محتويات
تفسير قوله تعالى (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)
تفسير الطبري
ذكر الإمام الطبري في تفسيره لقوله -تعالى-: (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)،[١] ما يأتي:[٢]
- قوله (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)،[١]أي وأحيينا بالماء الذي ننزله من السماء كلّ شيء، وأن كلّ شيء حيّ خُلق من الماء.
- قد يسأل سائل: قد علمت أن النبات والأشجار تحيا بالماء، وغير ذلك مما لا حياة له، ولا يقال له حيّ ولا ميت؟، والجواب: لا شيء من ذلك إلا وله حياة وموت، وإن خالف معناه في ظاهره ذوات الأرواح؛ فلذلك قيل (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).[١]
تفسير المنير
ذكر الزحيلي في تفسيره الآية الكريمة ما يأتي:[٣]
- أي وخلقنا كل حيوان فيه حياة من الماء، كقوله -تعالى-: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ)،[١] فكل حيوان من نطفة والتي هي ماء، ولا ينبت النبات إلا بالماء.
- في كل شيء له آية تدل على أن الله -سبحانه- واحد لا شريك له؛ فكيف لا يتدبرون هذه الأدلة وهم يشاهدون عياناً حدوث المخلوقات شيئاً فشيئاً.
تفسير الوسيط
في تفسير الشيخ الطنطاوي للآية الكريمة ذكر جملة من الفوائد والأقوال لعلماء سابقين بتفسير الآية الكريمة، ومن ذلك ما يأتي:[٤]
- قال -تعالى-: (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)،[١]تأكيد لمضمون ما سبق من الآيات، وتقرير لوحدانية الله ونفاذ قدرته- سبحانه-، والجعل بمعنى الخلق.
- أي خلقنا من الماء بقدرتنا النافذة، كل شيء متصف بالحياة الحقيقية وهو الحيوان، أو كل شيء نامٍ فيدخل بذلك النبات، ويراد من الحياة ما يشمل النمو.
- هذا العام مخصوص بما سوى الملائكة والجن مما هو حي؛ لأن الملائكة كما جاء في بعض الأخبار خلقوا من النور، والجن مخلوقون من النار.
- ذكر العلماء في هذه الآية الكريمة ثلاث تأويلات؛ أحدها: أنه خلق كل شيء من الماء، الثاني: حفظ حياة كل شيء بالماء، الثالث: وجعلنا من ماء الصلب -والمراد النطفة- كل شيء حي.
- قال -تعالى-: (أَفَلا يُؤْمِنُونَ)،[١]إنكار لعدم إيمانهم مع وضوح كل ما يدعو إلى الإيمان الحق، والفاء للعطف على أمر مقدر يستدعيه هذا الإنكار.
- أيشاهدون بأعينهم ما يدل على وحدانية الله وقدرته ومع ذلك لا يؤمنون، إن أمرهم هذا لمن أعجب العجب وأغرب الغرائب!.
المدلول اللغوي للماء
ذكرت المعاجم اللغوية الأصول اللغوية للفظة الماء التي ورد ذكرها بالآية الكريمة، ومن ذلك ما يأتي:[٥]
- المياه في اللغة
جمع ماء والماء معروف، والهمزة فيه مبدلة من الهاء وأصله موه بالتحريك تحولت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ثم أبدلت الهاء همزة، ويجمع على أمواه جمع قلة، وعلى جمع كثرة.
- تصغير الماء
مُوَيْه، والنِّسْبَةُ إلى الماء: ماهي، وماهتِ السَّفينةُ تَمُوهُ وتَماهُ، إذا دَخَلَ فيها الماءُ، وأَماهتِ الأرضُ، أي: ظَهَر فيها النَّزُّ.
- الماء
مدّته في الأصل زيادة، وإنّما هي خَلَفٌ من هاء محذوفة، وفي الجمع: مياه، ومن العرب من يقول: هذه ماءة كبني تميم، يعنون الرّكيّة بمائها، ومنهم من يؤنثها، فيقول: ماة واحدة مقصورة، ومنهم: من يمدّها، فيقول: ماء كثير على قياس شاة وشاء.
مفاهيم أساسية تتعلق بالماء كما وردت في القرآن الكريم
لفظ الماء الوارد بالآيات الكريمة ورد ذكره بذلك الموضع وبمواضع أخرى من القرآن الكريم، وقد حمل في طياته العديد من المعاني والمفاهيم، ومن ذلك ما يأتي:
- أن الماء أصل جميع المخلوقات الحية بكل أنواعها وأشكالها
قال -تعالى-: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء)، قال ابن كثير: يذكّر -تعالى- قدرته التامة، وسلطانه العظيم، في خلقه أنواع المخلوقات، على اختلاف أشكالها وألوانها، وحركاتها وسكناتها، من ماء واحد.[٦]
- أن أمر الماء بيد الله -سبحانه-
وأن الإنسان لا يملك حفظه أو تخزينه إلا بمشيئة الله؛ قال -تعالى-: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ)،[٧] قال ابن كثير في تفسيره: لا يقدر على فعل ذلك إلا الله -عز وجل-؛ فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه، وأجراها في سائر أقطار الأرض بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة.[٨]
- أن الماء وسيلة لنظافة الإنسان وطهارته
قال -تعالى-: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ)،[٩] قال الألوسي في تفسيره: أي ليطهركم من الحدث الأصغر والأكبر.[١٠]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح سورة الأنبياء ، آية:30
- ↑ الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 260. بتصرّف.
- ↑ الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 45. بتصرّف.
- ↑ الطنطاوي، تفسير الوسيط، صفحة 204-205. بتصرّف.
- ↑ الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، صفحة 101. بتصرّف.
- ↑ محمد علي الصابوني، مختصر ابن كثير، صفحة 612. بتصرّف.
- ↑ سورة الملك، آية:30
- ↑ ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 183. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية:11
- ↑ جمال الدين القاسمي، تفسير القاسمي محاسن التأويل، صفحة 264. بتصرّف.