حكم الإيمان بالحظ

كتابة:
حكم الإيمان بالحظ

مفهوم الحظ

الحظّ في الّلغة هو النّصيب المقرر والمقدّر للإنسان، الذي كتبه الله-تعالى- على كل فردٍ من خيرٍ أو شر،[١] بدليل ما قالَه رَسُولُ اللهِ "كُلُّ شيءٍ بقَدَرٍ، حتَّى العَجْزِ وَالْكَيْسِ، أَوِ الكَيْسِ وَالْعَجْزِ"،[٢] أيّ لا يَقعُ شيء من مَشيئة الله -عزّوجلّ- وتَقديره إلّا بعلمه، فالعجز هو عدم قدرة الإنسان على فعل ما يجب وتركه، والكَيْسُ هوَ الجدّ في العمل، فالله -تعالى- يعلم بالأشياء قبل تكوينها وكتابتها،[٣] فكلمة الحظّ تمّ ذكرها في القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}،[٤] وقد فسّر الطّبري الحظّ العظيم بالجنّة لمن جدّ وثابر،[٥] حيث قال ابن كثير بأنه كلّ نصيبٌ وافرٌ من السّعادة في الدّنيا والآخرة، وفي هذا المقال سيتم التعرف على حكم الإيمان بالحظّ.[٦]

حكم الإيمان بالحظ

على الإنسان أن يعلم أنّ الله-تعالى- قسّم الأرزاق بين عباده، وكتب الأقدار في الّلوح المحفوظ على كلّ خلقه من خيرٍ أو شرٍ، وفاوت بين أعمار البشر وآجالهم،[٧] حيث إنّ الله-تعالى- قال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}،[٨] فحكم الإيمان بالحظّ مرتبطٌ بعقيدة الإنسان الإسلامية، وفهمها الفَهم الصحيح بحيث يدرك أنّ الحظّ هو القضاء والقدر الذي كتبه الله -عزّ وجلّ- على عباده، وقد جعله-تعالى- من أركان الإيمان، التي لا يكتمل إسلام المسلم إلّا إذا صدّق يقينًا تامًا من القلب بأركان الإيمان؛ فآمن بها وأتبعها بالعمل الصّالح.[٩]

الإيمان بالقضاء والقدر

الإيمان هو أساس العقيدة الإسلامية، وهو كلّ ما وقر في القلب، وصدقته الجوارح بالأعمال الصّالحة، وهي ستة أركانٍ كما أخبر عنها الله -تعالى- وأخبر عنها رسول الله؛ وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره،[١٠] وذلك دليل ما قاله الله -تعالى- في كتابه: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}،[١١] وأمّا من السّنة النّبوية فحديث جبريل -عليه السّلام- عندما جاء يسأل النّبي الكريم عن الإيمان فيما يرويه عمر بن الخطاب حيث قالَ: "فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ"،[١٢] وهذا يوجب التّصديق الجازم بها، ولا يتمّ إيمان الفرد إلّا بها كاملة من غير التّجزئة بينها، ويُعدّ الإيمان بالقضاء والقدر هو آخر ركن من أركان الإيمان التي تستوجب الإيمان بأنّ مشيئة الله -عزّ وجلّ- واقعة منذ الأزل، بما قدّره الله-تعالى- على عباده،[١٣] ولا يكتمل إيمان المسلم حتى يدرك أنّ ما أصابه لم يكن ليخطؤه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فكلّه مكتوب في الّلوح المحفوظ،[١٤] بدليل قول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}،[١٥] فإذا أدرك الإنسان حقيقة أنّ الإيمان بالقضاء والقدر واجب عليه ولا يكتمل إيمانه إلّا به؛ يتولد لديه فوائد وثمراتٍ كثيرةٍ، أولها الإتكال على الله -عزّ وجلّ- عند فعل الأسباب المؤدية للعمل، واطمئان قلبه، والشعور بالراحة؛ لأنّ كلّ شيء مقدر، وكلّ ما يحدث من خير أو شر فهو بعلم الله الأزلي؛ فتهون عليه الإبتلاءات، ويستسلم لقدر الله الذي فيه الخير الكثير، فحكم الإيمان بالحظ هو نفسه الإيمان بالقضاء وكلاهما مرتبط بالعقيدة الإسلامية.[١٦]

المراجع

  1. "معنى الحظ وأهمية الأخذ بالأسباب في جلب الرزق"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن طاووس بن كيسان اليماني، الصفحة أو الرقم: 2655، صحيح.
  3. "شرح الأحاديث"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  4. سورة سورة فصلت، آية: 35.
  5. "التفسير"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2020. بتصرّف.
  6. "التفسير"، quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2020. بتصرّف.
  7. "حكم قول: "حظ طيب" أو "حظ سيء""، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  8. سورة سورة القمر، آية: 49.
  9. "حكم نسبة الأمور المرضية وغيرها للحظ"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  10. " أركان الإيمان (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  11. سورة سورة البقرة، آية: 285.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  13. "الإيمان بالقضاء والقدر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  14. "الإيمان بالقضاء والقدر"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
  15. سورة سورة الحديد، آية: 22.
  16. "الإيمان بالقضاء والقدر (معناه وأركانه وثمراته)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2020. بتصرّف.
4456 مشاهدة
للأعلى للسفل
×