محتويات
متن حديث: بل اعقلها وتوكل
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنَّ رجلًا أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال يا رسولَ اللهِ أُرْسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ أم أعقِلُهَا وأتوكَّلُ قال بل اعْقِلْها وتوكل".[١] وفي رواية أخرى عن عمرو بن أمية رضي الله عنه: "قال رجُلٌ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ ؟ قال : اعقِلْها وتوكَّلْ".[٢]
صحة حديث: بل اعقلها وتوكل
روى الإمام الترمذي هذا الحديث في سننه عن أنس بن مالك، وفي سنده من هذه الطريق ضعف لذلك ضعَّفه الترمذي وقال: حديث غريب، غير أنَّ ابن حبان أورده في صحيحه وحسَّنه، وأشار بأنَّ الحديث رجاله ثقات، أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين والقضاعي في مسند الشهاب والهيثمي في المجمع وأشار الذهبي إلى أنَّ سنده جيد، كما رواه الطبراني من عدة طرق أحدها رجاله رجال الصحيح.[٣]
تفسير قوله بل اعقلها وتوكل
وردَ الحديث عن الصحابي أنس بن مالك وعن غيره أيضًا، أنَّه أتى رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطلبُ مشورته في أمر يخصُّ موضوع التوكُّل على الله، سائلًا إياه بين أن يُطلِقَ ناقته دون أن يقيِّدها ودونَ أن يربطها برباط يمنعها من التحرك والضياع ويتوكَّل على الله، ويقصِد بذلك أن التوكًَّل على الله تعالى يغني عن عقلِ الناقة أو ربطها، ولكنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيَّن له بثلاث كلمات مختصرات قاعدةً عظيمةً في الحياة، فقال له: "بل اعقلها وتوكل"، ومعنى ذلك أن يربطَ ناقته ويوثقها ثمَّ يتوكًّل على الله، وهو حثٌّ على الأخذ بالأسباب.[٤]
وقد أكَّد الشرع على ضرورة الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله فلا ينفع أن يأخذ المسلم بأحدهما ويترك الآخر، وإلا فقد خالف ما أمر الله به وارتضاه لعباده،[٤] فالتوكل على الله هو اعتماد القلوب على الله تعالى مع السعي والجد والعمل، قال تعالى في محكم التنزيل: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ}،[٥] وفي الحديث أنَّ رسول الله قال: "لو أنَّكم توَكَّلتم على اللهِ حقَّ توَكُّلِهِ، لرزقَكم كما يرزقُ الطَّيرَ ، تغدو خماصًا ، وتروحُ بطانًا"،[٦] وهذا دليل على ضرورة السعي والجد والأخذ بالأسباب.[٧]
العبرة المستفادة من حديث: بل اعقلها وتوكل
إنَّ العبرة المُستفادة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل اعقلها وتوكَّل"، هي الحثُّ على الأخذ بكامل الأسباب بعد التوكل على الله تعالى، فلا يكفي التوكل دون أخذٍ بالأسباب، ولا يكفي الأخذ بالأسباب وترك التوكل على الله لأنَّه من فعل ذلك فقد أشرك بالله تعالى، وأمَّا من توكَّل على الله وهجرَ الأسباب فهو مخطئٌ وجاهلٌ ومفرِّطٌ، فالشرع الحنيف أمر بالجمع بينهما، وقد وردَ في كتاب الله تعالى وفي سنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- الحث على الأخذ بالأسباب.[٨]
المراجع
- ↑ رواه ابن عدي، في الكامل في الضعفاء، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6/352، فيه علي بن غراب له غرائب وإفرادات وهو ممن يكتب حديثه.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عمرو بن أمية، الصفحة أو الرقم:731، أخرجه في صحيحه.
- ↑ ابن حبان، صحيح ابن حبان محققا، صفحة 510. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 92. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية:58
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:3377، صحيح.
- ↑ أبو إسحق الحويني، دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عبد العزيز المسند، كتاب فتاوى إسلامية، صفحة 138. بتصرّف.