تفسير قوله ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات

كتابة:
تفسير قوله ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات

نبيّ الله موسى

بعث الله -عزّ وجلّ- نبيه موسى -عليه السلام- إلى بني اسرائيل في مصر الذين كانوا تحت حكم فرعون وكان قد طغى فيها واستعبد أهلها وذبح أبنائهم، فقد قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[١]، وقد تمييّز موسى -عليه السلام- بأنّه كان كليم الله فقد كان الله -عزّ زجلّ- يكلمه مباشرةً دون وحي، وقد أيّده بمعجزاتٍ عظيمةٍ ليصدقه بنو اسرائيل ويؤمنوا بالله -سبحانه وتعالى-، وسيتطرق هذا المقال لبيان تفسير قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}[٢]، والتي تُعتبر من الآيات الدالة على معجزاته -عليه السلام-.[٣]

معنى كلمة الآية في القرآن

ورد لفظ "الآية" في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، واختلف معناه بحسب موقعه من الجملة، فقد قال بعض أهل التفسير أنّ معنى لفظ "الآية" جاء بمعنى الحجة والدليل في قوله -تعالى- {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[٤] أي أنه كان من حججه على الناس تقديره للأوقات، وبمعنى آيةٍ قرآنيةٍ في قوله {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا}[٥]، وبمعنى العبرة والموعظة في قوله {وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً}[٦]، وجاء بمعنى الأحكام والتشريعات الإلاهية في قوله {كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}[٧]، وبمعنى العلامة والدليل في قوله {لقدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا}[٨]، أمّا في قوله -تعالى- {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}[٢] فإن لفظ "آية" جاء بمعنى المعجزة.[٩]

تفسير قوله ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات

اختلف أهل العلم في تفسير قوله -تعالى- {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}[٢]، فقد خلص بعضهم إلى أنّ الآيات التسع التي آتاها الله لنبيه موسى -عليه السلام- هي معجزاته التسع التي تمثلت بالطوفان والجراد والقمل والضفادع وأخرى سيتم ذكرها فيما يأتي:[١٠]

  • العصا: فقد انقلبت عصا موسى -عليه السلام- ثعبانًا بإذن الله عندما ألقاها أمام فرعون وقومه، قال -تعالى- {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ}[١١].
  • يده البيضاء: فقد انقلبت يد موسى -عليه السلام- بيضاء من غير سوء عندما ضمها إليه، قال -عزّ وجلّ- {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}[١٢].
  • حلّ عقدة لسانه: فقد كان لموسى -عليه السلام- عقدةٌ في لسانه تمنعه من التكلّم بطلاقةٍ فحلها الله -عزّ وجلّ-، وجاء ذكرها في قوله { وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي}[١٣]
  • فلق البحر: فقد شق الله -عزّ وجلّ- البحر لموسى -عليه السلام- ومن معه عند هربهم من فرعون وجنوده بعد أن أمره أن يضربه بعصاه، قال -تعالى- {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}[١٤].
  • الدم: وهذه المعجزات الخمس أرسلها الله -تعالى- لبني اسرائيل جزاء عصيانهم وكفرهم، فقد قال -عزّ وجلّ- {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}[١٥].

وراح بعض أهل التفسير إلى أنّ تفسير قوله -تعالى- {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}[٢] هو ما جاء في نص الحديث الشريف عن النبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم- عندما أتاه اليهود يسألون عن معناها، " أنَّ يهوديًّا قال لصاحِبِه: تعالَ حتى نسألَ هذا النَّبيَّ، فقال الآخَرُ: لا تقُلْ له النَّبيُّ، فإنَّه إنْ سمِعها صارتْ له أربعةُ أعيُنٍ. فأتاهُ فسأَلهُ عن هذه الآيةِ، {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101]، فقال: لا تُشرِكوا باللهِ شيئًا، ولا تَقتُلوا النَّفْسَ التي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ، ولا تَسرِقوا، ولا تَزْنوا، ولا تَسحَروا، ولا تأكُلوا الرِّبا، ولا تَمشوا ببَريءٍ إلى سُلطانٍ لِيقتُلَهُ، ولا تَقذِفوا المُحْصَنةَ، أو تَفِرُّوا منَ الزَّحفِ، وعليكم خاصَّةً اليهودَ ألَّا تَعْدُوا في السَّبتِ، قال: فقبَّلوا يَدَهُ، وقالوا: نشهَدُ أنَّكَ نبيٌّ، قال: فما يمنَعُكم أنْ تتَّبِعوني؟ قالوا: إنَّ داوُدَ دعا ألَّا يَزالَ في ذُرِّيَّتِهِ نبيٌّ، وإنَّا نَخشى إنِ اتَّبَعْناكَ أنْ تقتُلَنا اليهودُ."[١٦]، لكنّ هذا الحديث ضعيف باتفاق أهل الحديث ولا يجب الأخذ به، والله -تعالى- أعلم.[١٠]

المراجع

  1. سورة القصص، آية: 04.
  2. ^ أ ب ت ث سورة الإسراء، آية: 101.
  3. "نبذة عن موسى عليه السلام"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-05-2019. بتصرّف.
  4. سورة الروم، آية: 23.
  5. سورة البقرة، آية: 106.
  6. سورة الفرقان، آية: 37.
  7. سورة البقرة، آية: 268.
  8. سورة آل عمران، آية: 13.
  9. "لفظ (الآية) في القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-05-2019. بتصرّف.
  10. ^ أ ب "تفسير: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-05-2019. بتصرّف.
  11. سورة طه، آية: 19-20.
  12. سورة طه، آية: 22.
  13. سورة طه، آية: 27-28.
  14. سورة طه، آية: 77.
  15. سورة الأعراف، آية: 133.
  16. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن صفوان بن عسال ، الصفحة أو الرقم: 65 ، ضعيف.
4712 مشاهدة
للأعلى للسفل
×