حديث (اللهم رب الناس أذهب البأس)

كتابة:
حديث (اللهم رب الناس أذهب البأس)

حديث (اللهم رب الناس أذهب البأس)

يقول -صلى الله عليه وسلم-: (يا عبادِ اللهِ تداوُوا، فإن اللهَ لم يضعْ داءً إلا وضعَ له شِفاء)،[١] في هذا الحديث الشريف حث من النبي -صلى الله عليه وسلم- للعباد للسعي في طلب الدواء.

وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مجموعة من الأحاديث؛ التي يرشد فيها الخلق لطلب الشفاء من الله -تعالى-، ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)،[٢] وفيما يأتي مزيد بيان لهذا الحديث.

لفظ الحديث وشرح معانيه

بيان لفظ الحديث

ورد هذا الدعاء في ثلاثة أحاديث صحيحة بينهما اختلاف يسير لا يضر؛ وهذا الاختلاف في التقديم والتأخير، واختلاف أيضاً في صيغة الخطاب، على النحو الآتي:

  • الحديث الأول

(أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أهْلِهِ؛ يَمْسَحُ بيَدِهِ اليُمْنَى ويقولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).[٢]

  • الحديث الثاني

قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَذْهِبِ البَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).[٣]

  • الحديث الثالث

قوله -صلى الله عليه وسلم-: (امْسَحِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، بيَدِكَ الشِّفَاءُ، لا كَاشِفَ له إلَّا أنْتَ).[٤]

شرح كلمات الحديث

يعد هذا الحديث من الرقية الشرعية التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقي بها أصحاب الأمراض والعلل،[٥] وفيما يأتي شرح لألفاظه:

  • بدأ الدعاء بالألوهية

حين قال: (اللهم)، والربوبية حين قال: (رب الناس).

  • قوله: (اذهب البأس)

ويقصد به دعاء الله -تعالى- بأن يزيل شدة الداء، وما يلحق المريض بسبب المرض من ألم.[٦]

  • قوله: (اشف، أو اشفه)

كلاهما دعاء لله -تعالى-، ورجاء بأن يعافي الله -تعالى- المريض،[٧] واستخدام اسم الله الشافي، يناسب الحال الذي هو طلب الخلاص من الداء والأسقام؛ وهو معنى اسم الله الشافي الذي يزيل الداء، والأسقام عن العباد.[٨]

  • قوله: (لا شفاء إلا شفاؤك)

في نسبة الفضل في كل شفاء إلى الله -تعالى-، وبيان أن لا شفاء لنا وللمريض، إلا من عند الله -تعالى-،[٧] وأن الشفاء المقصود هو الشفاء الذي يحقق المطلوب بالسلامة الكاملة من الداء،[٩] وبيان أن الدواء والطبيب ما هم إلا أسباب للشفاء؛ وأن الشافي الحقيقي هو الله -تعالى-.

  • قوله: (لا يغادر سقماً)

يقصد به أن تشفي شفاء لا يترك مرضاً في المريض إلا أزاله،[٦] وفيه توجيه بأن ندعو الله -تعالى- مما أصابنا، ومما لم يصبنا، وأن نطلب السلامة من الداء الذي نعلمه ومن الداء الذي لا نعلمه.

من الأحاديث الصحيحة الواردة لطلب الشفاء

ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مجموعة من الأحاديث النبوية التي ترشد المريض للتوجه إلى الله -تعالى-، إلى الأخذ بأسباب العلاج عند المرض والدعاء؛ بما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:

  • تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- إذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِن أَهْلِهِ، نَفَثَ عليه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الذي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عليه وَأَمْسَحُهُ بيَدِ نَفْسِهِ، لأنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِن يَدِي).[١٠]
  • كان -صلى الله عليه وسلم- يوصي من يأتيه، وبه علة أو مرض فيقول: (ضَعْ يَدَكَ علَى الذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ).[١١]
  • يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما أصابَ أحدًا قَطُّ هَمٌّ ولا حَزَنٌ، فقال: اللَّهُمَّ إنِّي عبدُكَ، ابنُ عبدِكَ، ابنُ أَمتِكَ، ناصيَتي بيَدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكمُكَ، عَدلٌ فيَّ قَضاؤكَ، أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفْسَكَ، أو علَّمتَه أحدًا مِن خلْقِكَ، أو أنزَلتَه في كتابِكَ، أو استَأثَرتَ به في عِلمِ الغَيبِ عندَك).[١٢]
(وأنْ تجعَلَ القُرآنَ رَبيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجِلاءَ حُزني، وذَهابَ هَمِّي؛ إلَّا أذهَبَ اللهُ هَمَّه وحُزنَه، وأبدَلَه مكانَه فَرحًاً، قال: فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، ألَا نتعلَّمُها؟ فقال: بلى، يَنبَغي لمَن سمِعَها أنْ يتعلَّمَها).[١٢] وهذا يشمل المرض والسقم.
  • يقول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن عاد مريضًا لم يَحضُرْ أجَلُهُ فقال عنده سَبْعَ مِرَارٍ: أسأَلُ اللهَ العظيمَ رَبَّ العَرْشِ العظيمِ أنْ يشفيَكَ، إلَّا عافاه اللهُ مِن ذلك المَرَضِ).[١٣]
  • كان -عليه الصلاة والسلام- إذا زار مريضاً يدعو له ويقول: (إذا جاء الرجلُ يعودُ مريضاً: قال اللهمّ اشْفِ عبدكَ يَنْكَأ لكَ عدوّا، ويمشِي لكَ إلى الصلاةِ).[١٤]

المراجع

  1. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن أسامة بن شريك، الصفحة أو الرقم:2038، حسن صحيح.
  2. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة ، الصفحة أو الرقم:5743، صحيح.
  3. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:2191، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:5744، صحيح.
  5. ابن بطال، شرح صحيح البخارى، صفحة 433. بتصرّف.
  6. ^ أ ب الكرماني، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري، صفحة 24. بتصرّف.
  7. ^ أ ب القسطلاني ، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، صفحة 392. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية الدرر السنية، صفحة 141. بتصرّف.
  9. بدر الدين الدماميني، مصابيح الجامع، صفحة 236. بتصرّف.
  10. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عائشة ، الصفحة أو الرقم:2192، صحيح.
  11. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن نافع بن جبير، الصفحة أو الرقم:2202، صحيح.
  12. ^ أ ب رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6، إسناده صحيح.
  13. رواه أبو داود ، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3106، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  14. رواه الإمام أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:104، إسناده صحيح.
5097 مشاهدة
للأعلى للسفل
×