حكم البيع بالتقسيط بدون فوائد وهل يجوز للذهب؟

كتابة:
حكم البيع بالتقسيط بدون فوائد وهل يجوز للذهب؟


حكم البيع بالتقسيط

البيع بالتقسيط من أنواع البيوع المنتشرة كثيرًا في الوقت الحالي، وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة حول جواز هذا الشكل من أشكال البيع، وما هي الاعتبارات الواجب توافرها فيه كي يكون مُباحًا؟ وهل يمكن زيادة سعر السلعة إذا كانت بالتقسيط؟


بيع التقسيط: هو إحدى صور البيع التي يقبض فيها المشتري السلعة ويقوم بدفع الثمن للبائع على دفعات، أو يقوم بتأجيل دفع الثمن كاملًا لأجل محدّد، وقد يزيد البائع من ثمن السلعة إذا كان البيع بالتقسيط وقد لا يزيد، وفيما يأتي بيان لحكم بيع التقسيط في هاتين الحالتين:[١]


في حالة عدم زيادة السعر

إنّ البيع بالتقسيط في حالة عدم زيادة السعر هو بيع جائز، حيث قال بهذا جمهور الفقهاء ومن بينهم أصحاب المذاهب الأربعة، وقد استندوا في هذا الحكم إلى أدلة شرعية من القرآن الكريم، والسنّة النبوية، والمعقول، وفيما يأتي ذكر بعض هذه الأدلة وتوضيح وجه دلالتها على الجواز:[٢]

  • قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}،[٣] فدلّت هذه الآية على جواز البيع وتأجيل قبض الثمن، وهو مضمون البيع بالتقسيط.[٤]
  • قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (اشْتَرَى رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِن يَهُودِيٍّ طَعَامًا بنَسِيئَةٍ، ورَهَنَهُ دِرْعَهُ)،[٥] فيتبيّن من هذا الحديث أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد اشترى وأجّل دفع الثمن وفعله -صلّى الله عليه وسلّم- تشريع لأمته.


في حالة زيادة السعر

تعدّدت أقوال الفقهاء في جواز بيع التقسيط في حالة زيادة السعر، فذهب جمهور العلماء ومنهم الفقهاء الأربعة إلى القول بجواز هذا البيع، لأنّ زيادة السعر تقابل المدّة التي سينتظرها البائع حتّى يحصل على كامل حقّه، ولأنّ السلع تتغيّر أسعارها مع مرور الزمن، ووافقهم على هذا كثير من الفقهاء المعاصرين منهم وهبة الزحيلي، وعلي قرّة داغي، ومجمع الفقه الإسلامي، وغيرهم، واستدلوا بنصوص شرعية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.[٦]


وذهب بعض أهل العلم قديمًا وحديثًا إلى القول بحرمة بيع التقسيط في حالة زيادة السعر؛ ومنهم زين العابدين علي بن الحسين، والألباني، وغيرهم، واستدلوا ببعض الأحاديث النبوية والقياس وسد الذرائع.[٧]


حكم بيع الذهب بالتقسيط

قال الفقهاء بحرمة بيع الذهب بالتقسيط ونقل ابن هبيرة الإجماع على ذلك،[٨] كما ذهب الإفتاء الأردني إلى حرمة بيع الذهب بثمن مؤجّل.[٩] واستدلّ الفقهاء بجملة من الأحاديث النبوية، ومنها ما يأتي:[٨]

  • قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ولا تُشِفُّوا بَعْضَها علَى بَعْضٍ، ولا تَبِيعُوا الوَرِقَ بالوَرِقِ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ولا تُشِفُّوا بَعْضَها علَى بَعْضٍ، ولا تَبِيعُوا مِنْها غائِبًا بناجِزٍ).[١٠]
  • قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ).[١١]


حكمة جواز البيع بالتقسيط

استند القائلون بجواز بيع التقسيط إلى المعقول؛ وهو مراعاة ظروف الناس وإباحة ما يحتاجون إليه من المعاملات ما لم تتضمّن مخالفات شرعية، ولبيع التقسيط الكثير من المنافع لجميع الأطراف، وفيما يأتي بيان لحكمة جواز البيع بالتقسيط بالنسبة للبائع والمشتري والتاجر:[١٢]

  • يمكن للبائع من خلال البيع بالتقسيط التنويع بطرق بيعه والترويج لبضاعته وزيادة أرباحه من خلال زيادة الإقبال على الشراء من عنده، ولهذا أثر في نمو المجتمع على الصعيد الاقتصادي.
  • يتمكّن المشتري من خلال البيع بالتقسيط من امتلاك السلعة التي يحتاجها حتّى وإن كان لا يملك ثمنها كاملًا، وهذا فيه مراعاة كبيرة لحاجات الناس.
  • يمكن لبعض التجّار ممّن لا يملكون مالًا لشراء البضائع أن يقوموا بأخذها بالتقسيط وتسديد ثمنها على دفعات بعد بيعها لأطراف أخرى.


المراجع

  1. عبد االله أبو وهدان، أحمد نوفل، أحكام بيع التقسيط في الفقه الإسلامي، صفحة 420. بتصرّف.
  2. عبد االله أبو وهدان، أحمد نوفل، أحكام بيع التقسيط في الفقه الإسلامي، صفحة 424-425. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:282
  4. حسن السيد حامد خطاب، بيع التقسيط وتطبيقاته المعاصرة، صفحة 11. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2096، حديث صحيح.
  6. عبد االله أبو وهدان، أحمد نوفل، أحكام بيع التقسيط في الفقه الإسلامي، صفحة 427. بتصرّف.
  7. عبد االله أبو وهدان، أحمد نوفل، أحكام بيع التقسيط في الفقه الإسلامي، صفحة 433. بتصرّف.
  8. ^ أ ب هند بنت عبدالعزيز بن باز، بيع الذهب بالآجل وصوره المعاصرة، صفحة 7-8. بتصرّف.
  9. "من أحكام بيع الذهب والتجارة به"، دار الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 17/6/2021. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2177، حديث صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1587، حديث صحيح.
  12. عبد االله أبو وهدان، أحمد نوفل، أحكام بيع التقسيط في الفقه الإسلامي، صفحة 426. بتصرّف.
3954 مشاهدة
للأعلى للسفل
×