حكم إقامة الصلاة للمنفرد

كتابة:
حكم إقامة الصلاة للمنفرد

حكم إقامة الصَّلاة للمنفرد

إقامة الصَّلاة للمنفرد سنَّةٌ مُؤكَّدةٌ لصلاة الفرض، سواءً كانت الصَّلاة حاضرةً في وقتها أو قضاءً بعد فوات الوقت المخصَّص لها، فهي سنَّةٌ للمنفرد والجماعة، وللرِّجال والنِّساء، وهو رأي الشَّافعيَّة والمالكيَّة، وقال الحنابلة والحنفيَّة: إنَّ الأذان والإقامة للرِّجال فقط وليست للنِّساء،[١] ودلّ على أنّ الإقامة سنّة ما رواه مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَى رَجُلَانِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدَانِ السَّفَرَ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا أنْتُما خَرَجْتُمَا، فأذِّنَا، ثُمَّ أقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُما أكْبَرُكُمَا)،[٢] وإقامة الصَّلاة هي تعبُّد الله -سبحانه وتعالى- بالإعلام بالقيام إلى الصَّلاة بكلماتٍ مخصوصةٍ.[٣]


أمَّا المُصلِّي المنفرد فيؤذِّن ويُقيم في سفره كما يؤذِّن ويُقيم حاضراً في بلده، ودليل استحباب ذلك أيضاً هو ما ورد عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (يعجَبُ ربُّكَ من راعي غنمٍ، في رأسِ شظيَّةِ الجبلِ يؤذِّنُ بالصَّلاةِ ويصلِّي، فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: انظروا إلى عبدي هذا يؤذِّنُ ويقيمُ الصَّلاةَ يخافُ منِّي، قد غَفرتُ لعَبدي، وأدخلتُهُ الجنَّةَ)،[٤] وفي حالة اجتماع السَّفر والانفراد معاً، فيُقام أيضاً لكلِّ صلاة من الصَّلوات الخمس والجمعة، وفي حال الجمع كما في المزدلفة التي يُصلِّي فيها الحُجَّاج المغرب والعشاء معاً؛ فتكون الإقامةُ لكلِّ صلاةٍ وحْدها لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[٥][٦]


كيفيَّة الإقامة

تعتبرُ إقامة الصَّلاة إعلاماً بالقيام للصلاة بألفاظٍ مخصوصةٍ، وتُقام الصَّلاة كما صحَّت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكيفيَّتان، نورد بيانهما فيما يأتي:[٧][٨]

  • الكيفيَّة الأُولى: وتكون بالألفاظ الآتية: (الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)، وهذه الكيفيَّة التي اتَّفق عليها الحنابلة والشَّافعيَّة،[٩] فتتكوَّن من إحدى عشرة جملةً.
  • الكيفيَّة الثَّانية: تزيد عن الكيفيَّة الأُولى بأنَّ التكبيرات في بداية الإقامة تكون أربع تكبيراتٍ، وما بقي من ألفاظها يُكرَّر مرَّتين على النحو الآتي: (الله أكبر أربعًا، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، قد قامت الصلاة مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)، فتتكوَّن من سبع عشرة جملةً.


حكم الأذان للمنفرد

يُستحبُّ للمنفرد الرَّجل في صلاته أن يؤذِّن، فهيَ سنَّةٌ للرَّجل ولسيت واجبةً عليه،[١٠] بدليل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ -رضي الله عنه-: (إنِّي أرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ والبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ في غَنَمِكَ، أوْ بَادِيَتِكَ، فأذَّنْتَ بالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بالنِّدَاءِ، فإنَّهُ: لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ ولَا إنْسٌ ولَا شيءٌ، إلَّا شَهِدَ له يَومَ القِيَامَةِ)،[١١] وإن فاتته صلاة الجماعة في المسجد فجاء متأخِّراً وليس في المسجد إمام وكانوا قد فرغوا من الصلاة، فله أن يؤذِّن بصوتٍ منخفضٍ؛ حتى لا يظنَّ النَّاس بأنَّه قد حان موعدٌ لصلاةٍ أخرى، فيختلط عليهم الأمر، ويُقيم بعد الأذان ويُصلِّي، أمَّا المرأة فتُصلِّي بلا أذانٍ إن صلَّت منفردة لوحدها.[١٢]


المراجع

  1. الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 716، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 630، صحيح.
  3. التويجري (1430 هـ - 2009 م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 387، جزء 2. بتصرّف.
  4. رواه الالباني، في صحيح النسائي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 665، صحيح.
  5. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 387، جزء 6. بتصرّف.
  6. ابن رجب (1417 هـ - 1996 م)، فتح الباري (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: مكتبة الغرباء الأثرية، صفحة 369، جزء 5. بتصرّف.
  7. عبد الرحمن الجزيري (1424 هـ - 2003 م)، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 292، جزء 1. بتصرّف.
  8. كمال ابن السيد سالم (2003 م)، كتاب صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة (الطبعة الأولى)، القاهرة: لمكتبة التوفيقية، صفحة 289، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح ابي داود، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم: 499، حسن صحيح.
  10. احمد الخليل، زاد المستنقع (الطبعة الأولى)، صفحة 224، جزء 1. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 609، صحيح.
  12. العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (1417 هـ - 1997 م)، الرافعي، عبد الكريم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 406، جزء 1. بتصرّف.
4331 مشاهدة
للأعلى للسفل
×