بعث الله تعالى رسوله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- معلّما للناس أحسن الأخلاق، ومن أعظم الأخلاق التي حثّ عليها الإسلام؛ خُلُقُ الصدق، فالصدق أساس التعاملات بين الناس، وقد امتدح الله -عزّ وجلّ- الذين لزموه حتى صار لهم خُلُقاً، فقال سبحانه في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ أُولَـئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ)،[١] والصدق كما عرّفه أهل العلم هو الخبر عن الشيء على ما هو به، وهو نقيض الكذب، أمّا القرطبي فقد قال: "الصّدّيق هو الذي يحقق بفعله ما يقوله بلسانه"، فمن خلال الصدق يتميّز أهل الإيمان عن أهل النفاق، لذلك كان الصدق من أهم الأخلاق في الإسلام،[٢] وقد ذكر أهل العلم العديد من الفوائد والآثار للصدق، كسلامة المعتقد، وحب الصالحين والبحث عنهم، فيضيق الصادق بصحبة أهل الغفلة، ولا يصبر على مخالطتهم إلّا البقدر الذي ينشر الخير بينهم فيه.[٣]
فضل الصدق في السنة النبوية
احتوت السنّة النبوية على العديد من من الأحاديث التي تتحدث عن فضل الصدق، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- روى أبو سفيان -رحمه الله تعالى-، فقال: (أنَّ هِرَقْلَ قَالَ له: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أنَّه أمَرَكُمْ بالصَّلَاةِ، والصِّدْقِ، والعَفَافِ، والوَفَاءِ بالعَهْدِ، وأَدَاءِ الأمَانَةِ، قَالَ: وهذِه صِفَةُ نَبِيٍّ)،[٤] وفي هذا تشريف للصدق وأهله، فقد كان الصدق من أول صفات الأنبياء، كما شهد الله تعالى بذلك في الكثير من الآيات في القرآن الكريم.
- روى الحسن بن علي -رضي الله عنه-، فقال: (دعْ ما يَريبُكَ إلى مَا لا يَريبُكَ فإنَّ الصدقَ طمَأْنِينَةُ والكذِبَ رِيبَةٌ).[٥] ففي ذلك توجيه نبويّ مباشر إلى أنّ الامتثال بخُلُق الصدق سبب مباشر لطمأنينة القلب، والبعد عن القلق والتوتر.[٦]
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَحَبُّ الحَديثِ إلَيَّ أَصْدَقُهُ).[٧]
الحثّ على الصدق في السنة النبوية
في كتب الأحاديث تعددت الروايات التي تحثّ المسلم على التخلّق بخلق الصدق، وفيما يلي ذكر بعضها:
- (إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ كَذّابًا)،[٨] فالذي يعتاد على الصدق في حياته، حتى يصبح جزءً منه يُوفَّق للبرِّ، والصدق، والاستقامة في أعماله، والذي يُبتلى بالكذب يجرّه الكذب إلى المعاصي والفجور، بل والذنوب الكثيرة.[٩]
- (اضْمَنُوا لي ستًّا منْ أنفسِكُمْ أضمَنُ لكمُ الجنةَ؛ اصْدُقوا إذا حدثْتُم، وأوْفُوا إذا وعدْتُم، وأدُّوا إذا ائتُمِنْتُم، واحْفَظوا فروجَكُمْ، وغُضُّوا أبصارَكمْ، وكُفُّوا أيديَكُم)،[١٠] ومن الأمور التي تعين العبد على ذلك؛ أن يحرص على تقوية إيمانه، وأن يسأل الله تعالى أن يحسن أخلاقه، ويرزقه الاستقامة على الطاعات والعبادات.[١١]
- (أربعٌ إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حِفظُ أمانةٍ، وصدقُ حديثٍ، وحُسنُ خليقةٍ، وعِفَّةٌ في طُعمةٍ).[١٢]
المراجع
- ↑ سورة الحديد، آية:19
- ↑ أحمد عماري (14/12/2014)، "مكانة الصدق في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022. بتصرّف.
- ↑ "فوائد الصدق"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سفيان بن حرب، الصفحة أو الرقم:2681 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان ، في المقاصد الحسنة، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:256 ، حديث صحيح.
- ↑ "حديث : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، إسلام ويب، 21/8/2005، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم:2307 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2607، صحيح.
- ↑ "بَابُ التَّرْغِيبِ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ"، الامام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1090 ، حديث صحيح.
- ↑ "شرح حديث "اضمنوا لي ستا من أنفسكم..""، إسلام ويب، 19/7/2005، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:1718، حديث صحيح.