حديث الرسول عن عيد الفطر

كتابة:
حديث الرسول عن عيد الفطر

هل في أحاديث الرسول ما يشير لكون العيد فقط للأطفال؟

ماذا قال الرسول عن العيد وهل الفرح في العيد مختص بالأطفال أم أنّه لجميع المسلمين؟ وما هو حديث الرسول عن فرحة العيد؟ في هذا المقال سيتم الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها.


عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (قدِمَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولأهلِ المدينةِ يومانِ يلعبونَ فيهما في الجاهليةِ ، فقال: قدمتُ عليكم ولكمْ يومانِ تلعبونَ فيهما في الجاهليةِ، وقد أبدلكُم اللهُ بهما خيرا منهما: يومٌ النحرِ، ويومُ الفطرِ)،[١] وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دَخَلَ أبو بَكْرٍ وعِندِي جَارِيَتَانِ مِن جَوَارِي الأنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بما تَقَاوَلَتِ الأنْصَارُ يَومَ بُعَاثَ، قالَتْ: وليسَتَا بمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقالَ أبو بَكْرٍ: أمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رَسولِ الله -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وذلكَ في يَومِ عِيدٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا بَكْرٍ، إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وهذا عِيدُنَا).[٢]


حثّت الأحاديث السابقة على إظهار الفرح والسرور في العيد، وقد استخلص العلماء مشروعية اللهو المباح في العيد، فالعيد هو يوم فسحة للمسلمين يتغيّر فيه نظام الحياة الذي اعتادوا عليه، فيذهب عنهم الملل والسأم.[٣]


وعند البحث عن الأحاديث النبوية الخاصّة بالعيد يظهر عدم وجود حديث نبوي عن عيد الفطر أو عيد الأضحى يُبيّن كون العيد فقط للأطفال وأنّ الفرح واللعب فيه مقتصر على الطفل، بل على العكس من ذلك تمامًا، فالعيد هو موسم من مواسم الطاعات التي ينبغي للمسلم أيًّا كان عمره ومهما كان وضعه أن يفرح ويُظهر السرور بهذا اليوم المبارك.[٣]


كما أنّ عدم وجود أحاديث تُشير لكون العيد فقط للأطفال لا يعني عدم الاهتمام بالأطفال في العيد، فالتوسعة على الأهل والأبناء بالمأكل والمشرب والملبس ممّا يجب الحرص عليه في أيّام العيد من غير إسراف؛ وذلك لإشعارهم بأهمية هذا اليوم وجماله، ولمنحهم مزيدًا من السعادة فيه.[٣]


ومن الجدير بالأهل أن يُعلّموا أطفالهم كيفية الفرح في العيد ليكون هذا لهم عادة عندما يكبرون فيكونون مسلمين فخورين بدينهم وبشعائرهم الدينية والعيد واحد من هذه الشعائر، فيمكن للأهل أن يوسّعوا على الأطفال بالهدايا واللباس والأكل والشرب، وأن يهتموا بمظهرهم ونظافتهم، وأن يُهنئوهم بالعيد ويعلّموهم كيفية التهنئة، ويصطحبونهم في زياراتهم العائلية؛ لإشعارهم بمعنى العيد، وزرع هذه القيم والعادات في نفوسهم.[٣]


هل يوجد أحاديث تحث على صلة الرحم في العيد تحديدًا؟

رغّب الإسلام بصلة الرحم، فقد وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تحضّ عليها وتُبيّن عظيم فضلها، وتُحذّر من قطيعة الرحم وتُذكّر بعواقبها المهلكة في الدنيا والآخرة، ومنها قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).[٤]


وقال أيضًا: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ)،[٥] فهذه الأحاديث وغيرها من نصوص الشريعة تُرغّب بصلة الرحم وتوضّح أهميتها في دين الإسلام، ولا تُحدّد موعد محدّد لصلة الأرحام، فالمسلم يصل أرحامه في كلّ وقت ولا يرتبط هذا بالعيد أو بغيره،[٦] حيث لم ترد أحاديث تحثّ على صلة الرحم في العيد تحديدًا.[٧]


ولكنّ الإحسان إلى الأقارب ولا سيّما الوالدين وصلتهم في العيد من أفضل الأعمال التي يمكن أن يقضي بها المسلمون أيّام العيد، مع ضرورة التأكيد أنّ صلة الأرحام لا ترتبط بالعيد فقط بل حريٌّ بالمؤمن أن يحرص على صلة أرحامه ما أمكن له ذلك، وأن يسعى لزيارتهم في العيد والاطمئنان على أحوالهم وأن يُقدّم لهم الهدايا إن استطاع ذلك، فهذا من العبادات التي يتقرّب بها العبد من ربّه.[٧]


ومن الواجب عدم الاقتصار في صلة الأرحام يوم العيد على الرسائل النصيّة الهاتفية الخالية من المشاعر والعواطف، بل ينبغي أن يتزاور المسلمون وأن يُهنئوا بعضهم البعض، والتهنئة مشروعة في العيد كقول المسلم لأخيه: "تقبّل الله منّا ومنكم" و "أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات"، وغير ذلك فهذا كان دأب الصحابة، ولهذا أثر بالغ في نشر المحبة والرحمة بين المسلمين وفي تقوية بنيان المجتمع المسلم وشد أركانه، بالإضافة لما في صلة الرحم من فوائد تعود على الفرد والمجتمع.[٨]


هل هناك أحاديث عن حالات لا يجوز فيها الاحتفاء بعيد الفطر؟

إنّ الاحتفال بعيد الفطر من شعائر الدين، وفي هذا الخصوص يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "إِظْهَار السُّرُورِ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ".[٩]


كما أنّه لم ترد أحاديث تُبيّن جواز عدم الاحتفاء بعيد الفطر بسبب وجود حادثة معيّنة عند أهل البيت كوجود وفاة أو بسبب الحزن على المسلمين في بعض الدول الإسلامية التي فيها حروب ونزاعات، فيمكن للمسلم أن يحزن لمصاب إخوانه المسلمين، ويستشعر آلامهم، وأن يُظهر الفرح بالعيد؛ فهو منحة إلهية للعباد ترتبط بفرائض جليلة وهي الصيام والحج، فكيف لا يفرحون بإتمامهم لصيام شهر رمضان المبارك وأداء فريضة الحج ووجود هذه المواسم الخيّرة من مواسم الطاعات والقربات.[٩]


كما أنّ تجديد الأحزان والآلام ليس من العادات الإسلامية وبهذا فلا يجوز جعل قدوم العيد سببًا لتجديد الحزن على ميّت، حيث انتشرت بعض العادات المتضمّنة لفتح بيت عزاء في العيد واستقبال التعازي مرّة أخرى.[١٠]


وإنّ إظهار الفرح والسرور في أيام العيد من سنن العيد ولا ينبغي وأد المقصد الشرعي من العيد وتحويله إلى حزن ونواح وأشجان، فالفرح بالعيد لا يعني عدم وجود الأحزان والهموم، بل هو استجابة لأمر الله ورسوله وتحقيق للغاية والمقصد من الأعياد.[١١]


يسعى المسلم إلى تعظيم شعائر الله في العيد بالفرح والسرور مهما كانت أحواله وأحزانه، ولم يرد في الشرع تخصيص على أنّ العيد للأطفال.



المراجع

  1. رواه البغوي، في شرح السنة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:598، حديث صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:952، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب ت ث موسى شاهين لاشين، كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث، صفحة 7-8. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6138، حديث صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2555، حديث صحيح.
  6. "صلة الأرحام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/8/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1566. بتصرّف.
  8. محمد صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 2054. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "هل يجوز عدم الاحتفال بالعيد ؛ حزنا لما يصيب المسلمين في فلسطين وغيرها؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/8/2021. بتصرّف.
  10. "تجديدُ الأحزان ليس من منهج الإسلام"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 5/8/2021. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 391. بتصرّف.
4970 مشاهدة
للأعلى للسفل
×