حكم الإفطار في رمضان

كتابة:
حكم الإفطار في رمضان

حكم الإفطار في رمضان بلا عذر

لماذا لم يوجب الشافعية والحنابلة الكفارة على من أفطر عامدًا؟

لقد ذهب العلماء إلى أنّ الإفطار في رمضان بلا عذر يبيح ذلك هو أمر يوجب القضاء عند بعض العلماء والقضاء والكفّارة عند بعضهم الآخر، فقد ذهب علماء الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الإفطار في رمضان بلا عذر مُبيح يستوجب القضاء مع الكفّارة، واشترط الحنفيّة أن يكون قد نوى الصوم من الليل وألّا يكون قد طرأ عليه عذر شرعي كالمرض والحيض للمرأة، واشترط المالكيّة أن يكون ذلك الإفطار خاص برمضان لما في ذلك من انتهاك لحرمة شهر الصيام، وكذلك لو شرب الصائم الدخان فيجب عليه أن يقضي صيامه ويدفع الكفّارة، واستدلّوا بحديث الأعرابي الذي جاء امرأته في رمضان.[١]


بينما ذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب القضاء فقط من دون أن يدفع الصائم الكفّارة في حال أفطر عمدًا، وقالوا إنّ الأعرابي قد ارتكب الجماع، والجماع ليس كالأكل والشرب، واستدلّوا بعدم ورود نص يوجب الكفارة على من أكل أو شرب عامدًا، وقالوا إنّ الجماع لا يقاس عليه.[١]


حكم الإفطار في رمضان للمسافر

ما شروط السفر المبيح للفطر؟

يعدّ السفر من عوارض الصيام المجيزة للإفطار،[٢] إلا أنّه يترتب عليه قضاء اليوم، أو الأيّام التي أفطرها، وذلك بإجماع المذاهب الأربعة، وإن صام -خلال سفره- فصوْمه صحيح،[٣] وفي أفضلية الصوم أو الإفطار للمسافر، فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة وقول عند الحنابلة؛ إلى أنّ صوْم المسافر أفضل من إفطاره، إذا لم يرهقه الصوم في أثناء السفر، وذهب الحنابلة إلى أنّ الإفطار في السفر أفضل،[٤] ويشترط في السفر المجيز للإفطار ما يلي:[٥]


  • أن يكون السفر طويلًا، مما تُقصر فيه الصّلاة.
  • أن تكون مدة الإقامة مجيزة للإفطار، واختلفت المذاهب الأربعة في مدة إقامة المسافر خلال سفره المجيز للإفطار، وذلك حسب الأقوال التالية:
    • المذهب المالكي والمذهب الشافعي: ذهبوا إلى أنّ المسافر يجب ألا ينوي الإقامة مدة أربعة أيام بلياليها.
    • المذهب الحنبلي: ذهبوا إلى أنّ المسافر يجب ألا ينوي الإقامة مدة تزيد على أربعة أيام.
    • المذهب الحنفي: ذهبوا إلى أنّ المسافر يجب ألا ينوي الإقامة مدة تزيد على خمسة عشر يومًا.


  • أن يكون السفر مباحًا وليس في معصية، وهذا قول الجمهور، وأجاز الحنفية الفطر ولو كان الغرض من السفر إدراك معصية.
  • أن يتجاوز المسافر المسلم المدينة، وذهب عامّة الفقهاء أنّ من أدرك نهار رمضان وهو مقيم، ثمَّ سافر فيجوز له الإفطار.


للتعرّف إلى كافة التفصيلات فيما يخص صيام المسافر يمكنك الاطلاع على هذا المقال: حكم الصيام في السفر


حكم الإفطار في رمضان للحامل

متى يكون الفطر واجبًا للحامل؟

يعدّ الحمل من عوارض الصوم المبيحة للإفطار، واتفق الفقهاء على أنّ الحامل إذا ما خافت على نفسها أو على جنينها من الضرر فلها أن تفطر، وفي حالة الخوف من الضرر الشديد فإنّ الفطر عليها واجب، ونصّ الحنابلة على كراهة صومها ككراهة صوم المريض.[٦]


للتعرّف إلى كافة التفصيلات فيما يخص صيام الحامل يمكنك الاطلاع على هذا المقال: حكم إفطار الحامل في رمضان


حكم الإفطار في رمضان للمرضع

ما حكم صيام المرضع عند الحنابلة؟

يعدّ الإرضاع من عوارض الصوم المبيحة للإفطار، وقد اتفق الفقهاء على أنّ المرضع إذا خافت على نفسها أو على رضيعها من الضرر فلها أن تفطر، وفي حالة الخوف من الضرر الشديد فإنّ الإفطار يكون واجبًا عليها، والصوم في حقها مكروه عند الحنابلة.[٦]


للتعرّف إلى كافة التفصيلات فيما يخص صيام المرضع يمكنك الاطلاع على هذا المقال: حكم إفطار المرضع في رمضان


حكم الإفطار في رمضان للحائض والنفساء

ماذا يترتب على المسلمة إن أفطرت لطروء الحيض أو النفاس عليها؟

اتفقت المذاهب الفقهية على فساد صوم الحائض والنفساء، فلا يصح صيامهما، وعلى ذلك يجب عليهما قضاء الأيّام التي أفطرتا فيهنّ.[٧]


حكم الإفطار في رمضان للمريض

ما ضوابط المرض المبيح للفطر؟


لقد نقل ابن قدامة إجماع الفقهاء على أنّ المرض يبيح للمسلم الصائم أن يفطر، وذلك لعموم الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،[٨] فيسنّ للمسلم أن يفطر إذا ما خاف من زيادة مرضه أو إبطاء شفائه، أو خاف من فساد عضو له، فيكره له حينها إكمال صيامه، وللمذاهب الفقهيّة أقوال في المرض المجيز للفطر، وهي:[٩]


  • المذهب الحنفي: قالوا بأنّه إذا خاف المسلم الصحيح المرض وكان خوفه غالب لظنّه فله أن يفطر، أمّا إن كان خوفه مجرّد وهمًا فلا يجوز له أن يفطر.
  • المذهب الشافعي: قالوا بإباحة إفطار المسلم الصائم إذا ما وجد ضررًا شديدًا بسبب صومه، ولكنّهم اشترطوا لجواز فطره أن ينوي الترخّص، ولهم تفصيل بشأن المرض إن كان مطبقًا أو متقطعًا تُنظر في مظانها.


  • المذهب المالكي: لهم في المسألة قولان: الأول أنّه إن خاف المسلم الصائم إصابته بالمرض بصومه فلا يجوز له الإفطار لوجود احتمال عدم نزول المرض به إن صام، والثاني هو جواز الفطر.


  • المذهب الحنبلي: قالوا إنّ المعتبر عندهم هو خوف الضرر بسبب الصيام، وأمّا خوف المريض من التلف بسبب الصيام فهذا يجعل الصوم مكروهًا عند بعض الحنابلة، وقال بعضهم الآخر إنّ الصوم في هذه الحال -يعني الخوف من التلف- محرّم.


للتعرّف إلى كافة التفصيلات المتعلقة بصيام المريض يمكنك الاطلاع على هذا المقال: حكم إفطار المريض في رمضان


حكم الإفطار في رمضان بالإكراه

هل يفسد صوم من أكره على الإفطار في نهار رمضان؟


للمذاهب الفقهيّة آراء في حكم من أجبر وأُكره على الإفطار في نهار شهر رمضان، وهي كالتالي:[١٠]

  • المذهب الشافعي: الصحيح من مذهبهم، وهو عدم فساد صوم المُكره، لعدم وجود الاختيار، فهو قد أُجبر على الإفطار.
  • المذهب الحنبلي: قالوا بعدم فساد صوم المجبر على الإفطار إطلاقًا، وذلك استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إنَّ اللهَ وضعَ عن أمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكْرِهوا عليهِ".[١١]
  • المذهب الحنفي والمذهب المالكي: ذهبوا إلى فساد صوم من أُجبر على الإفطار في نهار رمضان، ويترتب عليه قضاء ذلك اليوم، وقال بعض الحنفيّة بعدم فساد صيام المُكره.


حكم الإفطار في رمضان للمجاهد في سبيل الله

ما حكم المجاهد إن أفطر استعدادًا لقتال العدو ولم يحدث القتال؟


قال الفقهاء بأنّه إذا تيّقن المسلم المجاهد أو غلب على ظنّة لقاء العدو ومحاربته فله أن يفطر، وقالوا بأنّه إذا أفطر ولم يحصل القتال فلا يترتب عليه دفع كفّارة؛ لأن المجاهد عليه تقديم الإفطار لئلّا يضعف عند لقاء العدو،[١٢] إلّا أنّ العلماء فرّقوا ما بين المجاهد المسافر والمجاهد المقيم، فأجمعوا على جواز إفطار المجاهد المسافر،[١٣] أمّا في حالة المجاهد المقيم، فقد نقل عن الإمام أحمد بن حنبل في هذه الحال قولان: الأول هو جواز إفطار المجاهد المقيم، وهذا رأي المذهب الحنفي أيضًا، والثاني هو عدم الجواز.[١٤]


حكم الإفطار في رمضان لطالب العلم

هل تعد الاختبارات المدرسية عذرًا مبيحًا للفطر؟

ذهب العلماء إلى عدم جواز إفطار طالب العلم أن يفطر، إذ إنّ ذلك ليس من الأسباب المبيحة للإفطار في شهر رمضان، وكذلك الأمر لمن لديه اختبارات، فمن أفطر فعليه الإمساك بقيّة يومه عن الأكل والشرب، ويترتب عليه قضاء ذلك اليوم، أو الأيّام التي أفطر فيها لهذا السبب.[١٥]


حكم الإفطار في رمضان للكبير في السن

على ماذا أجمع الفقهاء بخصوص الشيخ الكبير في السن؟

لا خلاف بين الفقهاء على أنّ كبار السن لهم أن يفطروا في رمضان في حال كان الصوم يرهقهم جدًّا، وقد نقل بعض العلماء إجماع الفقهاء على ذلك، ولكن يستحقّ على الكبير في حال عدم المقدرة على الصوم الفدية، واستند الفقهاء على أدلة كثيرة في جواز إفطار الكبير، منها قوله -تعالى- في سورة البقرة: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}،[١٦] وقوله -تعالى- في سورة الحج: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}.[١٧][١٨]


حكم الإفطار في رمضان للعسكري

متى يصح للعسكري أن يفطر في رمضان؟

إنّ الأصل أنّ التدريب العسكري ليس من الأعذار المبيحة للإفطار في شهر رمضان المبارك، إّلا أنّه إذا كان الجهد شاقًا غير محتمل، وخاف العسكري من الضرر على نفسه فله أن يفطر بقدر ما يزول الجهد عنه، وعليه أن يمسك بقيّة اليوم، حفظًا لحرمة الوقت، ويترتب عليه إعادة قضاء ذلك اليوم، إلّا أنّه لا يجوز له الإفطار قبل حصول المشقة الشديدة.[١٩]


حكم الإفطار في رمضان للناسي

ما حكم صيام من أفطر ناسيًا في غير رمضان عند الإمام مالك؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى صحة صيام المسلم الصائم إذا ما أكل أو شرب وهو ناسٍ غير متذكّر للصيام، ولا يترتب عليه بناءً على ذلك أيّ شيّء، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: "مَن نَسِيَ وَهو صَائِمٌ، فأكَلَ، أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ"،[٢٠] إلّا أنّ الإمام مالك خالف الجمهور فيما ذهبوا إليه وقال بأنّ من أكل أو شرب في نهار رمضان وهو صائم فإنّ عليه قضاء ذلك اليوم، وهذا في شهر رمضان المبارك فقط، أمّا إذا ما نسيَ المسلم فأكل وهو صائم وكان هذا الصيام نافلة فإنّه لا يترتب عليه حينئذ قضاء ذلك اليوم.[٢١]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 60 - 61. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 37. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 20 - 21. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 51-52. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهيّة الكويتية، صفحة 47. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 54. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهيّة الكويتية، صفحة 29. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:185
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 45 - 46. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 31-32. بتصرّف.
  11. رواه ابن كثير، في تحفة الطالب، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:232، حديث إسناده جيد.
  12. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 57. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 290. بتصرّف.
  14. مرعي الشهري، أحكام المجاهد بالنفس، صفحة 294-295. بتصرّف.
  15. ابن باز، كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 173-174. بتصرّف.
  16. سورة البقرة، آية:184
  17. سورة الحج، آية:78
  18. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 56. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلاميّة، صفحة 17152. بتصرّف.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1155، حديث صحيح.
  21. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 31. بتصرّف.
5093 مشاهدة
للأعلى للسفل
×