حكم الإنفاق على الوالدين المشركين

كتابة:
حكم الإنفاق على الوالدين المشركين

حكم الإنفاق على الوالدين المشركين

أمر الله -سبحانه وتعالى- بالإحسان إلى الوالدين وطاعتهما في غير معصية، قال -تعالى-: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)،[١] وشروط وجوب نفقة الوالدين كما يأتي:[٢]

  • أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم.
  • أن تكون لمن تجب عليه النفقة أي من يمتلك مالاً فاضلاً عن نفقة نفسه، إما من ماله الحاصل لديه وإما مما يكتسبه.

تعددت أقوال أهل العلم في حكم الإنفاق على الوالدين المشركين، وتفصيل هذه الأقوال فيما يأتي:[٣]

  • القول الأول: ذهب الحنفية والشافعية والمالكية ورواية للإمام أحمد وابن القيم إلى وجوب النفقة على الوالدين المشركين، مستدلين بما يأتي:[٤]
    • عموم الأدلة الآمرة بصلة الأرحام قال -تعالى-: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).[٥]
    • قال ابن القيم: "وليس من صلة الرحم ترك القرابة تهلك جوعاً وعطشاً وعرياً، وقريبه من أعظم الناس مالاً، وصلة الرحم واجبة وإن كانت لكافر، فله دينه وللواصل دينه".
    • تأكد قرابة الوالدين عن غيرهما من الأقارب.
  • القول الثاني: في رواية عن الإمام أحمد أفادت بعدم وجوب النفقة على الوالدين المشركين، وأدلة القائلين بعدم الوجوب كما يأتي:
    • قوله -تعالى-: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلك)،[٦] إن الله -سبحانه وتعالى- خصَّ نفقة الولد على وارث ولا ميراث بين المسلم والكافر.
    • إنَّه لا صلة بين المسلمين والكفار. ويُجاب عنه بأنَّ الصلة المنفية هي النصرة والرضا بدينهم وليست الصلة المتعلقة بالإحسان.

الفرق بين النفقة والميراث

بيَّن بعض العلماء أن اشتراط اتفاق الدين في ثبوت الميراث بين الابن وابنه لا يستلزم اشتراطه في النفقة وذلك لاختلاف المقصود بين البابين، قال ابن القيم: "وقياس النفقة على الميراث قياس فاسد فإن الميراث مبناه على النصرة، والموالاة بخلاف النفقة فإنها صلة ومواساة من حقوق القرابة، وقد جعل الله للقرابة حقاً -وإن كانت كافرة- فالكفر لا يسقط حقوقها في الدنيا".[٧]

ومن صور إحسان الصحابة إلى آبائهم المشركين؛ إحسان أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- لأمها فقد سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (قدِمَتْ عليَّ أمِّي وهي مُشركةٌ في عهدِ قُرَيشٍ إذ عاهدوا، فأتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي قَدِمَتْ وهي راغبةٌ، أفأَصِلُها؟ قال: نعم، صِلِي أمَّكِ).[٨]

الوصية للوالدين المشركين

شرع الإسلام الوصية للإنسان بشيء من المال لوالديه المشركين لأنَّهما لا يرثانه إذا مات ومما يستدلُّ به على ذلك ما جاء عن عِكْرمةَ: "أنَّ صفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ باعتْ حُجْرتَها مِن مُعاويةَ بمئةِ ألفٍ، وكان لها أخٌ يَهوديٌّ، فعرَضَت عليه أنْ يُسلِمَ فيَرِثَ، فأبى، فأوصَتْ له بثلُثِ المئةِ"،[٩] وإذا ثبتت الوصية للأخ المشرك فإنها تثبت للوالدين من باب أولى.

المراجع

  1. سورة لقمان، آية:15
  2. ابن ضويان، منار السبيل، صفحة 2-305.
  3. هو شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، صفحة 5-183. بتصرّف.
  4. ابن القيم، أحكام أهل الذمة، صفحة 2-791.
  5. سورة النساء، آية:1
  6. سورة البقرة، آية:233
  7. ابن القيم، أحكام أهل الذمة، صفحة 2-139.
  8. رواه البخاري، في الجامع الصحيح المسند، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:2620.
  9. اللجنة العلمية (--2222)، "الوصية للذمي"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2022.
6243 مشاهدة
للأعلى للسفل
×