محتويات
حديث: لا يَغرس مسلم غرسًا
هل يحصل الإنسان على ثواب إذا أكلت الحيوانات والطيور من زرعه؟
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلَ منه إنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شيءٌ، إلَّا كَانَتْ له صَدَقَةً".[١]
شرح الحديث
يقول الإمام النووي -رحمه الله- إنّ هذا الحديث يدلّ على فضيلة الزرع والغرس، وأنّ أجر الزارع مستمر ما دام زرعه باقيًا ومتناميًا ويُستفاد منه إلى قيام الساعة، كما أنّ أهل العلم اختلفوا في أفضل الأعمال التي يجني منها الإنسان رزقه، فقيل التجارة وقيل الصنعة باليد، وقيل إنّ الزراعة هي أطيب المكاسب ورجّح النووي هذا القول، ويتبيّن أيضًا من هذا الحديث أنّ الثواب الذي يجنيه العبد إذا أُكِل من زرعه أو أُتلف هو ثواب خاص بالمسلمين، ولا يناله غيرهم، فهم سينالون أجرهم على هذا في الآخرة بإذن الله.[٢]
حديث: ولكن أحبُّ أن أزرع
هل يبقى الإنسان محبًّا للزراعة في الآخرة؟
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنَّ رجلًا من أهلِ الجنَّةِ استأذَنَ ربَّه في الزَّرعِ، فقال لهُ: ألستَ فيما شِئْتَ؟ قال: بلَى، ولكنْ أُحبُّ أنْ أزرعَ! فبذرَ، فبادرَ الطَّرْفَ نباتُهُ واستِواؤُه واستِحْصادُه، فكانَ أمثالَ الجبالِ، فيقولُ اللهُ: دونَكَ يا ابنَ آدمَ! فإنَّه لا يُشْبِعُك شَيءٌ".[٣]
شرح الحديث
يخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن رجل من أهل الجنة ومتنعم بنعيمها يطلب من الله تعالى أن يزرع في أرضها، فيسأله الله تعالى أليس لديك جميع ما تحب وتشتهي من الطعام والشراب وأصناف النعيم، فلماذا تحتاج إلى الزرع، فيقول إنّه يُحب ذلك فيبذر البذور في أرض الجنة، فما هي إلا أقل من طرفة عين فينمو زرعه ويتكاثر حتّى يصبح كالجبال، ويكون نموه هذا بدون حصاد وسواه ممّا يحتاج إليه الزرع في الدنيا، فيقول الله -عزّ وجلّ- حينها خُذ ما شئت، فإنّه لا يُشبعك شيء، وفي هذا توبيخ لبني آدم وأنّهم يحبون الكثرة ويطلبون المزيد حتّى وإن كانوا في الجنة.[٤]
حديث: إنْ قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة
كيف شجّع الإسلام على إعمار الأرض؟
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنْ قامَتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكمْ فَسِيلةٌ، فإنِ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يَغرِسَها فلْيغرِسْهَا".[٥]
شرح الحديث
الفسيلة هي النخلة الصغيرة، وفي هذا الحديث حض على الاستثمار وترغيب باغتنام الفرص حتّى وإن كان ذلك عند قيام الساعة، لأجل الزرع في الأرض وإعمارها بالخير الذي ينتفع به الآخرون فيكون ذلك بمثابة صدقة جارية يظل أجرها باقيًا إلى يوم القيامة.[٦]
حديث: سبعٌ يجري للعبد أجرُهنّ
هل زرع النخيل والشجر يُعدّ من الصدقات الجارية؟
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "سبعٌ يَجري للعبدِ أجرُهُنَّ، و هوَ في قَبرِه بعدَ موتِه: مَن علَّمَ علمًا، أو أجرَى نهرًا، أو حفَر بِئرًا، أو غرَسَ نخلًا، أو بنَى مسجِدًا، أو ورَّثَ مُصحفًا، أو ترَكَ ولدًا يستغفِرُ لهُ بعد موتِه".[٧]
شرح الحديث
يذكر هذا الحديث أنواعًا متعددة من الصدقات الجارية التي يبقى أجرها بعد الموت وكأنّ العبد ما زال مستمرًا في فعلها، وهذه الصدقات هي التعليم ويدخل فيه التأليف والإفتاء، وحفر الآبار وإجراء الأنهار وإن كان ذلك العمل كان بقصد المنفعة الشخصية، ولكن استمرار انتفاع العباد به جعل أجره مستمرًا، ومن الصدقات الجارية أيضًا الزراعة وغرس النخيل وأنواع الفاكهة المختلفة مثل العنب والتين التي تستمر بالنمو ولا تحتاج لكبير اهتمام، وفي هذا بيان للثواب العظيم الذي قد يجنيه المسلم إذا أكثر من زراعة الأشجار.[٨]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1552، حديث أخرجه في صحيحه.
- ↑ النووي، كتاب شرح النووي على مسلم، صفحة 213. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2080، حديث صحيح.
- ↑ الملا علي القاري، كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 3600. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1424، حديث صحيح.
- ↑ ناصر الدين الألباني، كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، صفحة 38. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس، الصفحة أو الرقم:4627، حديث صحيح.
- ↑ الصنعاني، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير، صفحة 366. بتصرّف.