تناقضات قلبي نزار قباني

كتابة:
تناقضات قلبي نزار قباني

تناقضات قلبي نزار قباني

فيما يأتي بعض الأجزاء من قصيدة تناقضات قلبي لنزار قباني:

أحبكِ أنتِ

وما بين حبٍ وحب

أحبكِ أنتِ

وما بين واحدة ودعتني وواحدة سوف تأتي

أفتش عنكِ هنا وهناك

كأنّ الزمان الوحيد زمانك أنتِ

كـأنّ جميع الوعود تصب بعينيكِ أنتِ

فكيف أفسر هذا الشعور الذي يعتريني

صباح مساء

وكيف تمرين ببالي مثل الحمامة

حين أكون بحضرة أحلى النساء

خمس دقائق

وما بين وعدين وامرأتين

وقطار يجيء وآخر يمضي

هنالك خمس دقائق

أدعوكِ فيها لفنجان شاي قبيل السفر

هنالك خمس دقائق

بها اطمئن عليك قليلاً

وأشكو إليك همومي قليلاً

واشتم فيها الزمان قليلاً

هنالك خمس دقائق

بها تقلبين حياتي قليلاً

فماذا تسمين هذا التشتت

هذا التمزق

هذا العذاب الطويل طويلاً؟

وكيف تكون الخيانة حلاً؟

وكيف يكون النفاق جميلاً؟

لأجلكِ أنتِ

وما بين كلام الهوى في جميع اللغات

هناك كلام يُقال لأجلك أنتِ

وهناك شعر سيربطه الدارسون بعصرك أنتِ

وما بين نقطة حبرٍ

ونقطة حبرٍ

هناك وقت نكون معًا فيه بين الفواصل

وما بين فصل الخريف وفصل الشتاء

هناك فصلًا أسميه فصل البكاء

تكون به النفس أقرب من أي وقت مضى للسماء

وفي اللحظات التي تتشابه فيها جميع النساء

كما تتشابه كل الحروف على الآلة الكاتبة

يُصبح فيها تبادل الحديث

ضربًا سريعًا على الآلة الكاتبة

وفي اللحظات التي لا مواقف فيها

ولا عشق، لا كره، لا برق، لا رعد، لا شعر، لا نثر

لا شيء فيها

أسافر خلفكِ، ادخل كل المطارات، اسأل كل الفنادق

فقد يتصادف أنك فيها

في لحظات

وفي لحظات القنوط، الهبوط، السقوط، الفراغ، الخواء

وفي لحظات انتحار الأماني وموت الرجاء

وفي لحظات التناقض

حين تصير الحبيبات والحب ضدي

وتُصبح فيها القصائد ضدي

وتصبح حتى العيون التي بايعتني على العرش ضدي

وفي اللحظات التي أتسكع فيها على طرق الحزن وحدي

أفكر فيكِ لبضع ثواني

فتغدو حياتي حديقة وردِ

كيف؟

وفي اللحظات القليلة التي يفاجئني بها الشعر دون انتظار

وتصبح بها الدقائق حُبلى بألف انفجار

وتصبح فيها الكتابة فعل خلاص

وفعل انتحار

تطيرين مثل الفراشة بين الدفاتر والأصبعين

فكيف أقاتل خمسين عاما على جبهتين؟

وكيف أبُعثر لحمي على قارتين؟

وكيف أجامل غيرك؟

كيف أجالس غيرك؟

كيف؟ وأنتِ مسافرة بين عروق اليدين

وبين الجميلات من كل جنس ولون

وبين جميع الوجوه التي أقنعتني وما أقنعتني

وما بين جرح أفتش عنه وجرح يفتش عني

أُفكر في عصرك الذهبي

وعصر المانوليا، عصر الشموع، عصر البخور

واحلم بعصرك الذي كان أجمل كل العصور

فما تسمين هذا الشعور؟

وكيف أفسر هذا الحضور الغياب وهذا الغياب الحضور؟

وكيف أكون هنا وأكون هناك؟

وكيف يريدونني أن أراهم؟

وليس على الأرض أنثى سواك

أحبك حين أكون حبيب سواكِ

ويعثر دومًا لساني

فاهتف باسمك حين أنادي عليها

وأشغل نفسي خلال الطعام

بدرس التشابه بين خطوط يديكي

وبين خطوط يديها

وأشعر أنّي أقوم بدور المهرج

حين أركز شال الحرير على كتفيها

وأشعر أني أخون الحقيقة

حين أقارن بين حنيني إليك وحنيني إليها

فماذا تسمين هذا؟

ازدواجًا، سقوطًا، هروبًا، شذوذًا، جنونًا

فكيف.. كيف أكون لديكِ؟

وأزعم أنّي لديها

5481 مشاهدة
للأعلى للسفل
×