تفسير سورة النجم من الآية 1 إلى الآية 18

كتابة:
تفسير سورة النجم من الآية 1 إلى الآية 18

تفسير سورة النجم من الآية 1 إلى الآية 18

سورة النّجم من السور المكيّة، وعدد آياتها اثنتان وستون آيةً، وقد اشتملت على موضوعات مهمّة أولها إثبات ظاهرة الوحي في الآيات (1-18)،[١] وفيما يأتي بيان تفصيليّ لتفسيرها بالترتيب:

الوحي حقيقة لا شك فيها

تبدأ سورة النجم ببيان أنّ الوحي حقيقة لا مجال لأن يعتريها شكّ، وتفسير هذه الآيات تباعًا فيما يأتي:

  • (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى)[٢]

يقسم الله -سبحانه وتعالى- بالثريّا -إذا أريد بها العهد- أو بالنجوم عمومًا -إذا أريد بها الجنس- إذا مالت إلى الغرب أو انتثرت يوم القيامة، وقيل: المقصود بالنجم القرآن؛ لأنّه نزل منجّما؛ أي مفرّقا على بضعٍ وعشرين سنة، وقيل أيضًا: إنّ المقصود من الآية النجوم إذا نزلت لترجم الشياطين التي تحاول استراق السمع.[٣]

  • (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)[٤]

المقصود بصاحبكم في الآية سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم-، والمراد أنّ الرسول الكريم لم يَحِد عن طريق الحق ونهج الاستقامة،[٥] والخطاب فيها لقريش لِما كانوا يزعمونه على النبيّ -عليه أفضل الصلوات والتسليم- من الضلال واتّباع الغيّ.[٦]

  • (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى)[٧]

أي إنّ القرآن الكريم الذي جاء به سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلّم- والسنّة الصادرة منه لم ينطق بها بناءً على هواه.[٣]

  • (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[٨]

أيّ إنّه لا يتكلّم إلّا بما جاءه فيه الوحي من عند الله -جلّ وعلا-.

جبريل هو من علّم النبي القرآن

جبريل هو الذي علّم سيّدنا محمّد القرآن الذي نزل به من عند الله -تعالى- بما لديه من قوة علمية وعملية،[٩] والآيات الآتية تبيّن ذلك:

  • (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)[١٠]

شديد القوى المذكور هو الوحي جبريل -عليه السلام-، فهو الذي علّم الرسول -صلى الله عليه وسلّم- القرآن، وشديد القوى دلالة على قوّته؛ فقد كان يهبط على الأنبياء -عليهم السلام- ويصعد بأقل من ردّة الطرف،[٥] وهو شديد القوّة الظاهرة والباطنة، ويوصل الوحي إلى الرسول -صلى الله عليه وسلّم- ويمنع اختلاس الشياطين له.[١١]

  • (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى)[١٢]

ذو مرّة؛ أي القوة والأخلاق الحسنة، والجمال ظاهرًا وباطنًا، والمراد بذلك جبريل -عليه السلام-،[١١] واستوى؛ أي استقرّ بصورته الحقيقيّة.[٥]

  • (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى)[١٣]

المقصود بالأفق الأعلى: أفق السماء الذي لا تتمكن الشياطين من الوصول إليه.[١١]

  • (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى)[١٤]

أي إنّه اقترب من سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلّم- لإيصال الوحي إليه،[٥] وتدلى؛ أي على النبيّ الكريم من الأفق.[١١]

  • (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)[١٥]

في هذه الآية دلالة على عدم وجود الواسطة بين جبريل -عليه السلام- وبين الرسول -صلى الله عليه وسلّم-؛ فقد كان في قربه منه على قدر قوسين أو أقلّ.[١١]

  • (فَأَوْحَىْ إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)[١٦]

أيّ إن الله -تعالى- أوحى إلى عبده الذي يقصد به سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلّم- ما أوحى من أوامر وشرع قويم وعظيم.[٥]

مشاهدة الرسول لجبريل

في الآيات الآتية إثبات بأن رؤية النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لم تكن من الخيال، بل كانت رؤية لصورته الحقيقية،[٩] وسيأتي تفسيرها:

  • (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)[١٧]

أي قلب سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلّم- لم يكذّب عينه عندما رأى جبريل -عليه السلام-؛ فلم يقل: لم أعرفك، فقد رآه بعينه وعرفه بقلبه.[٦]

  • (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىْ مَا يَرَى)[١٨]

أي هل تجادلونه أيها المشركون على ما رآه يوم الإسراء والمعراج؟[٣]

  • (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىْ)[١٩]

أي إنّ سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلّم- رأى جبريل -عليه السلام- نازلًا إليه على صورته الحقيقيّة مرّة أخرى.[١١]

  • (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى)[٢٠]

سدرة المنتهى شجرة وراءها غيب غير معروف سوى لله -سبحانه وتعالى-؛ فهذه الشجرة هي منتهى علم الخلق،[٢١] وهي شجرة عظيمة موقعها فوق السماء السابعة.[١١]

  • (عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)[٢٢]

وهذه الجنّة التي تصير إليها الملائكة، وتأوي إليها أرواح الشهداء ومن يتقي الله -تعالى-.[٥]

  • (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى)[٢٣]

أي يغشى السدرة شيء عظيم من أمر الله -تعالى- لا يُعلم ما هو وصفه، وقال الحسن: "غشيها نور رب العالمين فاستنارت"، وقال ابن مسعود: "غشيها فراش من ذهب".[٥]

دلائل قدرة الله تعالى

في الآيات الآتية دلائل على أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- رأى من عجائب قدرة الله -تعالى- يوم أسري فيه بالروح والجسد رؤية العين،[٩] وفيما يأتي تفسير الآيات:

  • (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى)[٢٤]

أي إن بصر سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ما مال عن مقصوده، ولم يتجاوز المقام الذي أقامه الله -تعالى- فيه، وهذا يدلّ على كمال الأدب منه -عليه أفضل الصلاة والسلام-.[١١]

  • (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)[٢٥]

أي إن سيّدنا محمّد رأى من قدرة الله -تعالى- وعجائب ملكوته يوم الإسراء والمعراج، فقد رأى سدرة المنتهى، ورأى جبريل -عليه السلام- في صورته، ورأى الجنّة والنار والبيت المعمور.[٥]

فوائد من الآيات الكريمة

يُستنتج في الآيات السابقة مجموعة من الفوائد، ومنها ما يأتي:[٢٦]

  • يُقسم الله -تعالى- بما شاء، ويكون في ذلك تعظيم لما أقسم به، أما الخلق فينبغي أن يقسموا بالله فقط.
  • يجب تصديق الرسول -صلى الله عليه وسلّم- في كلّ ما يبلغه؛ لأنّه وحي من الله.
  • لا تجوز مجادلة الرسول فيما رآه من المعجزات ودلائل قدرة الله.

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، كتاب التفسير المنير/ الجزء 27، صفحة 92. بتصرّف.
  2. سورة النجم، آية:1
  3. ^ أ ب ت عبد الكريم الخضير، كتاب التعليق على تفسير الجلالين/ الجزء 15، صفحة 1. بتصرّف.
  4. سورة النجم ، آية:2
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د محمد علي الصابوني، كتاب صفوة التفاسير/ الجزء 3، صفحة 255. بتصرّف.
  6. ^ أ ب النسفي، كتاب تفسير النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ الجزء 3، صفحة 389. بتصرّف.
  7. سورة النجم، آية:3
  8. سورة النجم، آية:4
  9. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، كتاب التفسير الوسيط/ الجزء الثالث، صفحة 2524. بتصرّف.
  10. سورة النجم، آية:5
  11. ^ أ ب ت ث ج ح خ د عبد الرحمن السعدي، كتاب تفسير السعدي، تيسير الكريم الرحمن، صفحة 818. بتصرّف.
  12. سورة النجم، آية:6
  13. سورة النجم ، آية:7
  14. سورة النجم، آية:8
  15. سورة النجم، آية:9
  16. سورة النجم، آية:10
  17. سورة النجم، آية:11
  18. سورة النجم، آية:12
  19. سورة النجم، آية:13
  20. سورة النجم، آية:14
  21. الواحدي، كتاب الوجيز للواحدي، صفحة 1039. بتصرّف.
  22. سورة النجم، آية:15
  23. سورة النجم، آية:16
  24. سورة النجم، آية:17
  25. سورة النجم، آية:18
  26. عبدالحليم عويس (21/06/2017)، "تفسير سورة النجم كاملة"، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 03/02/2019. بتصرّف.
5991 مشاهدة
للأعلى للسفل
×