حكم التمثيل بالجثث

كتابة:
حكم التمثيل بالجثث


حكم التمثيل بالجثث

تقضي الشريعة الإسلامية بحرمة التمثيل بالجثث، فقد كرّم الإسلام بني آدم سواء كان حياً أو ميتاً، ومن هذا التكريم كان تحريم العبث بأجساد الموتى في سبيل الاستمتاع والاستهزاء أو إطفاء الغضب أو الانتقام.[١]

ودليل تحريم التمثيل من القرآن الكريم والسنة النبوية فيما يأتي:

  • قال -تبارك وتعالى- في سورة المائدة: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)،[٢]وفي الآية تعظيم للنفس البشرية وقتلها فكيف بالتمثيل بها بعد القتل وتشويهها بأي شكل.[٣]
  • قال -تعالى- في كتابه العظيم: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)،[٤]وتفيد الآية الكريمة؛ أنَّ الله -تعالى- فضّل البشر على غيرهم من المخلوقات بالعلم والعقل.
ومن هذا التفضيل أيضاً في طهارتهم بعد الموت، فالخالق كرم بني آدم ولا يصح لعبد أن يهدر كرامته بعد موته من خلال الاستمتاع بالتنكيل والتمثيل في أجسادهم بغرض الانتقام أو التسلية فجراً وقبحاً.[٥]
  • قال الصحابي شداد بن أوس اثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قالَ: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)،[٦]وعليه فهذا يشير لنهي الإسلام عن قطع شيء من الجثث أو بقر البطن وتفريغه أو الحرق بالنار.[٣]
  • عن عبد الله بن يزيد الخطمي قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ النُّهْبَى والمُثْلَةِ)،[٧]وفي الحديث تأكيد على تعظيم الإسلام لحرمة الإنسان ومنع إهدار كرامته، وقد كان والنهي عن التعرّض له والعبث بجثته بتقطيع أعضاؤه وأطرافه مثل الأنف والأذنين أو فقء العينين وغير ذلك.[٨]
  • أمرت الشريعة الإسلامية بالإحسان حتى في طريقة القتل دون إساءة وإهدار للكرامة، فالإسلام دين الرحمة وقد بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- رحمةً للعالمين حتَّى في قتل من يَستَحِق.

تعريف التمثيل بالجثث

المثلة تعني تشويه الجسد من خلال قطع أو بتر الأعضاء للميت أو للحي،[٩]فنقول مَثَلْتُ بالحيوان، إذاً قمت بتقطيع أطرافه وتشويهه، ومَثَلْتُ بالقَتيل، إذاً قطعت أنفه أو أذنه أو يديه أو رجليه أو شيئاً من أطرافه، والقول مَثَّلَ، بتشديد الثاء هي صيغة مبالغة.[١٠]

التمثيل بمن بدأ بالتمثيل

ومن أهل العلم من قال أنه يجوز التمثيل بالكفار إذا بادر الكفار بفعل ذلك بالمسلمين من باب المعاملة بالمثل، قال الله -تعالى-: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)،[١١]وفي الحديث قال عمران بن حصين -رضي الله عنهما-: (مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ)،[١٢]والترك هو الأفضل.[١٣]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 60. بتصرّف.
  2. سورة المائدة، آية:32
  3. ^ أ ب "حكم التمثيل بالجثث والقتل بالحرق والصعق وغير ذلك"، بوابة الأزهر، 4/1/2016، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2022. بتصرّف.
  4. سورة الإسراء، آية:70
  5. جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، تفسير الجلالين، صفحة 289.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:1955، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن يزيد الخطمي، الصفحة أو الرقم:2474، صحيح.
  8. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2022.
  9. "تعريف ومعنى المثلة"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2022. بتصرّف.
  10. ابن الاثير، النهاية، صفحة 294. بتصرّف.
  11. سورة النحل، آية:126
  12. رواه شعيب الارناؤوط، في تخريج المسند، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:19858.
  13. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 314. بتصرّف.
4334 مشاهدة
للأعلى للسفل
×