين يبتعدون عن كبائر الذنوب والفواحش إلا الصغائر من الذنوب؛ التي لا يصر صاحبها على ارتكابها، فالله -تعالى- يغفرها ويسترها؛ فهو أعلم بأحوال عباده منذ أنّ خلقهم، فلا تزكوا أنفسكم وتمتدحوها بالتقوى، هو أعلم بأعمالكم وبمن اتفى منكم.

  • التذكير بما في صحف إبراهيم وموسى

تحدثت الآيات عن الذي يتولى ويعرض عن طاعة الله، ويبذل ماله ثم يكف عن المواصلة في العطاء، هل عنده علم الغيب أنّ ما عنده سينفذ؟، (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى* وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى).[٨]

أيّ أنّ هذا الدين موصول أوله بآخره، وما جاء في صحف موسى هو ما جاء به إبراهيم من قبل، وهو أن النفس لا تؤخذ بإثم غيرها، وأنّه لا يحصل الأجر للإنسان إلا بما كسب من سعيه، وأنّ سعيه سوف يرى في الآخرة ويأخد جزاءه عليه، وأنّ إلى الله منتهى جميع الخلق يوم القيامة.

  • مظاهر القدرة الإلهية على الإحياء والإماتة والإغناء والإفقار

تحدثّت الآيات عن مظاهر قدرة الله -تعالى- أنّه هو أضحك وأبكى، وأنّه هو من أنشأ الموت والحياة، وأنّه خلق الأزواج؛ من الإنسان والحيوان من نطفة تراق في الرحم، وأنّه يعيد الخلق يوم القيامة كما أنشأه أول مرة، وأنّه يغني من يشاء من عباده، وأنّه رب الشعرى وهو النجم الذي كان يعبدونه الكفار في الجاهلية.

  • عاقبة الأمم المكذبة بالرسل

تحدثت الآيات عن الأقوام السابقة من قوم عاد وثمود، وقوم نوح وقوم صالح أهلكهم جميعاً لكفرهم وتكذيبهم، فبأي نعم ربك أيها الإنسان تشك وتكذب؟، (هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى)،[٩] أيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- نذيرُ لكم فقد اقتربت القيامة.

وليس لقيام الساعة من دون الله دافع، أفمِن هذا القرآن تعجبون -أيها المشركون- من أن يكون صحيحًا، وتضحكون منه سخرية واستهزاءً، ولا تبكون خوفًا من وعيده، وأنتم معرضون عنه؟، فاسجدوا لله وأخلصوا العبادة له وحده.

التعريف بسورة النجم وبعض معاني كلماتها

سورة النجم سورة مكية، عدد آياتها اثنتان وستون آية، سمّيت سورة النجم بهذا الاسم لافتتاحها بالقسم بالنجم.[١٠] وقد احتوت على كلمات كثيرة قوية بليغة كباقي القرآن الكريم، وفيما يأتي بيان لمعاني أهم الكلمات في السورة، وهي:[١١]

  • (هوى): هوى يهوي إذا سقط إلى أسفل.
  • (مِرَّةٍ): المِرَّة بكسر الميم القوة، قال قطرب: تقول العرب لكل جزل الرأي حصيف العقل "ذو مرَّة".
  • (تدلى): من التدلي؛ وهو الامتداد من أعلى إلى أسفل، يقال: تدلّى الغصن إِذا امتد نحو الأسفل.
  • (قَابَ): قدر، قال في البحر: القابُ والقاد، والقيد: المقدار.
  • (ضيزى): جائرة مائلة عن الحق، يقال: ضاز في الحكم أي جار.
  • (اللمم): الصغائر من الذنوب، قال الزجاج: أصل اللَّمم ما يعمله الإِنسان المرَّة بعد المرة ولا يقيم عليه، يقال: ما فعلته إِلا لمماً ولِماماً.
  • (أَجِنَّةٌ): جمع جنين وهو الولد ما دام في البطن سمي جنيناً لاستتاره.

المراجع

  1. سيد قطب، في ظلال القران، صفحة 526-528. بتصرّف.
  2. سورة النجم، آية:3
  3. سورة النجم، آية:5
  4. سورة النجم، آية:11
  5. سورة النجم، آية:19-20
  6. سورة النجم، آية:23
  7. سورة النجم، آية:27
  8. سورة النجم، آية:36-37
  9. سورة النجم، آية:56
  10. وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 92. بتصرّف.
  11. محمد علي الصابوني، صفوة التفاسير، صفحة 254.
5734 مشاهدة
للأعلى للسفل
×