محتويات
حديث: إن الماء لا ينجسه شيء
متن الحديث
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أنَّ رجلًا سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: إنَّ بئرَ بُضاعةَ يُطرحُ فيها الكلابُ والمحيضُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إنَّ الماءَ لا يُنجسهُ شيءٌ".[١]
صحة الحديث
صحّح هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل وايحيى بن معين وأبو محمد بن حزم، وذهب الإمام الدارقطني إلى أنّ هذا الحديث ليس ثابتًا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال ابن قطان إنَّ فيه علة بسبب جهالة راوي هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وكذلك بسبب اختلاف الرواة في اسم هذا الراوي واسم أبيه، والله أعلم.[٢]
شرح الحديث
المقصود في الحديث أنَّ الناس لم يكونوا يعمدون إلى تنجيس المياه؛ إذ تنزيه المياه عن القاذورات شأن النّاس منذ القِدَم، ولكنَّ السيول كانت تحمل القاذورات إلى تلك المياه، ويذكر آحرون أنَّ المنافقين كانوا يلقون القاذورات فيها، ومعنى أنَّ الماء لا ينجسه شيء قال الشافعي إنّه مثل الماء المسول عنه، وقد كانت بئر بضاعة واسعة وكبيرة ولذلك كان ما يلقى فيها من القاذورات لا يغير ماءها.[٣]
حديث: إذا توضأ العبد المسلم
متن الحديث
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِن وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بعَيْنَيْهِ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِن يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ".[٤]
صحة الحديث
ذكره الإمام مسلم في كتابه صحيح مسلم.[٥]
شرح الحديث
المقصود بالحديث أنَّ المسلم إذا أراد الوضوء فإنَّه يخرج من كل عضو من أعضائه الذنوب التي فعلها، فلمَّا يغسل المسلم وجهه تخرج منه كل الذنوب التي فعلها مثل النظر الحرام وغيره، ولمَّا ذكر العين من الوجه مع أنَّ فيه الأنف والفم فذلك لأنَّ العين هي قائد القلب؛ فذكرها أغنى عن ذكر باقي الأعضاء وسائر ما سواها، [٦] وكذا عندما يغسل العبد يديه في الوضوء تخرج من يديه جميع الخطايا التي ارتكبها في يده، كأن لمس حرامًا في يده وما إلى ذلك، وكذلك جميع أعضائه حتى يخرج نقيًا من ذنوب أعضائه أو من صغائر الذنوب، والحديث يبين فضل الوضوء.[٧]
حديث: إن كان عندك ماء بات في شنة
متن الحديث
"أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ علَى رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ ومعهُ صَاحِبٌ له، فَسَلَّمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصَاحِبُهُ، فَرَدَّ الرَّجُلُ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، وهي سَاعَةٌ حَارَّةٌ، وهو يُحَوِّلُ في حَائِطٍ له، يَعْنِي المَاءَ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ كانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ في شَنَّةٍ، وإلَّا كَرَعْنَا والرَّجُلُ يُحَوِّلُ المَاءَ في حَائِطٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ، عِندِي مَاءٌ بَاتَ في شَنَّةٍ، فَانْطَلَقَ إلى العَرِيشِ، فَسَكَبَ في قَدَحٍ مَاءً، ثُمَّ حَلَبَ عليه مِن دَاجِنٍ له، فَشَرِبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ أعَادَ فَشَرِبَ الرَّجُلُ الذي جَاءَ معهُ".[٨]
صحة الحديث
أخرجه البخاري في صحيحه.[٩]
شرح الحديث
الشنة هي القربة البالية التي كانوا يستخدمونها لتبريد الماء في الليل،[١٠] والماء الذي يبيت ليلًا في الشنان يكتسب طعمًا لذيذًا لا يكون في آنية أخرى كأن يبات في الفخار أو غيرها، وقد بحث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ماء بات في شنة خاصة؛ لأنَّ الشنة فيها ثقوب تجعل الماء يرشح.منه فيزداد لذاذة،[١١]
والنبي يسأل الرجل الأنصاري إن لم يكن عنده ماء بات في الشنة فسيشرب كرعًا، والكرع هو تناول الماء في الفم من نهر أو حوض من غير أن يكون في آنية أو عن طريق الكف.[١٠]
فأخذ الأنصاري النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى مكان من البستان مسقوف بكثير من الأغصان فسكب للنبي -عليه الصلاة والسلام- الماء وحلب عليه من داجن له؛ أي: شاة، فشرب النبي وصاحبه.[١٠]
حديث: إذا كان الماء في قلتين لم يحمل الخبث
متن الحديث
روي عن عبد الله بن عمر أنَّه قال: "سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ يُسأَلُ عنِ الماءِ يَكونُ في الفَلاةِ مِنَ الأرضِ وما ينوبُهُ مِنَ السِّباعِ والدَّوابِّ؟ قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إذَا كانَ الماءُ قُلَّتينِ لم يحمِلِ الخبثَ".[١٢]
صحة الحديث
ذكر الحاكم أنَّه صحيح على شرط الشيخين، وذكر ابن مندة أنَّ إسناد حديث القلتين على شرط مسلم.[١٣]
شرح الحديث
استفتى الناس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طهارة الماء الذي تأتي إليه الحيوانات والدواب فتشرب منه وقد تستحم وما إلى ذلك، وقد تحمل بعض تلك الحيوانات نجسًا وقد لا يخلو أيضًا من روث بعض الحيوانات، فأجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه إذا كان الماء يبلغ قلتين ومعنى القلة أي الجرة الكبيرة، وقيل إن سعة القلة يبلغ حوالي المئتين وخمسين رطلًا، وقيل غير ذلك، فالماء البالغ مقدار قلّتين لا يحمل النجاسة، وبذلك يكون الماء طاهرًا ويدفع النجاسة.[١٤]
حديث: أفي الوضوء سرفٌ؟
متن الحديث
"أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ: ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ؟ قالَ: أفي الوضوءِ سَرفٌ قالَ: نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ".[١٥]
صحة الحديث
صححه أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد،[١٦] وقال البوصيري إنَّ فيه ضعف وذلك لضعف حيي بن عبد الله وابن لهيعة.[١٧]
شرح الحديث
الحديث مذكور في سعد بن أبي وقَّاص أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مرَّ به وهو يتوضأ، فإذا بسعد يسرف في الوضوء والسرف على وجهين فهو إمَّا أنَّه أسرف بزيادة العدد عن ثلاثة، أو أسرف في قدر الماء الذي يستهلكه في أثناء وضوئه، وقد غلب الظن على سعد أنَّه لا يكون هناك سرف في العبادة؛ فالوضوء كذلك هو عبادة، فأجابه النبي بأنَّ فعله فيه سرف وإهدار للوقت والعمر أو تجاوز للحد المطلوب من الوضوء وهو ثلاثة.[١٨]
حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد
متن الحديث
"كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ بالمُدِّ، ويَغْتَسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسَةِ أمْدادٍ".[١٩]
صحة الحديث
اتفق البخاري ومسلم على صحته.[٢٠]
شرح الحديث
والمد في هذا الزمان يساوي مقداره 675 غرام، والصاع يساوي أربعة أمداد وهذا الحديث يقف مع استحباب الابتعاد عن الإسراف والتبذير في الماء، وأن يأخذ منه المسلم ما يحتاجه فقط فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ بمدٍّ واحدٍ ويغتسل بصاع واحد.[٢١]
المراجع
- ↑ رواه ابن الأثير، في شرح مسند الشافعي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1/67، حديث صحيح.
- ↑ أبو السعادات ابن الأثير، الشافي في شرح مسند الشافعي، صفحة 67. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الرافعي، كتاب شرح مسند الشافعي، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:244، حديث صحيح.
- ↑ محمد بن سليمان المغربي الروداني، كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد، صفحة 88. بتصرّف.
- ↑ الطيبي، كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن، صفحة 744. بتصرّف.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/12/2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:5621 ، حديث صحيح.
- ↑ البخاري، صحيح البخاري، صفحة 111. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ناصر الدين البيضاوي، كتاب تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة، صفحة 127. بتصرّف.
- ↑ ابن القيم، كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 208. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في شرح سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1/97، حديث صحيح.
- ↑ صديق حسن خان، كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية، صفحة 93. بتصرّف.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-05. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:12/23، حديث سناده صحيح.
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-05. بتصرّف.
- ↑ نبيل البصارة، كتاب أنيس الساري تخريج أحاديث فتح الباري، صفحة 117. بتصرّف.
- ↑ عبيد الله الرحماني المباركفوري، كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 125. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:325، حديث صحيح.
- ↑ الملا على القاري، كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 427. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 87. بتصرّف.