تنظيم الأسرة في الإسلام

كتابة:
تنظيم الأسرة في الإسلام

قيمة الأسرة في الإسلام

الأسرة في أيِّ مجتمعٍ هي أولى لبنات بناءه، فإنّ أيّ مجتمعٍ يتكون من عددٍ من الأسر التي تنمو وتكبر حتى تُشكّل تجمعات سكانية وتسمى بدورها مجتمعًا، وبناءً على تماسك الأسر يظهر ترابط المجتمع فيما بين أفراده، وبالتالي ظهور قوته أو ضعفه، أما قيمة الأسرة فتظهر من خلال تلبية الغريزة الفطرية لدى الإنسان بالوجود ضمن أسرةٍ وإيجاد نسلٍ وذرية، كما أنّ العديد من المعاني الاجتماعية لا يمكن تحقيقها إلّا في ظل وجود الأسرة، حيث تنغرس الفضائل والأخلاق الحميدة في الأفراد انطلاقًا من الأسر الفاضلة التي تتناقل تلك الأخلاق وتُنمِّيها بعد أن تتبع نهج الدين الإسلامي في بناء الأُسر، وفي هذا المقال بيان مفهوم وحكم تنظيم الأسرة في الإسلام وبعض ما يتعلق بذلك المصطلح.[١]

تنظيم الأسرة في الإسلام

رغَّبت الشريعة الإسلامية في تكثير النسل وانتشاره بغرض تكثير سواد الأمة الإسلامية، فالأسرة في ظل المجتمعات الإنسانية تعدّ نعمةً ومنةً عظيمة امتن الله بها على خلقه، وقد اعتبر أهل العلم أنّ القول بتحديد النسل وقطعه أو منع الحمل فيه مصادمةٌ للفطرة السليمة التي وُجدت في خلق الله للإنسان، وهي مخالفةٌ للشريعة الإسلامية الصحيحة، فقد نشأت فكرة تحديد النسل من جماعات تهدف إلى الكيد بالمسلمين عمومًا والأمة العربية المسلمة خصوصًا، حتى يتمكنوا من استعمار بلاد الإسلام واستعباد أهلها، والقول بتحديد النسل جزءٌ مما قامت عليه الجاهلية القديمة، وفيه سوء ظنٍ بالله تعالى، فلا يجوز منع الحمل لمجرد العجز عن الإنفاق أو احتمال ذلك، بل ينبغي وجود ضرورةٍ محققة تُبيح ذلك؛ كأن يكون في الإنجاب خطرٌ على المرأة، أما تأخير الإنجاب وتنظيمه لمصلحةٍ يراها الزوجان؛ فإنّ ذلك جائزٌ ولا بأس به، فقد نُقل عن مجموعةٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -رضوان الله عليهم- أنّهم كانوا يعزلون ولم ينههم النبي عن ذلك.[٢]

حالات منع تنظيم النسل

يمكن القول أنّ الأصل بحكم تنظيم الأسرة في الإسلام أنّه من المباحات، مع أنَّ ذلك خلاف الأولى؛ لأنّ المقصود من وجود الأسرة تكثير النسل، وقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك، ولكن يوجد بعض الحالات التي يُمنع فيها تنظيم النسل بالنظر إلى المقصود منها، وفيما يأتي بيان ذلك:[٣]

  • أن يغدو تنظيم الأسرة شأنًا عامًا يمتاز به مجتمعٌ معين، أو تدعو إليه الدولة بشكلٍ إلزامي، فهذا الخيار يُعدّ خيارًا مرفوضًا لأثره التدميري على المجتمع وعلى الأمة، فينتقل حكمه من الإباحة إلى الذم.
  • أن يكون القصد من تأخير الإنجاب مخافة قلة الرزق، وضيق ذات اليد، فهذا يعكس عقيدةً إيمانية مهزوزةً لدى صاحبها، وذلك لعدم إيمانه بأنّ الله هو الرازق المدبّر، فينقل حكمه إلى المنع لأثره العقائدي المدمر.
  • إذا كان سبب تأخير الإنجاب وجود الخلافات الزوجية التي تؤدي إلى ظهور الشقاق والنزاع بين الزوجين بسبب رفض أحدهما الإنجاب مع عدم موافقة الآخر على ذلك، فإنّ من الحقوق المشتركة بين الزوجين التناسل، ولا يجوز لأحدهما قطع النسل أو تنظيمه دون قبول الآخر.
  • إذا كان تنظيم الأسرة بدافع تقليد الحضارات غير المسلمة، من باب التقليد الأعمى والإعجاب بثقافاتهم فإنّه بذلك يكون ممنوعًا لمخالفته مقاصد الشريعة التي تدعو إلى بناء الفرد بناءً يقوم على تقدير المصالح والمضار ضمن قواعد ومعطيات معينة تحددها الشريعة الإسلامية وليس منها تقليد غير المسلمين.
  • إذا جرى تنظيم الأسرة من خلال استعمال وسائل طبية وأدوية تؤدي إلى العقم مستقبلًا؛ لأنّ ذلك اعتداءٌ على حقّ الآخر، وكفرٌ بنعمة الله التي تتمثل بالإنجاب، وفيه إتلافٌ لأحد المنافع المعتبرة في الإسلام.

المراجع

  1. "أهمية الأسرة ومكانتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2020. بتصرّف.
  2. "تنظيم الأسرة في الإسلام"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2020. بتصرّف.
  3. "ما حكم تنظيم النسل والتوقف المؤقت عن الإنجاب لحاجة التربية وغيرها"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 111-2-2020. بتصرّف.
4208 مشاهدة
للأعلى للسفل
×