محتويات
عذاب القبر
جعل الله سبحانه وتعالى بين مرحلتي الحياة الدنيا والآخرة مرحلة حياة البرزخ التي تعتبر أوّل منازل الآخرة، حيث تبدأ تلك المرحلة من حياة الخلائق بعد انتهاء أجل الإنسان في الحياة الدنيا بمفارقة روحه لجسده، ثم ارتقائها إلى السماء، ثم عودتها مرة أخرى إلى الجسد حيث تبقى في قبرها إلى أن يبعث الله الخلائق يوم القيامة للحساب والجزاء.
أدلة وجود عذاب القبر
وردت أدلة ثبوت عذاب القبر في كتاب الله تعالى قال تعالى عن حال فرعون وملئه (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46]، فدلت هذه الآية الكريمة على أن النار التي يعرضون عليها أوّل مرة تكون في القبر، أما أشد العذاب فهو ما سوف يلاقونه يوم القيامة حينما يدخلهم الله جنهم ليعذّبوا فيها، كما جاء كذلك في عذاب القبر قوله تعالى (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) [التوبة:101]، فالعذاب الأول هو الخزي والنكال والقتل الذي يلاقونه في الدنيا على يد جنود الله من المؤمنين والجنود التي يرسلها الله عليهم من الريح العقيم، والخسف والزلازل وغير ذلك، أمّا العذاب الثاني فهو العذاب الذي يلاقونه في القبر، وتلك المرحلتين من العذاب تأتي بعدهما مرحلة العذاب في الآخرة .
تواترت الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على وجود عذاب القبر، منها الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام مر على قبر رجلين فقال أنهما يعذبان وما يعذبان في أمرٍ كبير، أي لم يكن كبيراً عليهما أن يتركها، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه تعوذ من عذاب القبر، وجاء في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام (إنَّ هذهِ الأمةَ تُبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا، لدعوتُ اللهَ أن يُسمعكم من عذابِ القبرِ الذي أسمعُ منهُ) [صحيح مسلم].
أسباب النجاة من عذاب القبر
بين لنا النبي عليه الصلاة والسلام أسباب النجاة من عذاب القبر ومنها:
ترك المعاصي والذنوب ولزوم الطاعات
جاء في الأحاديث النبوية الشريفة أن المعاصي والذنوب تكون من أسباب عذاب القبر، كالحديث الذي يذكر فيه الرجلان اللذان يعذبان في قبورهما بسبب معصيتين هما النميمة وعدم التنزه من البول، فقد روى البخاري في صحيحه: ( مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقبرَينِ ، فقال: إنهما لَيُعَذَّبانِ، وما يُعَذَّبانِ في كبيرٍ، أما أحدُهما فكان لا يَستَتِرُ منَ البولِ، وأما الآخَرُ فكان يَمشي بالنَّميمَةِ. ثم أخَذ جَريدَةً رَطْبَةً، فشَقَّها نِصفَينِ، فغَرَز في كلِّ قبرٍ واحدَةً. قالوا: يا رسولَ اللهِ، لِمَ فعَلتَ هذا ؟ قال: لَعلَّه يُخَفِّفُ عنهما ما لم يَيبَسا) [صحيح البخاري].
الاستعاذة بالله تعالى من عذاب القبر
من سنة النبي عليه الصلاة والسلام الاستعاذة بعذاب جنهم وعذاب القبر وفتنة المسيح الدجال وفتنة المحيا والممات قبل التسليم في الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) [صحيح مسلم].
الشهادة والرباط
- من خصال الشهيد الستة عند ربه أن الله يجيره من عذاب القبر، وجاء في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام في فضل الرباط في سبيل الله (رباطُ يومٍ وليلَةً خيرٌ مِنَ صيامِ شهرٍ وقيامِهِ، وإِنْ ماتَ مُرابِطًا جَرَى علَيْهِ عمَلُه الذي كان يعملُهُ، وأُجْرِيَ عليه رِزْقُهُ، وأَمِنَ مِنَ الفتَّانِ) [صحيح الجامع]، والفتان هو القبر.