حديث حذيفة عن الفتن

كتابة:
حديث حذيفة عن الفتن

متن حديث حذيفة عن الفتن

  • عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: "كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ يا رَسولَ اللهِ إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقالَ: هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ".[١][٢]


  • وفي رواية أخرى للحديث: في مسند الإمام أحمد انّ حذيفة -رضي الله عنه- قال: "إنَّ النَّاسَ كانوا يَسأَلون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الخَيرِ، وكُنتُ أسأَلُه عن الشَّرِّ، فأنكَرَ ذلك القَومُ عليه، فقال لهم: إنِّي سأُخبِرُكم بما أنكَرتُم مِن ذلك؛ جاء الإسلامُ حين جاءَ، فجاءَ أمْرٌ ليس كأمْرِ الجاهِليَّةِ، وكُنتُ قد أُعطيتُ في القُرآنِ فَهْمًا، فكان رجالٌ يَجيئُون فيَسألونَ عن الخَيرِ، فكُنتُ أسأَلُه عن الشَّرِّ فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيكونُ بعدَ هذا الخَيرِ شَرٌّ كما كان قَبلَه شَرٌّ؟ فقال: نَعَمْ، قال: قُلتُ: فما العِصْمةُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: السَّيفُ، قال: قُلتُ: وهل بعدَ هذا السَّيفِ بَقيَّةٌ؟ قال: نَعَمْ، تكونُ إمارةٌ على أقْذاءٍ، وهُدْنةٌ على دَخَنٍ، قال: قُلتُ: ثم ماذا؟ قال: ثم تَنشَأُ دُعاةُ الضَّلالةِ، فإنْ كان للهِ يَومَئذٍ في الأرضِ خَليفةٌ جَلَدَ ظَهْرَك، وأخَذَ مالَك فالْزَمْه، وإلَّا فمُتْ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلِ شَجَرةٍ، قال: قُلتُ: ثم ماذا؟ قال: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بعدَ ذلك معه نَهَرٌ ونارٌ، مَن وَقَعَ في نارِه وَجَبَ أجْرُه وحُطَّ وِزْرُه، ومَن وَقَعَ في نَهَرِه وَجَبَ وِزْرُه وحُطَّ أجْرُه"، وقال بعض العلماء إنّ أصل هذا الحديث في الصحيحين.[٣][٤]


صحة حديث حذيفة عن الفتن

هذا الحديث "الرواية الأولى منه" هو حديثٌ صحيحٌ متفق عليه عند البخاري ومسلم.[٥]


معاني المفردات الغريبة في حديث حذيفة

ومعاني المفردات التي وردت في الحديث ما يأتي:[٦]


  • الشر: المقصود به هنا هو الفتن.
  • الدخن: هنا هو الدخان، والمقصود به هو الكدر.
  • أقذاء: هو القذى المتجمّع حول العين، أو ربما كان القصد الأوساخ ونحوها، والمقصود هو أنّ ذلك الاجتماع لا يكون على خير ولكن على فساد، وقوله "هدنة على دخن" يعني صلح على بقايا الضغائن ونحوها؛ إذ الدخن هو بقايا لنار كانت مشتعلة، والله أعلم.[٧]


شرح حديث حذيفة عن الفتن

يرشد الحديث المسلمين إلى ما يجب عليهم فعله في حال وقوع الفتن، وهو لزوم أهل الحق أو اعتزال الفتنة وأهلها، وهذا ما بينه الحديث الشريف؛ إذ كان حذيفة -رضي الله عنه- يسأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الفتن ليتقي شرّها، فسأله عن الشر الذي سيأتي بعد بعثة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الذي أخرج الناس من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام، فأجابه بأنّه سيأتي شرٌ ومن بعده خير، إلا أن هذا الخير فيه كدر فلا يستمر بدون فتنة.[٨]


وهذا الكدر هو وجود أقوام صالحين أصابهم ضلال، فيعرف المؤمن منهم الخير فيشكرهم عليه ويعلم منهم الشر فينكره عليهم، فكان هديهم بغير هدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتكون بعض أعمالهم موافقةً للسنة وبعضها مخالف لسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- فيشكل أمرهم على الناس.[٨]


ثم إنّه سيكون بعد ذلك شرّ وهو أناس يدعون إلى المنكر، فوصفهم -عليه الصلاة والسلام- بأنهم "دعاة إلى أبواب جهنم"، ووصفهم كذلك بأنهم إمّا أن يكونوا عربًا، وإمّا أن يكونوا مسلمين فقط ومن أقوام غير العرب، فأمرَ حذيفة -رضي الله عنه- في هذه الحال أن يلزم المسلمين وحاكمهم، وإن لم يكن هناك حاكم مسلم ولم يكن المسلمون عندها موحّدين تحت راية واحدة فالحل هو اعتزال هذه الفرق، حتى وإن كان هذا الاعتزال بالخروج إلى أرض القفار والبر.[٨]


فمعنى قوله "ولو أن تعض بأصل شجرة" هو كنايةً عن الابتعاد عن الناس وأنظارهم، وعدم الكلام معهم والتزام الصمت، حتى يقبِض الموت روحه وهو معتزل للفتن، فيرشد الحديث إلى ضرورة تحرّي المسلم السلامة واعتزال الفتن والهروب منها وعدم الخوض فيها.[٨]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:3606، حديث صحيح.
  2. محمد فؤاد عبد الباقي، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، صفحة 249.
  3. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:23429، حديث حسن.
  4. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/2/2021.
  5. أبو عبد الله التبريزي، مشكاة المصابيح، صفحة 1481. بتصرّف.
  6. عبد الكريم الخضير، كتاب الفتن من صحيح البخاري، صفحة 7. بتصرّف.
  7. صدر الدين المُنَاوِي، كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح، صفحة 457. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث "الموسوعة الحديثية - شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/2/2021. بتصرّف.
4202 مشاهدة
للأعلى للسفل
×