محتويات
حق النفس باجتناب الكبائر والموبقات
إنّ من صور ظُلم النفس والتّعدي عليها إلحاقها بالعصيان والذنوب، أمّا صَونُ حقِّها فيكون بالابتعاد عمّا يُؤذيها في الدّنيا والآخرة، ومن أعظم الخذلان ونقص أداء الأمانة؛ أن يُوقع المرء نفسه بكبائر الذنوب.[١]
وقد حذّرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوقوع بكبائر الذنوب، حيث قال: (اجتَنِبوا السَّبعَ المُوبِقاتِ، قيل: وما هي يا رسولَ اللهِ؟ قال: الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ التي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ، وأكْلُ مالِ اليَتيمِ، والتَّوَلِّي يومَ الزَّحفِ، وقَذْفُ المُحصَناتِ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ).[١][١] فقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث من الشّرك؛ وهو أعظم الذنوب ولهذا بدأ به، وهو أن يجعل المرء لله شريكاً أو نداً في الاعتقاد أو العبادة.[٢]
ونهانا عن ممارسة السّحر أو سؤال السَّحرة، وقرَنه بالشّرك بالله؛ لأنّ الساحر يعبد الشيطان بطاعته والتي لا تكون في أمر الخير أبداً، ونهانا عن استحلال دماء الناس وقتلهم بغير حق، والتّعدي على مال اليتيم، وأمرنا بالثّبات في ساحات الجهاد، وعدم الفرار منها، كما وحثّنا على حفظ أعراض المؤمنات من عبث الألسن.[٢]
كما ونشير إلى أن إيقاع المرء لنفسه في هذه الذنوب وغيرها؛ هو من باب تضييع الأمانة، والتزام الأمانة يكون بتنفيذ أوامر الله ولزوم طاعته، فعَن ابْن مَسْعُود قَالَ: "من الْأَمَانَة أَدَاء الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَحج الْبَيْت، والصدق فِي الحَدِيث، وَقَضَاء الدّين، وَالْعدْل فِي المكاييل والموازين".[٣]
آثار اجتناب الكبائر والموبقات في الدنيا والآخرة
من اجتنب المعاصي والذّنوب، وداوم على الطّاعة والبر؛ حاز التقوى التي تجني له ثمرات الخير في الدنيا والآخرة، ومن هذه الثمرات، ما يأتي:[٤]
- نيل الهداية والتوفيق والانتفاع بفضل القرآن الكريم
قال -تعالى-: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛهُدًى لِّلْمُتَّقِينَ).[٥]
- معيّة الله وتسديده ونُصرته للمتقّين
قال -تعالى-: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)،[٦]وقال -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا وَالَّذينَ هُم مُحسِنونَ).[٧]
- الدرجة العالية في الآخرة والفوز بالجنّة
يقول -تعالى-: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّـهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[٨] ويقول -تعالى-: (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ).[٩]
- التوفيق لتحصيل العلم النافع
قال -عز وجل-: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[١٠]
أمور تساعد على اجتناب الكبائر والموبقات
الأمور التي تُساعد المرء على ترك الذنوب كثيرةٌ؛ ومنها ما يأتي:[١١]
- أن يبتعد عن جُلساء السوء؛ الذين لا تخلوا صداقتهم من الوقوع في الإثم.
- أن يحرص على مجالسة أهل القرآن؛ الذين يُشجعونه على الطّاعة، ويُبعدونه عن المعصية.
- أن يجتنب مقدمات الإثم؛ فإن كان بالنظر غض بصره، وإن كان في السوق خرج منه، وهكذا.
- المحافظة على الصلاة، والذّكر، وقراءة القرآن؛ فإنّها خير منجاة للمرء، وفيها تحقيق السعادة الحقيقية، بعيداً عن اللذة المؤقتة للمعصية.
المراجع
- ^ أ ب ت موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة 1)، صفحة 290، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الله بن محمد الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 6-15. بتصرّف.
- ↑ منصور السمعاني (1997)، تفسير القرآن المؤلف أبو المظفر (الطبعة 1)، صفحة 311، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسُّنَّة، صفحة 20-21، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:1
- ↑ سورة البقرة، آية:194
- ↑ سورة النحل، آية:128
- ↑ سورة البقرة، آية:212
- ↑ سورة آل عمران، آية:15
- ↑ سورة البقرة، آية:282
- ↑ أبو محمد السلمي (1995)، مقاصد الرعاية لحقوق الله عز وجل (الطبعة 1)، صفحة 120، جزء 1. بتصرّف.